فوز ترامب يضع اتفاقية الضرائب العالمية على الشركات في خطر

إيما أجييمانج - باولا تاما
قال الخبراء، إن محاولات منع بعض أكبر شركات العالم من تحويل الأرباح عبر الحدود، لتجنب دفع الضرائب «في خطر»، بعد فوز دونالد ترامب الحاسم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكان من المتوقع أن يرفع الاتفاق العالمي حصيلة الضرائب من أكبر الشركات المتعددة الجنسيات في العالم، بما يصل إلى 192 مليار دولار سنوياً.

والاتفاق تم توقيعه في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومقرها باريس في عام 2021، والتي قدمتها جزئياً العديد من البلدان - بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والنرويج وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان وكندا - في وقت سابق من العام الجاري.

لكن الخبراء يقولون، إن الركيزة الأساسية التي تمنع الشركات الكبرى من دفع أقل من الحد الأدنى لمعدل الضريبة الفعلي البالغ 15 في المئة على أرباحها المؤسسية في جميع أنحاء العالم سوف تقوضها فترة ولاية ترامب الثانية.

وقال وي كوي، أستاذ قانون الضرائب في جامعة كولومبيا البريطانية، إن «الركيزة الثانية في خطر»، ويعني هيكل اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنها قد تؤثر على الشركات المتعددة الجنسيات الأمريكية على الرغم من أن واشنطن لم توقع عليها كقانون، حتى وإن كانت طرفاً في الاتفاقية.

وبموجب الركيزة الثانية فإنه إذا تم فرض ضريبة على أرباح الشركات بنسبة أقل من 15 في المئة في البلد الذي يقع فيه المقر الرئيسي للشركة المتعددة الجنسيات، فيمكن للموقعين على الاتفاقية فرض ضريبة تكميلية، تُعرف باسم قاعدة الأرباح غير الخاضعة للضريبة.

لكن الخبراء يعتقدون أن الدول لن تطبق القاعدة الآن على الشركات الأمريكية خوفاً من أن تنتقم منها إدارة ترامب - بما في ذلك من خلال فرض تعريفات جمركية باهظة على صادراتها لأمريكا.

وقال راسموس كورلين كريستنسن، الباحث الضريبي الدولي في كلية كوبنهاجن للأعمال، إنه يعتقد أن «التعريفات العقابية» تبدو الخيار الأكثر ترجيحاً «نظراً لأنها من السياسات المفضلة للإدارة القادمة».

وخلال الحملة الانتخابية قال ترامب إنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 60 في المئة على جميع السلع الصينية ورسوماً شاملة تتراوح من 10 إلى 20 في المئة على بقية العالم. ويقول العديد من مستشاريه إنه يريد استخدام هذا التهديد بالتعريفات الجمركية لإبرام صفقات أفضل للشركات الأمريكية على مستوى العالم.

وقال دانييل بون، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الضرائب، وهي مؤسسة بحثية أمريكية، «ستكون هناك انتقادات وانتقام محتمل من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة ضد الولايات القضائية، التي تطبق ضرائب غير مباشرة.

وقال وي كوي: «سيكون هناك تردد أكبر في تطبيق ضرائب غير مباشرة لأن ترامب سيكون في السلطة». وقال متحدث باسم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنهم «سيواصلون العمل مع جميع البلدان لضمان نظام ضريبي دولي عادل وقائم على القواعد».

وقد دافعت الولايات المتحدة عن خطة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عهد إدارة بايدن، لكنها فشلت في تمريرها بالكونجرس، ويرجع ذلك جزئياً إلى مقاومة الجمهوريين لذلك.

والعام الماضي، وصف النائب الجمهوري جيسون سميث الاتفاق بأنه «استسلام ضريبي عالمي من جانب بايدن». كما هاجم الإصلاحات التي تستهدف حسب قوله «قتل الوظائف الأمريكية، والتنازل عن السيادة على قانوننا الضريبي وتسليم ميزة تنافسية للصين».

وخلال العام الماضي صاغ سميث مشروع قانون لزيادة معدل الضريبة على أرباح الشركات، التي يقع مقرها الرئيسي في ولايات قضائية تفرض «ضرائب خارج الإقليم وتمييزية» ضد الشركات المتعددة الجنسيات الأمريكية، لكن مشروع القانون لم يتم تمريره أبداً.

وقال دانييل بون، إن التعريفات الجمركية ومشروع القانون الجمهوري من المرجح أن يكونا «جزءاً من المناقشة»، عندما يتعلق الأمر بالتدابير الانتقامية المحتملة من قبل الولايات المتحدة، وقال بون وكوي، إن كندا من المرجح أن تكون في مرمى نيران الولايات المتحدة.

وإلى جانب اتفاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قامت الجارة الشمالية للولايات المتحدة أيضاً بتنفيذ ضريبة على الخدمات الرقمية، والتي تفرض بنسبة 3 في المئة على الإيرادات التي تتجاوز 20 مليون دولار كندي (14.4 مليون دولار)، وهو ما سيؤثر على العديد من شركات التكنولوجيا الأمريكية. وقال بون: «أعتقد أنهم سيكونون هدفاً للانتقام تماماً مثل الولايات القضائية الأخرى. .

وتعد كندا واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لذا أعتقد أنه سيكون من السيئ للغاية أن يكون هناك تصعيد، سواء من حيث الحروب التجارية أو الضرائب».

ووفقاً لراسموس كورلين كريستنسن، كان الاتحاد الأوروبي، الذي يضم كولاية قضائية معظم البلدان التي تطبق الحد الأدنى العالمي للضريبة، هو «الهدف الأكثر وضوحاً» الآخر للانتقام الأمريكي.

وأضاف: «يعد الحد الأدنى العالمي للضريبة جزءاً مهماً من جعل الضريبة الدنيا العالمية فعالة، لذلك سيكون من الصعب إضعافه»، لكن وفقاً للمحللين، من غير المرجح أن يحدث تقدم للركيزة الأولى لإصلاحات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي كانت البلدان تكافح بالفعل لإنجازها، مع وجود ترامب على رأس السلطة بالولايات المتحدة.

وتسعى هذه الركيزة إلى جعل مجموعات التكنولوجيا الكبرى والشركات المتعددة الجنسيات الأخرى تدفع المزيد من الضرائب في المكان الذي تمارس فيه أعمالها، ومع ذلك فإن هذا يتطلب موافقة الولايات المتحدة على حصول دول أخرى على حقوق ضريبية على شركاتها.

وقال أحد الأشخاص المطلعين على المفاوضات الدولية: «كان السؤال المثار لبعض الوقت بخصوص الركيزة الأولى: متى يتم إعلان وفاتها، وأعتقد أن (6 نوفمبر) ربما كان موعد إعلان الوفاة».

وقال ويل موريس، رئيس السياسات الضريبية العالمية في شركة «بي دبليو سي»، إن أحد المخاطر التي تواجه الشركات المتعددة الجنسيات هو أنه إذا فشلت الركيزة الأولى فقد يؤدي ذلك إلى طوفان من ضرائب الخدمات الرقمية.

حيث فرضت البلدان ضرائب على شركات التكنولوجيا من جانب واحد، لكن المحللين قالوا إن الدول التي تسلك هذا المسار قد تتعرض أيضاً للانتقام من الإدارة الأمريكية الجديدة. وكانت إدارة ترامب السابقة شرعت في تحقيقات حول 11 دولة فرضت ضرائب على الخدمات الرقمية أو كانت تخطط للقيام بذلك.

في ذلك الوقت قدم ممثلو التجارة الأمريكيون إخطارات بموجب المادة 301 - وهو الإجراء الذي تستخدمه الإدارات لفرض التعريفات الجمركية على الواردات - على جميع الدول الـ 11. وقال أليكس كوبهام، الرئيس التنفيذي لشبكة العدالة الضريبية، وهي مجموعة عالمية:

«يجب على أي طرف يمضي قدماً في ضريبة الخدمات الرقمية من جانب واحد أن يتوقع تدابير مضادة من الولايات المتحدة، ولا ينبغي أن تؤخذ فكرة أنها قد تظهر بعض ضبط النفس على محمل الجد».

وقد تكون بعض الولايات القضائية على استعداد لتحمل المخاطر، لذلك لم يستبعد مسؤولو الاتحاد الأوروبي القيام بذلك بمفردهم عبر فرض رسوم كبيرة على مجموعات التكنولوجيا الأمريكية إذا فشلت الركيزة الأولى.

وقال فوبكي هوكسترا، المسؤول عن سياسات الضرائب في الاتحاد الأوروبي في المفوضية الأوروبية القادمة: «لا يمكن أن لا نفرض ضرائب على هذه الشركات (التكنولوجية)، لأننا لا نستطيع التوصل إلى اتفاق عالمي، والأفضل هو القيام بذلك عالمياً، لكن هذا لم يكن ذلك ممكناً، فسيتعين عليّ الاجتماع مع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، وإيجاد حل ثانٍ أفضل».