الاقتراض العام البريطاني يتخطى التوقعات الرسمية في سبتمبر

فالنتينا رومي

ارتفع اقتراض القطاع العام بالمملكة المتحدة في شهر سبتمبر بحجم يتجاوز التوقعات الرسمية، وهو أمر يبرز حجم التحديات التي تواجهها وزيرة الخزانة راشيل ريفز، في ظل استعدادها لزيادة الضرائب في بيان الموازنة المقرر إعلانه الأسبوع المقبل.

ووصل حجم الاقتراض، الذي يعبر عن الفرق بين إنفاق القطاع العام وإيراداته، إلى 16.6 مليار جنيه استرليني في سبتمبر. ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 2.1 مليار جنيه استرليني عن الشهر نفسه العام الماضي، مسجلاً ثالث أعلى معدل اقتراض لشهر سبتمبر منذ بدء تسجيل البيانات الرسمية في يناير 1993، وفقاً لما أعلنه مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الثلاثاء.

وسجل معدل الاقتراض مستويات أقل من 17.5 مليار استرليني التي توقعها خبراء اقتصاد في استطلاع رأي أجرته «رويترز»، لكنه يتخطى 15.1 مليار استرليني التي توقعها مكتب مسؤولية الموازنة، الهيئة الرقابية في المملكة المتحدة.

وقال أليكس كير، الخبير الاقتصادي لدى «كابيتال إكونوميكس»، إن البيانات «تسلط الضوء على محدودية الخيارات المتاحة لدى وزيرة الخزانة لزيادة الإنفاق اليومي دون رفع الضرائب». وأشار كير إلى أن البيانات الأخيرة تعكس مضي الاقتراض نحو تخطي توقعات مكتب مسؤولية الموازنة للعام المالي 2024 - 2025.

وقالت جيسيكا بارنابي، نائبة مدير مكتب مسؤولية الموازنة للشؤون المالية للقطاع العام «بينما ارتفعت إيرادات الضرائب في سبتمبر، لكن الزيادة في الإنفاق تفوقت عليها، ما يعزى جزئياً إلى ارتفاع الفائدة على الديون وازدياد أجور العاملين في القطاع العام».

وسجل الاقتراض في الأشهر الستة الأولى من العام المالي وحتى سبتمبر 79.6 مليار استرليني، متجاوزاً الفترة نفسها العام المالي السابق بمقدار 1.2 مليار استرليني، وتخطى توقعات مكتب مسؤولية الموازنة البالغة 73 مليار استرليني في مارس الماضي.

وأفاد دارين جونز، كبير أمناء وزارة الخزانة، أن الموازنة «ستتطلب اتخاذ قرارات صعبة لإصلاح الأسس التي يستند إليها الاقتصاد، وللبدء في تحقيق تعهدات التغيير».

وكانت ريفز أشارت إلى فجوة تمويلية قدرها 40 مليار استرليني، قد تلجأ في سبيل سدها إلى الزيادات الضريبية. واستبعدت وزيرة الخزانة زيادة الضريبة على الدخل، وضريبة القيمة المضافة، والتأمين الوطني على الموظفين. لكن يرجح أن تزيد الضرائب على الأرباح الرأسمالية والضرائب على المواريث، وأن تمدد تجميد زيادة الحد الأدنى لمعدلات الضرائب إلى ما بعد عام 2028.

ومن شأن عدم تعديل الحدود الدنيا لمعدلات الضرائب حسب تأثير التضخم، دفع الناس إلى شرائح ضريبية أعلى مع حصولهم على زيادات في الأجور، أو ما يطلق عليه «العبء الضريبي»، ما سيعزز الإيرادات الحكومية. ومن بين الزيادات الضريبية المحتملة، أن تقرر ريفز رفع إسهامات التأمين الوطني بالنسبة لأرباب الأعمال ورفع رسوم الوقود.

ويتوقع روب وود، الخبير الاقتصادي لدى «بانثيون ماكرو إكونوميكس»، إقرار مجموعة من الزيادات الضريبية، لكنه يرجح أيضاً أن تقترض وزيرة الخزانة المزيد لتعزيز الاستثمار.

وقد يعضد ارتفاع الإنفاق الرأسمالي النمو الاقتصادي، وقد يساعد في ذلك إجراء تعديلات على واحدة من القواعد المالية للحكومة، التي تتعهد بتقليص حصة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي بين العامين الرابع والخامس من التوقعات.

أشار وود إلى أن استخدام مقياس أوسع نطاقاً للدين العام مقارنة بالمعمول به حالياً من شأنه أن يمنح الحكومة متسعاً إضافياً للاقتراض بنحو 50 مليار استرليني. وأضاف الخبير الاقتصادي إن تركيز ريفز على خلق توازن في الموازنة الحالية «يعكس التزاماً بتبني ماليات مستدامة، خلافاً لفترة ليز تراس، التي شهدت زيادة هائلة في الاقتراض لتمويل مجموعة من التخفيضات الضريبية».

وتتضمن القاعدة المالية الأخرى التي فرضتها الحكومة على نفسها، خلق توازن في الموازنة الحالية، باستثناء الإنفاق على المشروعات الاستثمارية خلال الفترة التي يشملها أفق التوقعات، وتنتهي في العام المالي 2029 - 2030.

وبلغ صافي ديون القطاع العام، أو الاقتراض التراكمي بمرور الوقت، 98.5 % من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية سبتمبر، مسجلاً بذلك أعلى مستوياته من أوائل ستينيات القرن الماضي، بحسب مكتب الإحصاءات الوطنية.

وقالت كارا باتشيتي، الخبيرة الاقتصادية لدى مركز ريزوليوشن فاونديشن البحثي: «تسلط بيانات اليوم الضوء على حجم تحديات المالية العامة التي تواجه وزيرة الخزانة، في وقت تواجه فيه إنفاقاً مفرطاً اليوم، وحاجة إلى تفادي التقشف مستقبلاً، وحاجة إلى تمويل الإنفاق الإضافي على الخدمات العامة عن طريق زيادة الضرائب».