هل ينتعش قطاع النفط الأمريكي في الولاية الثانية لترامب؟

مايلز ماكورميك - جيمي سميث
يراقب المسؤولون التنفيذيون في قطاع النفط الأمريكي باهتمام بالغ، احتمالية إلغاء دونالد ترامب للقيود البيئية.

وعلى الرغم من تعهده المستمر بتسهيل عمليات حفر آبار النفط، وشعاره الشهير «احفر يا عزيزي، احفر»، إلا أنه من غير المرجح أن يشهد الإنتاج زيادة كبيرة خلال فترة ولايته الثانية.

وقد شكّلت سياسات الطاقة ركيزة أساسية في حملة ترامب الانتخابية، حيث تعهد بتخفيف العقبات البيروقراطية، وتمكين منتجي النفط الأمريكيين من زيادة الإنتاج، وخفض الأسعار للمستهلكين.

وخلال خطاب إعلان فوزه صباح الأربعاء الماضي، صرّح ترامب قائلاً: «نمتلك احتياطيات هائلة من النفط.. هذا الذهب السائل تفوق أي دولة أخرى في العالم، حتى المملكة العربية السعودية».

ويرى البعض أن إعادة انتخاب الرئيس السابق، تعد مكسباً لصناعة عانت من علاقة مضطربة مع إدارة جو بايدن، كما تعتبر بمثابة مكافأة كبيرة لقادة الشركات الذين ضخوا أموالاً طائلة في الحملة الانتخابية لترامب. وقال هارولد هام مؤسس شركة كونتيننتال ريسورسز، وأحد الممولين لحملة ترامب: «أنا سعيد للغاية بفوز دونالد ترامب.. هذا نصر عظيم لقطاع الطاقة الأمريكي، ولمستقبل أمننا القومي».

وردد جيف ميلر الرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون، إحدى أكبر شركات خدمات حقول النفط في البلاد، الرأي نفسه قائلاً: «هذه الأخبار إيجابية، وأشعر بالتفاؤل الشديد حقاً».

ومع توليه المنصب في يناير المقبل، تتوقع الصناعة أن يقوم ترامب بتقليص العديد من اللوائح البيئية التي فرضها بايدن. ووصف مايك سومرز رئيس معهد البترول الأمريكي، السنوات الأربع الماضية، بأنها شهدت «هجوماً تنظيمياً، لكن سيتم الآن تصحيحه».

وقال سومرز: «مجرد الإشارة لموقف الإدارة الجديدة المؤيد لوجود صناعة نفط وغاز قوية في الولايات المتحدة، تمثل عنصراً مهماً ورئيساً لجذب الاستثمارات اللازمة لنمو هذه الصناعة».

ومن بين التغييرات المتوقعة، إلغاء اللوائح المتعلقة بالحد من انبعاثات السيارات، والهادفة لتشجيع تبنّي المركبات الكهربائية، بالإضافة إلى تعزيز الوصول إلى المحروقات، عبر زيادة عقود التنقيب في خليج المكسيك، وعلى الأراضي العامة.

والحد من إجراءات حماية الأنواع المهددة بالانقراض. ومن المتوقع أيضاً أن ينهي ترامب الوقف المؤقت المفروض على منح تراخيص جديدة لمحطات الغاز الطبيعي المسال.

كما تعهد ترامب بخفض الضرائب على الشركات، وإلغاء أبرز تشريعات بايدن المناخية، وهو قانون خفض التضخم، لكن العديد من الشركات العاملة في الصناعة، تستفيد من هذا القانون. لذلك، تضغط لعدم إلغائه بالكامل.

وقد بدأ ترامب بالفعل تشكيل فريق سيكون مسؤولاً عن تنفيذ هذه الإصلاحات، ويُعد حاكم ولاية داكوتا الشمالية «دوج بورجوم»، مرشحاً لدور «قيصر الطاقة» الجديد، لتنسيق الجهود الرامية إلى إلغاء القيود التنظيمية ذات الصلة بمختلف الوكالات الحكومية.

ورغم الإصلاحات التنظيمية المتوقعة، فقد نبه المحللون إلى أن الزيادة السريعة في الإنتاج خلال الولاية الثانية لترامب مستبعدة، خاصة أن الإنتاج وصل بالفعل إلى مستويات قياسية خلال فترة ولاية بايدن، حيث بلغ 13.4 مليون برميل يومياً في أغسطس، رغم كل اللوائح التنظيمية.

كذلك، فإن المستثمرين، الذين تضرروا لسنوات من طفرة حفر غذتها عميات الاستدانة، يدعون الآن إلى أن تركز الشركات على العائدات، بدلاً من النمو. ومن غير المرجح أن يتغير نموذج الانضباط الرأسمالي الذي فُرض على القطاع.

وقال جيم بوركارد رئيس قسم أبحاث أسواق النفط في شركة «إس آند بي جلوبال»، إن «السعر» و«وول ستريت»، «هما من ينظمان إنتاج الولايات المتحدة من النفط، وليس رئيس البلاد».

ووفقاً لشركة إس آند بي، فإنه من المتوقع أن يرتفع متوسط الإنتاج من حوالي 13.2 مليون برميل يومياً هذا العام، إلى 13.6 مليون برميل يومياً في عام 2025، قبل أن ينخفض في العام التالي، بسبب تراجع متوقع للأسعار.

لذلك، لن تغير إعادة انتخاب ترامب التوقعات على المدى القصير.ومع ذلك، قد تساعد العوامل الاقتصادية الكلية ترامب في الوفاء بوعده بخفض أسعار الوقود:

فمن المحتمل أن يسفر ضعف الطلب من الصين، إلى جانب خطط أوبك+ لزيادة الإمدادات، عن انخفاض الأسعار خلال الأشهر المقبلة، لكن ذلك سيؤثر سلباً في منتجي النفط.

وقال دانيال يرجين مؤرخ الطاقة الحائز على جائزة بوليتزر، ومؤلف كتاب «الخريطة الجديدة»، إن «السوق مشبعة، لأن الاقتصاد الصيني لا يوفر نفس مستوى الطلب الذي كان يقدمه في الماضي. وهذا هو العبء الأكبر أمام صناعة النفط العالمية والأمريكية».

وأشار بوب ماكنالي رئيس شركة رابيدان إنرجي الاستشارية، ومستشار الطاقة السابق في إدارة جورج دبليو بوش، إلى أنه على الرغم من أن «رئيس البلاد لديه أدوات محدودة للتأثير في أسعار النفط على المدى القصير، لكن إذا تجاوز نمو العرض العالمي مستويات الطلب في السنوات المقبلة، فقد يحالف ترامب الحظ، ويشهد انخفاضاً حاداً في أسعار النفط.

ومع ذلك، سيتذكر الدرس من عام 2020، وهو أن انخفاض أسعار النفط قد يُرضي المستهلكين، لكنه يضر قطاع النفط الصخري الأمريكي، حيث إن أكبر تهديد يواجه قطاع النفط الصخري الأمريكي، هو في الواقع الانخفاض الحاد لأسعار النفط».

وخلال ولايته الأولى، أظهر ترامب استعداده للعب دور نشط في رسم أسعار النفط. وفي عام 2018، ضغط على أوبك لزيادة الإنتاج لخفض الأسعار، قبل أن يعود ويقنعهم بخفض الإنتاج في 2020، لحماية قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة من الإفلاس، مع انخفاض الأسعار في أعقاب جائحة «كورونا». كما تعهد ترامب بتكثيف الضغط على إيران، عبر تشديد العقوبات على صادراتها النفطية، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية.

ويتمثل أحد أهم التغييرات الأساسية التي تسعى إليها الصناعة، هو أن يتمكن ترامب، بدعم من سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، وربما مجلس النواب، من تمرير تشريعات تسمح بإجراء إصلاحات شاملة، تتعلق بتصاريح المشروعات، بعد سنوات من المحاولات الفاشلة.

وفي هذا الشأن، قال ألان أرمسترونغ الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب العملاقة ويليامز، إنه «مُتفائل للغاية، وذلك لأن زيادة سيطرة الجمهوريين ستضمن حلاً دائماً وفعالاً لمسألة التصاريح».

وعلى الرغم من خطط ترامب للتخلص من اللوائح البيئية، يتوقع المحللون أن شركات النفط العامة الكبيرة، ستواصل التزامها بخفض الانبعاثات، خاصة في ما يتعلق بالميثان، وهو غاز دفيئة قوي.

وصرّح بول بليدسو المستشار السابق لشؤون المناخ في عهد إدارة كلينتون، قائلاً «أعتقد أن التوقعات بخفض الانبعاثات والاستثمار في الطاقة النظيفة، لن تتلاشى لمجرد انتخاب دونالد ترامب»، مضيفاً أن «هذا شيء يتوقعه الناس والمستثمرون على حد سواء».