تعرض مُطورو الأدوية لسلسلةٍ من المشاكل. فقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى خفض قيمة إنجازاتهم. كما تراجعت عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع. لكن مؤخراً، فقد أدى تفاقم حالة عدم اليقين بشأن سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه قطاع الصحة إلى عدم وضوح كبير في الرؤية لدى هؤلاء المطورين.
وأدى رحيل بيتر ماركس، كبير المُنظمين في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الذي استقال بعد مُهاجمته «المعلومات المُضللة والأكاذيب» التي نشرها روبرت إف كينيدي الابن، إلى تراجع أسهم القطاع.
وتراجع سهم شركة موديرنا المُصنّعة للقاحات بنحو العُشر. كما انخفض مؤشر XBI، الذي تجرى مراقبته من كثب، بأكثر من النصف منذ ذروته في عام 2021.
وعلى نطاق أوسع، من المرجح أن يؤدي عدم اليقين بشأن البيئة التنظيمية - الذي تفاقم بسبب تقارير التسريح الجماعي للعمال في وكالات الصحة - إلى تأخير استئناف عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع. وانخفضت قيمة عمليات الاستحواذ في مجال التكنولوجيا الحيوية من قبل الشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية إلى 35 مليار دولار العام الماضي.
بتراجع نسبته 70% عن عام 2023 وأقل من سدس ذروة عام 2019، وفقاً لأرقام «بيرنشتاين». كما أصبح إيجاد طرق أخرى لدفع تكاليف تطوير الأدوية أكثر صعوبة. وهذه حبة مريرة يصعب ابتلاعها لدى الشركات التي يتمثل الهدف النهائي لها في الاستحواذ عليها من قبل شركات الأدوية الكبرى.
في حين لا يزال هناك القليل من عمليات الاستحواذ - بما في ذلك عرض أسترازينيكا الأخير بقيمة مليار دولار لشراء شركة «ايزوبيوتيك» - ركزت شركات الأدوية الكبرى إلى حد كبير على صفقات الترخيص، وغالباً مع شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية. وهذه رهانات أرخص على الأدوية في مرحلة مبكرة، والتي تنطوي على دفعة مقدمة صغيرة بالإضافة إلى وعد بأموال أكبر بمجرد إثبات فعالية العلاجات.
لكن هناك أكثر من سبب للاعتقاد بانتعاش عمليات الدمج والاستحواذ ولعل أبرزها هو أن التكنولوجيا الحيوية تُمثل الحل الأمثل للمشكلة المزمنة لشركات الأدوية. ويواجه القطاع أزمة براءات اختراع في نهاية هذا العقد.
فبحلول ذلك الوقت ستواجه الأدوية، التي تُمثل حالياً حوالي 200 مليار دولار من الإيرادات، منافسة من الأدوية الجنيسة. وتشمل هذه الأدوية أدويةً ناجحةً مثل كيترودا من مجموعة ميرك الأمريكية، والذي يُحسّن قدرة الجهاز المناعي على مكافحة السرطان.
وبالطبع، ليس الاستحواذ على شركات التكنولوجيا الحيوية هو السبيل الوحيد لملء خطوط إنتاج الأدوية. فهذا هو هدف أقسام البحث والتطوير الداخلية. ولا يُحبّذ المستثمرون أن تُهدر شركات الأدوية العملاقة أي فرصة نمو قديمة. إنهم يُريدون أدويةً ناجحةً محتملة، وخاصةً تلك الموجودة في مجالات العلاج السريع مثل المناعة والأورام والسمنة.
مع ذلك، ومع اقتراب جدار براءات الاختراع من السقوط، من المُرجّح أن تنهار بعض مواقع شركات الأدوية الكبرى. ويُعدّ التركيز الاستراتيجي والذكاء المالي أساسيين لازدهار الشركات على المدى الطويل. ولكن عندما يتراجع الزخم، يصعب مقاومة فرصة الحصول على دفعة قوية.