هنري فوي في لوكسمبورغ - تيم برادشو
استحوذ حلف شمالي الأطلسي (ناتو) على نظام عسكري متطور يعتمد على تقنيات ذكاء اصطناعي، من شركة «بالانتير» الأمريكية للبرمجيات، التي يرأس مجلس إدارتها المستثمر بيتر ثيل، أحد أبرز داعمي الرئيس دونالد ترامب، والذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع البنتاغون الأمريكي.
ويأتي خيار الحلف وسط مخاوف متصاعدة بين الأعضاء الأوروبيين من انسحاب أمريكي محتمل بعد تهديدات ترامب بوقف حماية القارة ما لم ترفع العواصم الأوروبية إنفاقها الدفاعي بشكل كبير. ويسارع الناتو أيضاً لمواكبة القدرات العسكرية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي ويطورها منافسون مثل الصين.
وأعلن الحلف أن نظام «مافن» الذكي من شركة بالانتير يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم الآلي ونماذج اللغة الكبيرة لتوفير «قدرة تشغيلية مشتركة وآمنة للقادة»، حيث سيتم استخدامه لدعم عمليات الناتو الجارية.
ويسابق الحلف الزمن لتعزيز قدراته التكنولوجية الدفاعية، إذ استغرق إبرام العقد 6 أشهر فقط - وهو «أحد أسرع العقود في تاريخ الناتو»، حسب وصف الحلف - ومن المتوقع أن يصبح النظام جاهزاً للتشغيل خلال ثلاثين يوماً القادمة.
وأكد الحلف أنه أتم عملية الاستحواذ الشهر الماضي، في خطوة «تظهر شراكة قوية ومستمرة بين القاعدة التكنولوجية لأمريكا الشمالية وأوروبا»، بينما لم يتم الكشف عن الشروط المالية للصفقة، لكنها على الأرجح ستكون واحداً من أهم العقود الدفاعية لشركة بالانتير هذا العام.
ويعد ثيل - أحد أبرز الشخصيات المحافظة في وادي السيليكون - داعماً بارزاً لترامب في ترشحه الأول للرئاسة عام 2016، كما لعب دوراً مهماً في دعم نائب الرئيس جي دي فانس في مسعاه الناجح ليتم اختياره كمرشح ترامب لمنصب النائب.
وحصلت «بالانتير» على عقود حكومية أمريكية تجاوزت قيمتها 2.7 مليار دولار منذ 2009، منها أكثر من 1.3 مليار دولار من وزارة الدفاع، وفقاً للسجلات الفيدرالية، فيما ارتفع سهم الشركة بأكثر من 300% خلال الاثني عشر شهراً الماضية، حيث يتوقع المستثمرون أن تستفيد الشركة من الإنفاق الدفاعي لإدارة ترامب، إضافة إلى استفادتها من العملاء التجاريين الذين يستخدمون أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
ويستخدم الجيش الأمريكي نسخته الخاصة من تقنية «مافن» التي طورتها شركة بالانتير، والتي شهدت تمديداً في سبتمبر الماضي بعقد قيمته 99.8 مليون دولار يمتد لخمس سنوات، فيما تم نشر نظام مماثل في أوكرانيا أيضاً.
وتعمل منظومة «مافن» على دمج صور الأقمار الصناعية في مصادر متعددة للمعلومات الميدانية، معتمدة على تقنيات التعلم الآلي لمسح الأهداف وتسريع وتيرة الهجمات.
ويعود تاريخ «مشروع مافن» في البنتاغون إلى عام 2017، حين بدأ باستخدام تكنولوجيا شركة غوغل، التي انسحبت لاحقاً من البرنامج عام 2018 بعد احتجاجات واسعة من آلاف الموظفين على استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الحربي.
وتقدم «بالانتير» لحلف الناتو نسخة مخصصة من «مافن» توفر منصة يمكن من خلالها دمج تطبيقات برمجية أخرى ومصادر بيانات متنوعة.
وقال شون ماناسكو، المستشار الأول في شركة بالانتير: «نفخر بدعم مساعي الناتو لتعزيز قدرات الردع عبر نشر منصة قتالية معززة بالذكاء الاصطناعي»، مضيفاً إن «هذه الشراكة تؤكد عزم الحلف على الريادة بجرأة من خلال الابتكار التكنولوجي».
وأوضح الناتو أن نظام «مافن الذكي» سيعمل على «تعزيز دمج المعلومات الاستخباراتية، وتحديد الأهداف، والوعي بساحة المعركة، والتخطيط العملياتي، وصناعة القرار».
من جهته، أكد الجنرال ماركوس لاوبنتال، رئيس أركان المقر العسكري للناتو في بلجيكا (شايب)، أن قيادة عمليات الحلفاء تتصدر مشهد تبني التقنيات الحديثة التي تزيد مرونة الحلف وقدرته على التكيف السريع ومواجهة التهديدات المستجدة.
وأضاف لاوبنتال: «الابتكار يمثل جوهر قدرتنا القتالية»، مشيداً بالنظام لقدرته على «الاستفادة من البيانات المعقدة، وتسريع عملية صنع القرار»، وإضافة «قيمة تشغيلية حقيقية».