الأسواق قد تزداد تدهوراً وبصورة أسرع

كاتي مارتن

وعد البيت الأبيض في جدوله الزمني لضرائب ترامب التجارية المتخبطة الأسبوع الماضي بأن الأسواق ستتاح لها الفرصة «للاستجابة عندما تترسخ آثار القوة الأمريكية المتجددة».

فهل كان رد الفعل الذي شهدناه هو ما قصده البيت الأبيض حقاً؟ لقد كان هذا الرد محفوفاً بالمخاطر، حيث أثارت التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس حالة فوضى وقلق في الأسواق.

ما عليك إلا النظر إلى الانخفاض الكارثي للأسهم الأمريكية، والمسارعة في التسعير على أساس حدوث حالة ركود، ما تردد صداه في كافة فئات الأصول وفي كل جزء من العالم.

لم يطرف لترامب جفن خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما يعني أن هذا الأسبوع لم يبدأ بشكل أفضل، مع انخفاضات كبيرة في أسهم آسيا وأوروبا، وهذا سيء بما فيه الكفاية.

فلقد تعرضت مدخرات التقاعد وصناديق المعاشات التقاعدية، إضافة إلى عرض خطط التقاعد «401 كيه» الأثيرة لدى الأمريكيين والتي تحظى بمراقبة شديدة، لضربة قاسية. إنها حلقة من تدمير الثروة العبثي وغير الضروري وغير المنطقي، والتي ستلقي بظلال طويلة على حالة الاستثمار في الأسواق الأمريكية.

رغم ذلك، فقد تزداد الأمور سوءاً، وبسرعة. فمن الواضح بالفعل أن صناديق التحوط ومستثمرين آخرين يقعون ضحية لتداعيات ما يحدث. وبمجرد حدوث ذلك، فمن الممكن أن تنشأ حلقات هلاك تعزز نفسها بنفسها.

والأدلة منتشرة على ذلك عبر الأسواق، وأكبر مثال السندات الحكومية الأمريكية. فليس من المفاجئ أن أسعار السندات الحكومية الأمريكية ارتفعت الأسبوع الماضي بعدما كشف ترامب خططه، فتزايد الطلب على أصول الملاذ الآمن مثل سندات الخزانة الأمريكية، وإن كان الطلب قد بدأ بطيئاً في هذه الحالة، وهو أمر طبيعي في حالات الصدمة.

المفاجأة، والشيء المثير للقلق، أن السندات عكست اتجاهها وانخفضت بشدة بعد ظهر الجمعة الماضي، ما يعني أن المستثمرين يتخلصون مما يمكنهم بيعه، وليس بالضرورة ما يريدون بيعه، في محاولة لرأب الفجوات التي تعتري محافظهم الاستثمارية. وينطبق الأمر نفسه على الذهب.

فرغم اتجاه الجميع لشراء الذهب في أوقات الأزمات، إلا أن أسعاره تراجعت بصورة حادة في الساعات الأخيرة الأسبوع الماضي، وهو مؤشر آخر على بيع المستثمرين للأصول الجيدة لتعويض التداعيات في فئات أخرى.

انخفاض أسعار الأصول الخطرة مشكلة في حد ذاتها، أما تأثر الأصول الآمنة فأنت حقاً في ورطة. كانت تلك نقطة تحول خلال أزمة فيروس كورونا قبل خمسة أعوام، إذ أن الانخفاض المفاجئ لسندات الخزانة الأمريكية حينها يعد أوسع نطاقاً مقارنة بما شهدناه في عام 2025 حتى الآن. لكن عندما حدث، كان من الواضح أن التدخل كان مطلوباً.

والآلية هنا ذات شقين. الأول هو سعي المستثمرين النهائيين لسحب أموالهم من صناديق الاستثمار، ما يدع مديري الصناديق يتدافعون لتلبية طلبات الاسترداد وبيعهم ما يمكنهم بيعه ليتسنى لهم إعادة الأموال كما وعدوا. والجانب الآخر، هو طلبات تغطية الهامش، أو مطالبات المصارف بأن تقوم صناديق التحوط بتوفير السيولة سريعاً لسد الفجوة في الصفقات الفاشلة.

وكما ذكرنا يوم الجمعة الماضي، فإن هذه الطلبات آخذة في الازدياد حالياً بأسرع وتيرة منذ ذروة الجائحة.

ويكمن القلق حالياً في صفوف المصرفيين ومديري صناديق التحوط في أن خطباً ما سيسوء بصورة أو بأخرى. ويراقب مديرو صناديق التحوط بعضهم بعضاً عن كثب لمعرفة من منهم يمر بضائقة.

وما يزيد الطين بلة هو احتشاد المضاربين في مراكز استثمارية متشابهة. وحينما يتخذ المضاربون رهانات مختلفة، فمن الممكن أن تلغي هذه الرهانات بعضها بعضاً دون إثارة كثير من الجلبة.

رغم ذلك، فإن الاستثنائية الأمريكية، المتمثلة في دولار مرتفع وسندات أضعف وتفوق الأسهم الأمريكية على ما سواها من الأسهم العالمية، كانت مترسخة في استراتيجيات صناديق التحوط بداية العام، إلا أنها كانت في طور التفكك حينما أعلن ترامب استراتيجيته المفضلة للتعريفات الجمركية العالمية، بكل ما تنطوي عليه من غرائبيات.

ومطالبة البنوك بالسيولة النقدية في أجزاء من الأسواق المالية التي تراهن جميعها على الرهان نفسه، لا تنتهي عادة بشكل جيد. المثال الرئيس هنا هو الأزمة التي ضربت جزءاً من صناعة معاشات التقاعد في المملكة المتحدة بعد ميزانية ليز تراس «المصغرة» الكارثية لعام 2022.

فقد انخفضت أسعار السندات الحكومية، واضطرت الحسابات المرتبطة بتلك المعاشات التقاعدية إلى دفع السيولة النقدية، لذلك باعوا مزيداً من السندات الحكومية، فتراكمت مطالبات السيولة النقدية، وحدثت الفوضى.

حتى بيوت الاستثمار الغامضة يمكن أن تحدث أضراراً كبيرة. لم يكن أحد قد سمع عن مكتب عائلة أرتشيغوس قبل أن ينهار عام 2021، مثقلاً لمجموعة من البنوك بمليارات الدولارات من الخسائر. كان هذا أحد عيدان القش العديدة التي كسرت ظهر بنك كريدي سويس. المثال الأكبر، على الأرجح، هو صندوق التحوط لإدارة رأس المال طويل الأجل، أو LTCM، الذي انهارت رهاناته الممولة بالديون أولاً في آسيا، ثم في روسيا، ما أدى إلى مطالبته بعملية إنقاذ ضخمة عام 1998 لمنع خسائره من إصابة النظام المالي الأوسع بالشلل.

لسنا هناك بعد. لكن يوم الاثنين، انخفضت سندات الخزانة مرة أخرى، بينما بقي الذهب في موقف دفاعي. الأزمات ذاتية التعزيز لديها عادة التخمير بهدوء ثم الظهور بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

ويبدو أن الاحتياطي الفيدرالي بعيد عن القدرة على المساعدة، فتوقعات التضخم المتزايدة تجعل من الصعب خفض أسعار الفائدة وحتى لو فعل ذلك، فليس من الواضح أن ذلك سيساعد في تهدئة نوبة غضب السوق.

لذا ينتظر العالم المالي بأكمله تحولاً من ترامب. هل يمكن لأي شخص في إدارته أن يقنعه بالتراجع عن سياسته الرئيسية «يوم التحرير»، ربما بحثنا عن استجداء من قادة العالم الآخرين أو صفقات ذات مظهر فاخر؟

إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المرجح أن تبقى الأسواق في حالة انهيار وتستمر الأسهم في المعاناة.

لكن أي انخفاضات أخرى في الأصول الآمنة هي إشارة الضائقة الحقيقية التي يجب الانتباه إليها.