هارييت أغنيو - جوش سبيرو
حذر غير المقيمين ومستشاروهم من أن خطة المملكة المتحدة الجديد لجذب الأثرياء الأجانب، قصيرة الأجل للغاية، وتخاطر بتحويل لندن إلى نسخة من جزر الباهاما.
وأكدت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، في ميزانيتها مؤخراً، التخلي عن نظام «غير المقيمين»، الذي يسمح للمقيمين ضريبياً داخل المملكة المتحدة، لكن موطنهم الدائم في الخارج، بتجنب دفع الضرائب البريطانية على دخلهم الأجنبي أو أرباحهم الرأسمالية لمدة 15 عاماً.
وسيحل محل النظام القديم اعتباراً من 6 أبريل المقبل نظام آخر يعتمد على الإقامة لمدة 4 سنوات، والذي قالت ريفز، إنه سيوفر «ترتيبات ذات تنافسية دولية للوافدين إلى المملكة المتحدة بصورة مؤقتة».
وبموجب النظام الجديد سيحصل الوافدون الجدد إلى المملكة المتحدة على إعفاء ضريبي بنسبة 100 % على الدخل الأجنبي والأرباح الرأسمالية في الأعوام الأربعة الأولى من إقامتهم في البلاد، شريطة ألا يكونوا مقيمين ضريبيين في المملكة المتحدة في أي من الأعوام العشرة السابقة لوصولهم.
لكن غير المقيمين ومستشاريهم حذروا من أن النظام الجديد قصير الأجل للغاية لكي يجتذب الراغبين في أن تكون المملكة المتحدة موطناً لهم، ولتعليم أبنائهم، أو لتأسيس أعمال لهم هناك، وقالوا إن الخطة قد تجتذب فقط أشخاصاً عابرين يسعون لإعفاءات ضريبية قصيرة الأجل.
وقال كريستوفر غوفز، الشريك لدى فريق العملاء الخاصين والضرائب بمكتب ويذرس للمحاماة في لندن: «سيحول نظام الأعوام الأربعة المملكة المتحدة إلى نسخة من جزر الباهاما، دون أن تسهم الأموال بصورة ملموسة في خزانة الدولة».
في إشارة إلى جزر الكاريبي التي تعد ملاذاً ضريبياً شهيراً بسبب غياب تطبيق ضرائب على دخل الشركات والأفراد، أو ضرائب على أرباح رأس المال. وبموجب النظام الجديد لفت غوفز إلى أن «البعض سيأتون لبيع أعمالهم، وإعادة ترتيب شؤونهم، ثم سيغادرون من جديد».
وفرضت دول أخرى إعفاءات ضريبية، في ظل منافسة محتدمة على استقطاب الأثرياء، ففي إيطاليا، على سبيل المثال، يمكن للوافد الجديد، أو الإيطالي الذي عاش في الخارج تسعة أعوام على الأقل دفع ضريبة ثابتة، تبلغ قيمتها 100,000 يورو سنوياً على أي دخل أجنبي أو أصول لمدة تصل إلى 15 عاماً، على أن يكونوا معفيين تماماً من ضريبة المواريث على الأصول الأجنبية خلال هذه الفترة.
لكن بموجب النظام الإيطالي ستتضاعف هذه الضريبة السنوية إلى 200,000 يورو اعتباراً من العام المقبل، كما وجد في فرنسا نظام ضريبي خاص بالمغتربين، وهو شبيه بنظام غير المقيمين المطبق في المملكة المتحدة، لكنه يمنح إعفاءات ضريبية لمدة 8 أعوام.
وذكر أشلي كروسلي، رئيس قسم إدارة الثروات بمكتب بيكر آند ماكنزي للمحاماة في لندن، أن نظام المقيمين الجديد بالمملكة المتحدة «يشير إلى نهج مختلف تماماً في اجتذاب صانعي الثروة الآتين إلى المملكة المتحدة.
والنموذج الجديد للضرائب على الثروات سيجتذب ثروات قصيرة الأجل وعابرة، بدلاً من اجتذاب الأثرياء للمكوث في البلاد على المدى الطويل». وبعد قضائهم أربعة أعوام في المملكة المتحدة ستفرض ضرائب على الأشخاص الذين أنشأوا صناديق ائتمان، بناء على دخل الصندوق والأرباح الرأسمالية.
لكن ستظل الصناديق نفسها معفاة من ضرائب المواريث بنسبة 40 %. وبعد 10 أعوام ستخضع كافة أصولهم العالمية للشبكة الضريبية للمملكة المتحدة.
وأقرت البلاد نظام غير المقيمين عام 1799، واستهدف ذلك جزئياً حماية مالكي الأصول أجنبية من ضرائب أوقات الحرب. وبدأ تشديد القيود على نظام غير المقيمين تحت إدارة جورج أوزبورن، وزير الخزانة المحافظ، الذي اعتبر بداية من أبريل عام 2017 المقيمين الأجانب الذين عاشوا في بريطانيا لأكثر من 15 عاماً خلال السنوات العشرين السابقة مقيمين دائمين في البلاد.
وفي مارس من العام الجاري ألغى جيريمي هانت، وزير الخزانة حينها، واحدة من السياسات المالية البارزة لحزب العمال المعارض، حينما أعلن التخلي عن نظام غير المقيمين.
وقدمت ريفز بعد ذلك مقترحات بمواصلة تشديد الإجراءات، ففي الموازنة، التي أعلنتها الأسبوع الفائت، قررت ريفز إلغاء قرار المحافظين بالسماح لغير المقيمين بحماية الأصول الأجنبية في صناديق خارجية من ضريبة المواريث، متجاهلة التحذيرات من أن هذا النهج قد يُفضي إلى هروب الأثرياء خارج البلاد.
وقالت ماجدة ويرزيكا، المليارديرة التي تحمل الجنسيتين البولندية والجنوب أفريقية: «من سيأتي إلى هنا للاستقرار، وشراء منزل، وتأسيس شركة، مع علمه أنه سيضطر إلى أن المغادرة بعد أربعة أعوام؟».
وشاركت ويرزيكا، في تأسيس شركة سيغنيا للخدمات المالية في جنوب أفريقيا، قبل انتقالها إلى لندن في عام 2018، واستطردت: «سيتوجه هؤلاء إلى سويسرا أو إيطاليا أو اليونان بدلاً من ذلك».
وبعد استقرارها في المملكة المتحدة أسست ويرزيكا شركة برافوس إنفستمنت أدفايزورز لرأس المال المغامر في عام 2019، وتعمل مع شركات تابعة لجامعة أكسفورد على تسويق الملكية الفكرية، لكن بعد التخلي عن نظام غير المقيمين أفادت ويرزيكا بأنها تفكر للأسف في مغادرة البلاد، ما يعود إلى حد كبير إلى التداعيات الناجمة عن ضريبة المواريث البريطانية البالغة 40 %.
ويتوقع مستشارو العقارات أن تؤثر تعديلات نظام غير المقيمين على سوق العقارات في البلاد، إذ سيختار المقيمون المؤقتون الجدد في عاصمة المملكة المتحدة تأجير العقارات بدلاً من شرائها.
وقال لوسيان كوك، رئيس قسم بحوث المقيمين في المملكة المتحدة لدى «سافيلز»: «أعتقد أن قدراً من الطلب الذي يمثله هؤلاء الأشخاص سيتجه إلى سوق الإيجار، خاصة في ضوء التكلفة العالية لشراء العقارات بسبب ضريبة الدمغة». وأضاف أنه فقط الذين يعتزمون البقاء لما يصل إلى عقد «ربما سيواصلون الشراء».