المستثمرون يتدفقون على صناديق الأسواق الناشئة «بدون الصين»

إيما دنكلي، جوزيف كوتريل، ألان ليفسي

رغم الارتفاع الحاد مؤخراً في أسعار الأسهم الصينية، يتدفق المستثمرون على صناديق الأسواق الناشئة، التي تستبعد الاستثمار في الصين، وسط مخاوف من تصاعد التوترات بين بكين والغرب.

وأفادت شركات استثمار أن عملاءها أصبحوا ينظرون بشكل متزايد إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم على أنه إما ضخم جداً وإما تصعب إدارة مخاطره، إلى جانب اقتصادات نامية أخرى مثل الهند، ما أدى إلى أحد أهم التحولات في توجهات الاستثمار في الأسواق الناشئة منذ عقود.

وخلال الأسبوع الجاري أصبحت شركة فرانكلين تمبلتون أحدث صندوق لإدارة الأصول يطلق أداة تعرف بـ«الأسواق الناشئة بدون الصين»، لتنضم إلى فئة من الصناديق التي زادت أصولها بنسبة 75 % هذا العام، لتتجاوز 26 مليار دولار، وفقاً لبيانات من «مورنينج ستار».

وقال مايكل فيلد، محلل الأسهم الأوروبية في مورنينج ستار، إنه «عندما يكون المستثمرون حريصين على تجنب قطاع أو منطقة معينة فإن الصناعة تكون سعيدة بالاستجابة، وكان هذا واضحاً مع الصناديق التي استبعدت الصين من تكوينها». وتصنف الصين على أنها أكبر سوق ناشئة في العالم، حيث تمثل شركاتها ربع مؤشر «إم إس سي آي» المعياري لأسهم الاقتصادات النامية.

وتقلصت هذه الحصة من ذروة تجاوزت 40 % خلال الجائحة العالمية، لكن لا يزال بعض المستثمرين يعتبرونها كبيرة للغاية، ويخشون أن يطغى هذا الوزن الزائد على تعرضهم للاقتصادات الواعدة الأخرى، أو يثقل كاهلهم بالمخاطر الناجمة عن التوترات بين الصين والغرب.

وبحسب نعومي ويسل، مديرة المحافظ الاستثمارية في «بولار كابيتال»، والتي تدير صندوقاً لا يشمل الصين، فقد أدى هذا إلى «فئة جديدة من الأصول»، حيث يفصل المستثمرون الأسهم الصينية إلى مخصصات استثمارية مستقلة، ويبنون محافظ تسمح بتعرض أكبر للهند وتايوان والأسواق الأخرى.

وأضافت أن الزيادة الأخيرة في الأسهم الصينية، منذ أن كشفت بكين عن تدابير التحفيز الشهر الماضي لم تغير هذه الحسابات، حيث أصبح تقلب أسعار الأسهم نتاج لعملية المراهنة على حجم الإجراءات الحكومية. وقالت إن «الصين نوع مختلف من الأسواق، ولديها مخاطراه الخاصة، وربما تحتاج إلى دراسة من المتخصصين».

وتشير تقارير «جي بي مورجان» إلى أن صناديق الأسهم، التي تستثني الصين تلقت تدفقات صافية بلغت 10 مليارات دولار خلال العام الجاري، متجاوزة إجمالي الاستثمار في صناديق الأسهم للأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً. كما تضاعف عدد هذه الصناديق تقريباً على مستوى العالم إلى 70 صندوقاً، خلال العامين الماضيين، استناداً إلى بيانات «مورنينج ستار».

علاوة على ذلك ذكر مديرو الصناديق أن بعض المستثمرين يخشون إمكانية فرض عقوبات إضافية على الشركات الصينية، ويذكرهم ذلك جزئياً بانهيار الاستثمارات في روسيا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ويشار إلى أن الدول الأوروبية فرضت قيوداً على الكيانات الصينية المتهمة بدعم جهود روسيا العسكرية، بينما اقترحت الولايات المتحدة تقييد الاستثمارات في أجزاء معينة من قطاع التكنولوجيا في الصين. وخلال مؤتمر عقد في برلين هذا الشهر، قال لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، إن الصين كانت «أكبر الداعمين» لروسيا، مؤكداً ضرورة «مناقشة هذه المسألة على الأقل».

ويعتقد مديرو الصناديق أن الدوافع السياسية وراء «الابتعاد عن الصين» تتركز في الأغلب بين المستثمرين الأمريكيين، حيث أنهت صناديق المعاشات التقاعدية الكبيرة انكشاف على الصين متعذرة بمخاطر الأمن القومي.
وخلال العام الماضي صوّت أمناء نظام معاشات التقاعد للعاملين في ولاية ميسوري ببيع الأسهم الصينية، وصرح فيفيك مالك، أمين صندوق الولاية، أن «الاستثمار في الصين ببساطة ينطوي على مخاطر تتعارض مع مصالح المتقاعدين لدينا».

وفي وقت سابق من العام وقع حاكم فلوريدا، رون دي سانتس، قانوناً يلزم مجلس الاستثمار في الولاية بالتخلص من الحيازات المباشرة في الصين «لضمان عدم تمكن الخصوم الأجانب مثل الصين من ترسيخ موطئ قدم في ولايتنا».
وأوضح توماس شافنر، الذي يدير صناديق الأسهم في الأسواق الناشئة لدى شركة «فونتوبل» السويسرية لإدارة الأصول، أن «المستثمرين الأمريكيين يتبنون نظرة أكثر سلبية تجاه الصين في العموم، بينما الأوروبيون أكثر واقعية واعتدالاً».

وتساءل بعض المستثمرين عما إذا كان تحول الاستثمارات في الأسواق الناشئة إلى «الابتعاد عن الصين» كافياً وحده للحد من المخاطر السياسية.
وفي هذا الشأن أوضح إيف شوايفاتي، مؤسس شركة «توبام»، وهي شركة لإدارة الأصول تسعى إلى استبعاد «مخاطر الأوتوقراطية» في الاستثمارات، أن هذا الخطر يكمن أيضاً في أسهم الشركات داخل الاقتصادات المتقدمة التي تعتبر الصين أكبر أسواقها.

وأضاف أنه «من حيث النوع تتشابه روسيا والصين، لكن من حيث الكم فإن الانكشاف على الصين هائل ببساطة شديدة».