أخطاء متكررة يجب على المستثمرين تجنبها

جوناثان غوثري
بعض الناس مولعون بجمع السيارات الكلاسيكية، وآخرون شغوفون بجمع الخزف الصيني، أما أنا فأجد متعتي في جمع الأخطاء، سواء كانت أخطائي أم أخطاء الآخرين.

وقد يكون من المزعج إدراك مدى قدرتنا على الوقوع في الخطأ، لكن الأخطاء يجب أن تساعدنا على فهم الكيفية التي تعمل بها عقولنا.

إننا إذا فهمنا عقولنا بشكل أفضل، فيجب أن نكون قادرين على تجنب الأخطاء بسهولة أكبر، خاصة ذلك النوع الذي يكلفنا أموالاً كثيرة.

لكن أحياناً يقع الناس في أخطاء مهولة، ففي القرن التاسع عشر، تنازلت ألمانيا عن حقها في جزيرة زنجبار، وهي مركز تجاري مربح، مقابل قطاع كابريفي، أو ما يطلق أحياناً قطاع زامبيزي، وهو مجرد ممر أرضي ناءٍ في قلب أفريقيا كانت تسيطر عليه بريطانيا.

وكان هذا رابطاً للمستعمرين الألمان في جنوب غرب القارة بنهر زامبيزي العظيم، وكان من المفترض أن يمنحهم طريقاً تجارياً مهماً إلى الساحل الشرقي.

ويبدو أن ألمانيا أغفلت أو قللت من شأن شلالات فيكتوريا، التي تبعد 40 ميلاً عن مجرى النهر، فأنت لن ترغب في تجاوز هذه الشلالات التي يبلغ ارتفاعها 350 قدماً على متن سفينة بخارية.

المسؤول الحكومي الذي سمي القطاع باسمه، الكونت فون كابريفي، يذكر الآن كصانع صفقات فاشل رغم أنه كان لديه شارب رائع، فلقد سمح لحماسه أن يتقدم على معرفته.

هذه الزلة تحدث عندما نفترض أن الوضع يتحدد بالكامل من خلال المعلومات المحدودة التي نمتلكها، والمستثمرون هم أيضاً معرضون لهذا الخطأ عندما نتخيل، على سبيل المثال، أن الجزء الكمي من كارثة مؤسسية ناشئة هو الأمر برمته.

ويحدث هذا مراراً وتكراراً، ففي عام 2011، أعلنت شركة لويدز بحسابات خاطئة أن تكلفة بيع المنتجات التأمينية ستكلفها 3.2 مليارات جنيه إسترليني، لكن التكلفة النهائية تجاوزت 20 مليار جنيه إسترليني.

وكانت التقديرات الأولية للتكلفة أيضاً منخفضة للغاية عندما تم الكشف عن مزاعم غسل الأموال في بنك دانسك عندما تعطلت الأجهزة الطبية التي تصنعها شركة فيليبس.

وقد تمكنت، ومعي زميلي ستيوارت كيرك، كاتب عمود فايننشال «تايمز موني»، من تحديد أوجه العجز في المصرف الدنماركي وشركة التكنولوجيا الطبية الهولندية بشكل صحيح.

في مهمة سابقة كمعلق في سوق لندن للأوراق المالية، اقترحت بغطرسة كبيرة أن لويدز قد قامت بتضخيم تقديرها الأولي للمسؤولية حتى تتمكن من الإفراج عن المخصصات لاحقاً. وأتذكر ذلك الخطأ في كل مرة يضيف فيها البنك ملياراً آخر إلى تقديرات نفقات البيع الخاطئ. عموماً، لقد ارتكبت العديد من الأخطاء كمستثمر خاص أيضاً، وفيما يلي 4 أخطاء آمل ألا أكررها أبداً:

1-التخطيط لاستعادة سعر الشراء في استثمار سيئ: في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استخدمت برنامج ادخار في مكان العمل لشراء أسهم في شركة بيرسون، التي كانت تمتلك صحيفة فايننشال تايمز حتى عام 2015.

واعتقدت بشكل خاطئ تماماً أن التعليم مطلوب عالمياً، وأن بيرسون مؤهلة بشكل فريد لتقديمه، فاستثمرت عند سعر يزيد قليلاً على 12 جنيهاً إسترلينياً للسهم، وقمت ببيع الأسهم بسعر نحو 10.50 جنيهات إسترلينية قبل بضعة أشهر.

كنت أكره البيع بأقل من سعر الشراء الأصلي، لأنه كان يعني تحويل الخسارة إلى خسارة محققة والاعتراف بأنني خاسر، وإن كان ذلك في مجال الاستثمار الضيق في الشركات التعليمية متعددة الجنسيات. كان من الأفضل التفكير في استثماراتي بشكل شامل، دون غرور، والبيع في وقت مبكر.

2-التفكير في الأسعار الاسمية: كان من الممكن أن أخدع نفسي بأن خسارة 1.50 جنيه إسترليني في السهم ليست سيئة للغاية عندما تعوضك سلسلة من العوائد عن ذلك، لكن من حيث القيمة الحقيقية، المعدلة للتضخم، كان استثماري لا يزال أقل بنسبة 14 في المئة، شاملاً العوائد.

والهدف الوحيد من الاستثمار هو أن تتمكن أنت أو أي شخص آخر من إنفاق المال على السلع أو الخدمات في المستقبل، لذلك تحتاج إلى تعديل أرقام العوائد لمراعاة تضاؤل القوة الشرائية للمال. يجب عليك أيضاً قياس أداء محفظتك بالنسبة إلى معايير المخاطر المنخفضة.

3-الشراء بسعر مرتفع والبيع بسعر منخفض: لا يفعل أحد هذا عن قصد، لكن معظم المستثمرين الأفراد يندمجون في السوق ويتخارجون منه. وغالباً ما نصل متأخرين إلى حفلات السوق وجنازاته.

تتمتع الأعمال الناجحة أو القطاعات الرائجة بهالة جذابة، بينما يلتصق الفشل والإحباط بالصناعات التي تعاني، ويتحمل المعلقون الماليون جزءاً من المسؤولية. عندما اعترفت بذلك لمدير صندوق سابق، قال لي:

«لا تقلق، الصحافيون يتبعون الاتجاهات بشكل طبيعي»، جعلني هذا أشعر بتحسن، حتى أدركت أن «متابعة الاتجاه» وصف ينطبق أيضاً على الحيوانات التي تحمل الصوف وتتحرك في قطعان وتفتقر إلى غريزة البقاء الأساسية.

وأحد الحلول هو تجنب «توقيت السوق»، كم يطلق على محاولات شراء الأسهم بأسعار منخفضة وبيعها بأسعار مرتفعة، لكن هذا أصعب بكثير مما يبدو، معظمنا يستثمر الأموال دفعة واحدة ويسحبها بالطريقة نفسها، وبهذا تكون تحريت توقيت السوق، حتى وإن لم يكن لديك نية لذلك.

4-السرد القهري: يمتلك البشر شغفاً لا ينضب حيال السرد القصصي. وتساعدنا القصص على التكيف مع عالم تسوده الفوضى في كثير من الأحيان، لكن من السهل البدء في بناء سرد يفتقر إلى الأسس الحقيقية.

ففي فترة من حياتي، وبدافع من حماس الشباب وسذاجتي، كتبت مرة أن سوق الأسهم اليابانية المزدهرة لا يمكن أن تنهار، فوزارة المالية ببساطة لن تسمح بذلك، لكن، كما شهدنا، انخفضت الأسهم في طوكيو إلى النصف في عام 1990، ما أدى إلى ثلاثة عقود من الركود.

صحيح أن بعض الدول الآسيوية تتمتع بثقافات أكثر توافقية مقارنة بالثقافات الغربية، لكن ليس صحيحاً أن هذا يسمح لحكوماتها بتحديد أسعار الأسهم.