هل تجبر السياسات الضريبية في المملكة المتحدة الأثرياء على الرحيل؟

هارييت أغنيو - جورج باركر

في أبريل الماضي، شارك المستثمر المجري غابور فوتو في فعالية استضافها بنك خاص في لندن، دارت حول إنهاء النظام الضريبي البريطاني المعروف باسم «نظام غير المقيمين». وضمت الفعالية نخبة من نحو 50 أجنبياً ثرياً، جمعهم قلق مشترك حيال التغييرات الضريبية.

وقال فوتو، المؤسس المشارك لمجموعة تطوير العقارات «مجموعة فيوتشرال»: «ساد النقاش حول وجهات هجرتهم المحتملة، وكيفية نقل أصولهم، وما سيحدث للصناديق الائتمانية».

وفي الشهر السابق، حاول جيريمي هانت، المستشار المحافظ آنذاك، إحراج حزب العمال عندما تعهد بشكل غير متوقع بإلغاء نظام ضرائب غير المقيمين في بريطانيا، والذي يسمح للأثرياء الأجانب بتجنب دفع الضرائب البريطانية على الدخل من الخارج.

إلا أن هانت قدم بعض التنازلات، التي وعدت راشيل ريفز، المعارضة آنذاك، بإنهائها قريباً. والأهم من ذلك، تعهد حزب العمال بإنهاء استخدام الصناديق الائتمانية الخارجية للتهرب من ضريبة الإرث، التي يتم فرضها بمعدل قياسي يبلغ 40% في المملكة المتحدة.

وأجرى فوتو استطلاعاً غير رسمي للحاضرين، وكان معظمهم من رواد الأعمال والمستثمرين الذين يستفيدون من نظام «غير المقيمين»؛ وسألهم ما إذا كانوا على استعداد لدفع رسوم سنوية، على سبيل المثال 500 ألف جنيه إسترليني، للبقاء في المملكة المتحدة والاستفادة من مزايا النظام الضريبي. وقال فوتو: «رفع الجميع أيديهم».

عندما واجه فوتو احتمالاً بفرض ضريبية شخصية أو خيار غير مرغوب فيه بمغادرة البلاد، أدرك أن هناك فرصة لتحديث نظام الضرائب للأجانب، ما يسمح للمملكة المتحدة بمنافسة الامتيازات التي تقدمها دول مثل إيطاليا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة لجذب أصحاب الدخل المرتفع.

فوتو هو أحد الأبطال الرئيسين في مجموعة رواد أعمال ومستثمرين ومستشارين يحاولون صياغة أكبر عملية إصلاح في نظام الضرائب البريطاني للأثرياء الأجانب منذ إنشائه عام 1799، لحماية من لديهم ممتلكات أجنبية من ضرائب زمن الحرب.

وبناء على عمل سابق قامت به مجموعة شركات المحاماة بما في ذلك ويذرز وتشارلز راسل سبيتشليس وتايلور ويسينج، تبلورت الحملة إلى «مستثمرون أجانب من أجل بريطانيا»، وهي مجموعة ضغط تأسست بعد الانتخابات العامة في يوليو. وبينما تواجه معظم البلاد زيادات ضريبية في الميزانية القادمة، وليس لديها الوسائل ولا الاتصالات للضغط على الحكومة، تلقى المستثمرون الأجانب لبريطانيا تمويلاً أولياً بقيمة 300000 إسترليني من أعضائها المؤسسين، وفقاً لشخص مطلع على الوضع.

ويتمثل مطلبها الرئيس في أن تضع الحكومة نظاماً ضريبياً متدرجاً يعفي غير المقيمين من ضريبة الميراث على الأصول غير البريطانية والرسوم البريطانية على الدخل الأجنبي والمكاسب وبعض الاستثمارات في المملكة المتحدة لمدة تصل إلى 15 عاماً.

وسيدفعون رسوماً سنوية مقابل ذلك، تتراوح من دفع 200000 إسترليني على صافي ثروة تصل إلى 100 مليون إسترليني، و2 مليون إسترليني على صافي الثروة التي تزيد على 500 مليون إسترليني، وهو ما يشبه أنظمة مماثلة في أمثال إيطاليا وسويسرا.

وقال أليكس ألغارد، أحد الأعضاء المؤسسين لمجموعة «المستثمرون الأجانب من أجل بريطانيا»، الذي انتقل إلى لندن من سياتل قبل 8 سنوات لفتح المقر الدولي لشركته للبرمجيات «هايا»: «نحن ندعم حزب العمال في إلغاء نظام ضرائب غير المقيمين الذي عفا عليه الزمن».

وأضاف: «لكننا نريد تخفيف الأثر على هذه الفئة المهمة بالنسبة لإيرادات الضرائب في المملكة المتحدة، فهم يتمتعون بقدرة عالية على التنقل، وستكون خسارتهم مكلفة للاقتصاد البريطاني».

في وقت سابق من هذا الصيف، كلفت مجموعة «المستثمرون الأجانب من أجل بريطانيا» شركة الاستشارات «أكسفورد إيكونوميكس» بإعداد تقرير حول الإصلاحات المقترحة، الذي عملت عليه الشركة طوال عطلة الصيف لإكماله. كما أطلقت موقعاً إلكترونياً ووزعت استبانة عبر الإنترنت على شبكة غير المقيمين ومستشاريهم لتحديد تأثير التغييرات.

وعندما صدرت المرحلة الأولى من التقرير في سبتمبر، ناقضت أرقام الأكاديمية وأرقام مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني. وبدلاً من زيادة الإيرادات الضريبية، قدر التقرير أن الإصلاحات المقترحة قد تكلف الخزانة 0.9 مليار إسترليني في عام 2029 - 2030. كما أظهر أن 83% من غير المقيمين الـ73 الذين تم استطلاع آرائهم عدّوا ضريبة الإرث على الأصول العالمية محركاً رئيساً لقراراتهم.

والتقت ليزلي ماكليود-ميلر، الرئيسة التنفيذية لمجموعة «المستثمرون الأجانب من أجل بريطانيا»، مسؤولين من وزارة الخزانة وهيئة الإيرادات والجمارك البريطانية في أوائل سبتمبر لعرض النتائج. ومع ذلك، لم تتواصل المجموعة مباشرة مع مكتب مسؤولية الميزانية، وفقاً لشخص مطلع على الوضع.

وبحلول أواخر سبتمبر، تلقت رايتشل ريفز تحذيرات من مسؤولي الخزانة تفيد بأن بعض أجزاء خطتها، وخاصة فرض ضريبة الإرث على الأصول العالمية للمقيمين في المملكة المتحدة الذين يعلنون أن مقر إقامتهم الأساسي في الخارج، قد تؤدي إلى خسائر مالية عن طريق دفع عدد كبير من دافعي الضرائب الأثرياء إلى مغادرة البلاد.

وفي مواجهة فجوة تمويلية تبلغ 40 مليار جنيه إسترليني، أشارت الحكومة إلى أن ريفز من المحتمل أن تتراجع عن الجزء الخاص بضريبة الإرث في خطتها، رغم أنها لا تزال تتوقع زيادة الإيرادات الضريبية على غير المقيمين.

وقال أحد حلفاء ريفز: «نحن بحاجة إلى سد فجوة مالية كبيرة، لكننا لن نجري تغييرات ضريبية إلا إذا كانت عملية وتحقق إيرادات».

وأكد مصدر حكومي أن جهود الضغط التي قامت بها مجموعة «المستثمرون الأجانب من أجل بريطانيا» لم تكن «فعالة بشكل خاص».

وأظهر الجزء الثاني من تقرير «أكسفورد ايكونوميكس»، الذي نُشر الأسبوع الماضي، أن 95 من غير المقيمين الذين استجابوا للاستبانة دفعوا في المتوسط 800 ألف إسترليني ضريبة قيمة مضافة في المملكة المتحدة خلال السنة الضريبية 2023-2024، ومتوسط 890 ألف جنيه إسترليني ضريبة دمغة خلال السنوات الخمس الماضية. ودفع غير المقيمين الأكثر ثراء مبالغ أكبر بكثير من هذه الضرائب.

وأشار المستجيبون إلى أنهم كانوا يتخلصون بشكل كبير من الأصول البريطانية ويوقفون الاستثمار والأعمال الخيرية بسبب الخوف من زيادة الضرائب.

ومن المتوقع أن تعقد مجموعة «المستثمرون الأجانب من أجل بريطانيا» اتصالاً مع فارون تشاندرا، المستشار التجاري لسير كير ستارمر، هذا الأسبوع، وستطلع وزارة الخزانة على أي بيانات وأبحاث إضافية.

وتخطط «أكسفورد إيكونوميكس» هذا الأسبوع لنشر الجزء الثالث من أبحاثها، والذي سيتناول التأثير المالي المحتمل لنظام ضريبي متدرج. وفي تقرير منفصل صدر الأسبوع الماضي عن معهد «آدم سميث» المدافع عن السوق الحرة، أوصى بإدخال رسوم ثابتة سنوية قدرها 150 ألف جنيه إسترليني لغير المقيمين، تكون صالحة لمدة 15 عاماً.

وقال التقرير إن هذه الرسوم يمكن أن تولد على الأقل 12.45 مليار جنيه إسترليني سنوياً إيرادات مباشرة.

وقالت ماكليود-ميلر «هذا الأمر لا يؤثر فقط في الأثرياء»، وأضافت: «هذه الأموال ستذهب إلى الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات».

وقال لورانس من مكتب «تشارلز راسل سبيتشليز»: أفضل ما يمكن أن تفعله الحكومة في يوم الموازنة هو أن تقول شيئاً يعزز ثقة الناس ويحد من هجرة الأثرياء.

وأضاف: «لكنهم لا يمتلكون البيانات اللازمة لاتخاذ قرار نهائي حول النظام الضريبي المتدرج... ولم يكن لديهم الوقت الكافي للتفكير فيه بعد».