سياسات ترامب تمنح الأفضلية للصين في سباق الطاقة العالمي

مارثا موير

أبدى محللون قلقهم من احتمال تفوق الصين على أمريكا بوصفها قوة مهيمنة في قطاع الطاقة العالمي، وذلك نتيجة للحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب، التي أدت إلى زعزعة استقرار منتجي النفط الأمريكيين، في الوقت الذي تواصل فيه بكين تعزيز تفوقها في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

وأعلن الرئيس الأمريكي مطلع الشهر نظاماً جديداً للرسوم الجمركية، أسفر عن انخفاض حاد في أسعار النفط، كما اتخذ خطوات لإنهاء جهود إدارة جو بايدن السابقة لبناء صناعة محلية للتكنولوجيا النظيفة قادرة على منافسة الصين.

وأشار تقرير بعنوان «صعوبات في القمة: التهديدات المحدقة بالهيمنة الأمريكية على الطاقة»، أصدرته شركة وود ماكنزي الاستشارية، إلى أن تعريفات ترامب تجعل من الصعب على منتجي النفط الأمريكيين المنافسة في «أسواق التصدير الأكثر جاذبية»، في حين تتخلف أمريكا «بشكل كبير» عن الصين في تقنيات مثل بطاريات الليثيوم أيون والسيارات الكهربائية والخلايا الشمسية.

ورغم أن إنتاج النفط الأمريكي ارتفع بشكل كبير خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن ليصل إلى مستويات تفوق إنتاج أي دولة في التاريخ، فإن تقرير وود ماكنزي يتوقع أن يبدأ هذا الإنتاج بالانخفاض بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، رغم تعهد ترامب بتقليص القيود التنظيمية وقيامه بإصدار أوامر تنفيذية لدعم استراتيجيته في مجال الطاقة المعروفة بشعار «احفر يا حبيبي، احفر!».

وسجل إنتاج النفط الخام الصيني في مارس 2025 مستوى قياسياً بلغ 19.03 مليون طن وفقاً للإحصاءات الرسمية.

وأوضح التقرير أن «الريادة الأمريكية في قطاع النفط ستظل قائمة لفترة من الوقت حسب المعطيات الحالية، غير أنها تواجه تحديات جدية قد تفضي إلى تراجعها تدريجياً».

ورغم تخلي ترامب عن تطبيق بعض الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنها خلال «يوم التحرير» في الثاني من أبريل، واستثنائه واردات الطاقة من بعض الرسوم، فقد أشعلت حربه التجارية المستعرة مع الصين فتيل مخاوف من ركود اقتصادي، ودفعت باتجاه موجة بيع حادة اجتاحت أسواق النفط خلال الأسابيع الماضية.

وقال جيسون بوردوف من مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: «إن انخفاض أسعار النفط قد يكون له، اعتماداً على مدى انخفاضها، تأثير كبير في إمكانية استمرار نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة وربما تتسبب في انخفاضه».

وأطلق تنفيذيون بقطاع النفط ومحللون متخصصون تحذيرات من أن الرسوم الجمركية، وبخاصة ضريبة الـ25% على واردات الصلب، ستفضي حتماً إلى ارتفاع ملموس في تكاليف إنتاج شركات النفط الصخري الأمريكية.

وفي هذا السياق، قال روبرت كلارك، نائب رئيس أبحاث المنبع بشركة وود ماكنزي: «مع فرض الرسوم الجمركية على الصلب والمعدات المستخدمة في حفر الآبار، تتنامى مخاوف المنتجين من احتمال تضخم تكاليف الإنتاج بين 5% و12%، ما يهدد بتقويض القدرة التنافسية للقطاع».

ودق منتجو النفط الصخري ناقوس الخطر محذرين من أنهم يواجهون أزمة غير مسبوقة منذ صدمة كوفيد عام 2020، بسبب انهيار أسعار النفط والحرب التجارية التي أشعلها ترامب وحالة الضبابية السياسية المحيطة بالقطاع.

وتتزامن هذه المخاوف مع تحذيرات أطلقها خبراء الطاقة وكبار التنفيذيين في قطاع الطاقة المتجددة من أن السياسة المعادية التي تنتهجها إدارة ترامب تجاه الطاقة الخضراء ستؤدي إلى تعزيز الهيمنة الصينية على هذا القطاع الاستراتيجي.

ولفت ديفيد براون، مدير قسم التحول في الطاقة بشركة وود ماكنزي، إلى أنه «سيصعب على أمريكا سد الفجوة مع الصين، إلا أن هناك بدائل أخرى، مثل تنويع مصادر الألواح الشمسية المنتجة محلياً»، مضيفاً: «لكن هذا الجدل يحتدم حالياً في أروقة الكونغرس حول حجم الدعم الحكومي الواجب تخصيصه لمصادر الطاقة المستقبلية».

ويرى بوردوف أن مساعي بناء سلاسل توريد محلية «ضمن إطار زمني معقول» تمثل «تحدياً أكبر بكثير مما يرغب صناع القرار في واشنطن بالاعتراف به».

وفي خطوة تعكس التوجه الجديد، ألغت إدارة ترامب الأربعاء مشروعاً لطاقة الرياح البحرية بقيمة 5 مليارات دولار كانت تطوره شركة «إكوينور» النرويجية قبالة سواحل نيويورك، في أحدث إجراءاتها لتقويض برنامج بايدن للطاقة المتجددة.

كما يضع ترامب في دائرة الخطر مئات المليارات من الدولارات المخصصة كقروض ومنح وحوافز ضريبية لمطوري تقنيات الطاقة النظيفة، ضمن جهوده لتفكيك «قانون خفض التضخم»، وهو تشريع مناخي أقره بايدن وكان مدججاً بالدعم لمشاريع عملاقة تستهدف فك الارتباط الأمريكي بالتكنولوجيا الصينية.

وتشير تقديرات وود ماكنزي إلى أنه رغم توقعات استمرار نمو إنتاج الطاقة منخفضة الكربون في أمريكا، فإن الحصة السوقية العالمية للصين في السيارات الكهربائية والبطاريات وتخزين الطاقة ستواصل توسعها، مستفيدة من ميزة التصنيع منخفض التكلفة التي تتمتع بها.