هل يعاني جيل «زد» أكثر من الأجيال السابقة؟

أمي بوريت
تشير البيانات الأخيرة إلى أن الشباب يواجهون صعوبة أكبر من أي وقت مضى من أجل تحقيق الاستقلال المالي، في ظل تزايد انعدام الأمن الاقتصادي، ويقول الاقتصاديون، إن مزيجاً من ارتفاع تكاليف السكن، وضعف نمو الأجور، وزيادة تقلبات سوق العمل تهدد بقوة جهود تحقيق الاستقلال المالي للشباب، مع تداعيات طويلة المدى على خياراتهم الاقتصادية والاجتماعية.

ويشعر أفراد جيل زد «المولودون بين 1997 و2012» في الدول المتقدمة بضغط كبيرة، إلا أن الشباب في المملكة المتحدة يواجهون ضغوطاً أكثر تحديداً، إذ تأتي أزمة تكاليف المعيشة في أعقاب عقد من ضعف نمو الأجور، وتراجع مستويات المعيشة.

وقالت مولي بروم، المحللة في مؤسسة الأبحاث «ريزولوشن فاونديشن»: «إن زيادة انعدام الأمان الاقتصادي لها تداعيات حقيقية على نتائج سوق العمل ومعدلات الخصوبة، وتكوين الأسر، ويزيد ذلك من صعوبة الأمر على أن يكون للشباب دور فعال في المجتمع».

-تغيير في أنماط الحياة: تظهر البيانات الرسمية أن معظم البريطانيين اليوم يتزوجون في أوائل الثلاثينيات من العمر، أي بعد نحو عقد من جيل أجدادهم. في الوقت نفسه بلغ متوسط عمر مشتري المنازل.

وللمرة الأولى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 34 عاماً، في حين أن معدلات الخصوبة للنساء في العشرينيات من العمر سجلت أدنى مستوياتها، منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1964، وفقاً للأرقام التي نشرت منذ أيام.

وتظهر الضغوط المالية أيضاً في التغيرات الاجتماعية، حيث تشير الأبحاث الأخيرة إلى أن ثلثي أفراد جيل زد قد اضطروا إلى رفض خطط لبناء حياة اجتماعية، بسبب وضعهم الاقتصادي، وفقاً لاستطلاع أجرته مجموعة «فينكس» على ألفي بالغ في مايو الماضي.

وأظهرت دراسة منفصلة أن أكثر من ربع الشباب لا ينفقون شيئاً على الكماليات، وقال توبي موراي، كبير مسؤولي الأبحاث في المنظمة الخيرية «معهد المال والصحة النفسية»:

«إن بعض التغيرات تعكس شعبية المؤثرين على منصات مثل تيك توك ويوتيوب، مثل أندرو تيت، الذي يصف نفسه بـ«المتحيز ضد النساء»، حيث يجذب المتابعين إلى مخططات يعد فيها بالنجاح والثراء،.

وهناك دلائل على أن الفجوة الاقتصادية المتزايدة بين الشباب من الذكور والإناث تؤثر على الآراء والسلوكيات الاجتماعية، وتظهر البيانات أن الشابات يتفوقن في المتوسط على الشباب من حيث التعليم والتحصيل المهني».

-السكن: تشير الأبحاث الأخيرة إلى أن العديد من الشباب يعتمدون بشكل متزايد على الحسابات المصرفية للأب والأم لتغطية فواتيرهم وتكاليف الإيجار، وللتمكن من شراء منزل.

وتظهر البيانات الرسمية أن نحو ثلث الشبان في المملكة المتحدة، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و27 عاماً، وهم أكبر أفراد جيل زد، كانوا لا يزالون يعيشون في منازل أسرهم في عام 2023، مقارنة بنسبة 25 % قبل عقدين من الزمن.

وقالت مولّي بروم، المحللة في مؤسسة «ريزولوشن فاونديشن»: «تفوقت زيادات الأسعار على نمو الأجور إلى حد كبير، مما جعل الناس يصلون إلى محطات حياتية مهمة مثل تملك المنازل في وقت متأخر بكثير من العمر، وأصبح الدعم المالي من الأهل أكثر أهمية من أي وقت مضى»، مشيرة إلى أن ذلك قد يزيد من تفاقم عدم المساواة في الثروة.

وعلى مدار العقدين الماضيين انخفضت بشكل حاد نسبة الشبان الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، ويمتلكون منازل، حيث تراجعت من 24 % من الأسر في عام 2004 إلى 10 % في عام 2023.

في الوقت نفسه شهد عدد مشتري المنازل لأول مرة، الذين يتلقون مساعدة مالية زيادة كبيرة، حيث ارتفع العدد إلى أعلى مستوى له في 11 عاماً، ليصل إلى 57 % هذا العام.

ومع تزايد عدد المستأجرين الشباب ارتفعت الضغوط المالية المتعلقة بالإيجارات؛ حيث سجلت معدلات التضخم في الإيجارات السنوية 9.2 % في وقت سابق من هذا العام، وهو أعلى معدل منذ بدء تسجيل البيانات في عام 2015.

وقد أثر ذلك بشكل غير متناسب على جيل زد، الذين هم أكثر عرضة مرتين من جيل الألفية (الشباب الذين ولدوا في الفترة بين 1981 و1996) لاستئجار المنازل، والذين ينفقون في المتوسط ما يقارب نصف دخلهم على الإيجار، وفقاً للبيانات الرسمية.

-العمل: يتعرض هؤلاء الشباب أيضاً لضغوط شديدة بسبب أكثر من عقد من ضعف نمو الأجور، وزيادة عدم استقرار العمل في «اقتصاد الوظائف المؤقتة».

بالإضافة إلى الأزمات النفسية، التي تلت جائحة كورونا، والتي أدت إلى مستويات قياسية من الركود الاقتصادي، وهذا الواقع دفع العديد من الشباب إلى الاعتماد بشكل متزايد على آبائهم لتغطية تكاليف الحياة اليومية.

وأظهر استطلاع أجرته شركة «فيرجن ميديا أو2» على فئة الشباب بين 18 و35 عاماً، أن ثلثي جيل زد، وجيل الألفية لا يزالون يعتمدون على آبائهم لتغطية تكاليف السكن، وفواتير الخدمات.

ومن المتوقع أن يسهم الارتفاع الكبير في الحد الأدنى للأجور في أبريل المقبل في تخفيف الضغوط المالية عن العديد من الشبان، حيث من المتوقع أن ترتفع أجور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً بنسبة 18 % إلى 7.55 جنيهات استرلينية، في حين ستزداد الأجور للأعمار من 18 إلى 20 عاماً بنسبة 16.3 % إلى 10.00 جنيهات استرلينية.

-الصحة النفسية: ألقى انعدام الأمان الاقتصادي بظلاله على الصحة النفسية للشباب، حيث تظهر البيانات الرسمية أن المطالبات الجديدة للحصول على إعانات، بسبب الاضطرابات النفسية من قبل الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و27 عاماً قد تضاعفت أكثر من مرة ونصف خلال السنوات الثلاث المنتهية في يونيو الماضي.

وتشير الأبحاث إلى أن هذا يعكس زيادة بحالات المرض النفسي، حيث قال ثلثا الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 30 عاماً في استطلاع أجرته جامعة كينغز كوليدج في لندن في عام 2023، إن صحة الشباب النفسية أسوأ مما كانت عليه في عهدهم، كذلك تعتقد الأغلبية أن قدرتهم على تحمل تكاليف الحياة، ومستقبلهم بشكل عام أصبح أسوأ مما كان عليه الحال في الماضي.