جود ويبر، هانا كوتشلر
تهيمن قمة كروج باتريك على أفق ويستبورت، وهي مدينة جميلة على ساحل المحيط الأطلسي الأيرلندي. وعلى الجانب الآخر، يهيمن على اقتصادها المصانع الرمادية الخالية من النوافذ، التي تنتج كل إمدادات «البوتوكس» في العالم لصالح شركة أمريكية، لكن الرئيس دونالد ترامب يريد نقل إنتاج «الأدوية» إلى الوطن.
وصعد الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع انتقاداته لعمليات الشركات الأمريكية في أيرلندا، حيث تؤثر تهديداته بفرض تعريفات جمركية لتشجيع المستثمرين على إعادة توطين صناعة الأدوية في أمريكا، 7000 شخص في ويستبورت، نحو 1500 منهم يعملون لدى «AbbVie» لصنع العقار الذي يزيل التجاعيد.
وقالت جيرالدين هوركان، الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة ويستبورت، التي عملت في شركة «Allergan» قبل استحواذ «AbbVie» عليها عام 2020: «الناس يحبسون أنفاسهم، الأمر يشبه طائرة تحلق بنمط الانتظار».
وأيرلندا قاعدة رئيسية لشركات الأدوية الأمريكية بما في ذلك فايزر وإيلي ليلي وجونسون آند جونسون. وإضافة إلى البوتوكس، الذي يغادر ويستبورت مسحوقاً في قوارير، ليتم مزجه بمحلول ملحي قبل حقنه في جباه المشاهير، أو لعلاج الشلل الدماغي والتشنجات العضلية، تنتج مصانع أيرلندا المكونات النشطة في الأدوية، بما في ذلك الفياجرا، وعلاج فقدان الوزن مونجارو، والستاتين لارتفاع الكوليسترول.
وتسارع أيرلندا في تصدير الأدوية إلى أمريكا قبل سقوط فأس التعريفات: في فبراير، كانت 91 % من جميع صادراتها من السلع إلى أمريكا عبارة عن مواد كيميائية ومنتجات ذات صلة تشمل سلعاً طبية وصيدلانية. وبلغت صادرات الأدوية الأيرلندية إلى أمريكا في الشهرين الأولين من العام نحو 20 مليار يورو، مقارنة بـ44 مليار يورو للعام بأكمله، وفقاً لبيانات التجارة الرسمية.
ورغم أن ترامب فرض تعريفات عالمية بمعدل 10 %، والتي أوقفها الأسبوع الماضي، في انتظار محادثات حول اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، إلا أن السلع الصيدلانية معفاة حالياً من التعريفات. ويقول وزير الخارجية والتجارة الأيرلندي، سيمون هاريس، إنه سيكون «غير مناسب» و«غريباً» أن تفرض أمريكا تعريفات خلال التفاوض.
لكن الهدنة تبدو غير مرجحة على نحو متزايد. أطلقت وزارة التجارة الأمريكية تحقيقاً بموجب «المادة 232» في القطاع ما يسمح للرئيس بتقييد الواردات التي تعتبر تهديداً للأمن القومي. وقال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، إن ذلك قد يؤدي إلى فرض تعريفات في «الشهر أو الشهرين المقبلين».
واشتكى ترامب خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن الشهر الماضي، من أن أيرلندا استحوذت على صناعة الأدوية الأمريكية بأكملها، وهاجم القطاع مرة أخرى يوم الاثنين قائلاً: لم نعد نصنع أدوية خاصة بنا. شركات الأدوية موجودة في أيرلندا وفي الكثير من الأماكن الأخرى – الصين.
وافتتحت «Allergan» مصنعاً لإنتاج محلول العدسات اللاصقة ومنتجات العناية بالعيون في ويستبورت عام 1977. أما الآن، المنتج الذي يجلب الأموال الحقيقية هو البوتوكس، لكن المنشأة تنتج أيضاً أدوية العناية بالعيون، ويتم بيع 70 % من إنتاج ويستبورت في أمريكا، وفقاً لأحدث البيانات الأيرلندية في عام 2023.
ولدى البوتوكس الآن منافسون يصنعون منتجات تشبهه كيميائياً. وتشمل الأدوية المنافسة «Dysport»، التي تنتجها شركة «Ipsen» الفرنسية و«Xeomin» من شركة «Merz» الألمانية. إلا أن AbbVie تقول إنها واثقة من قدرتها على الحفاظ على مكانتها القيادية.
وفي حين أن مبيعات البوتوكس لأغراض التجميل حقق صافي إيرادات بقيمة 2.72 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لـ«AbbVie»، فإن البوتوكس العلاجي حقق 3.3 مليارات دولار.
وستؤدي التعريفات لزيادة سعر الأدوية للمستخدمين، والتطبيقات التجميلية غير مشمولة بالتأمين الصحي الأمريكي.
واستثمرت «AbbVie»، التي لا تكشف رسمياً عن مكان تصنيع منتجاتها، 160 مليون يورو في منشأة بيولوجية ثانية في ويستبورت عام 2020، ولا يمكن نقل الإنتاج بين عشية وضحاها، كما قال بيتر فلين، عضو المجلس المحلي والمدير الدولي السابق للضرائب والمالية في «Allergan».
وقال فلين إن تصريحات ترامب الرخيصة لا تفيد أحداً. وأضاف: مع أتمتة خطوط الإنتاج ومعايير الجودة المتزايدة باستمرار، تغير التركيز في أيرلندا مع قيام الشركات متعددة الجنسيات الآن على توظيف أشخاص مؤهلين وذوي خبرة عالية، يلعب الكثير منهم دوراً رئيسياً في البحث والتطوير.
وتعد أيرلندا ثالث أكبر مصدر للأدوية في العالم، حيث تضم 90 موقعاً تزود الاتحاد الأوروبي ودولاً أخرى إضافة إلى أمريكا. وتم استثمار أكثر من 10 مليارات يورو في القطاع على مدى العقد الماضي. والدنمارك وسويسرا وسنغافورة ودول أخرى لديها قطاعات أدوية كبيرة تقع الآن في مرمى ترامب.
واستجاب العديد من مصنعي الأدوية بالإعلان عن استثمارات كبيرة في أمريكا. وتعهدت شركة «جونسون آند جونسون» بمبلغ 55 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وتستثمر شركة إيلي ليلي 27 مليار دولار، بينما قالت شركة الأدوية السويسرية نوفارتيس الأسبوع الماضي إنها ستستثمر 23 مليار دولار في التصنيع والبحث والتطوير.
وكتب رؤساء شركات الأدوية إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محذرين من أن أوروبا تخاطر بخسارة 100 مليار يورو في الاستثمار والإنفاق على البحث والتطوير خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث تجعل التعريفات الأمريكية والإصلاحات المقترحة للاتحاد الأوروبي بشأن حماية الملكية الفكرية الاتحاد الأوروبي أقل جاذبية.
لكن أيرلندا معرضة بشكل فريد لأي إجراء من ترامب، بالإضافة إلى شركات الأدوية الكبرى، فهي تستضيف أيضاً المقر الأوروبي أو العمليات الكبيرة لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين، الذين هددت فون دير لاين باستهدافهم إذا فشلت محادثات التعريفات. وتسهم شركات التكنولوجيا والأدوية بمساهمات ضخمة في الضرائب.
وساعد البوتوكس أيضاً ويستبورت على النمو لتصبح مدينة ملونة وصاخبة تضم مهرجانات القوارب والمطاعم والفنادق والمتاجر الأنيقة والمقاهي التقليدية، إضافة إلى أنها أكبر جهة توظيف في المدينة، وكانت الشركة داعماً وراعياً بارزاً للمبادرات المحلية والفرق الرياضية.
وقال أدريان نونان، مالك فندق نوكراني هاوس، أول فندق من فئة أربع نجوم في المدينة، والذي استضاف المديرين التنفيذيين الزائرين واجتماعات مجلس الإدارة، والذي يقع بجوار المصنع: «ستكون خسارة فادحة» إذا غادروا.
وتحتاج مصانع الأدوية الجديدة إلى موافقة تنظيمية، ما يعني سنوات من التأخير في نقل الإنتاج إلى أمريكا، لكن المحللين قالوا إن المديرين التنفيذيين سيكونون قد ضغطوا بالفعل على مكابح خطط الاستثمار المستقبلية في أيرلندا. وقال فيليب هيني، صيدلي محلي: «نحن قلقون للغاية». «يتحدثون عن كندا باعتبارها الولاية (الأمريكية) الحادية والخمسين. ولكن مع الأدوية، نحن كذلك تقريباً».