قطاع الطاقة المتجددة الأمريكي في مهب الريح

أماندا تشو - راشيل ميلارد

سدد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية ضربة لصناعة الطاقة المتجددة، مما دفع ما لا يقل عن ستة مطورين إلى تعليق مشاريعهم وتخلي المستثمرين عن الأسهم.

وجمدت شركة هيليين الكندية للطاقة الشمسية خطتها لتصنيع الخلايا الشمسية في الولايات المتحدة، والتي تبلغ استثماراتها 150 مليون دولار، ريثما تتضح الرؤية السياسية في ظل إدارة ترامب الثانية. كما تعكف شركة برينستون نيو إنرجي الناشئة لإعادة تدوير البطاريات، على إعادة النظر في جدولها الزمني لبناء مصنع بقيمة 300 مليون دولار كان مقرراً افتتاحه عام 2028، وفقاً لما ذكرته الشركتان لصحيفة «فاينانشال تايمز».

وتخشى شركات الطاقة النظيفة أن تكون إعادة انتخاب ترامب بمثابة نذير بانهيار القطاع. وتعهد الرئيس المنتخب، في خضم حملته الانتخابية، بتعزيز إنتاج البلاد من النفط والغاز، والتخلي عن سياسات الرئيس جو بايدن المناخية، بما في ذلك إلغاء قانون الحد من التضخم، والذي كان أقوى تحرك من جانب الولايات المتحدة في مجال تعزيز الطاقة المتجددة. وقال مارتن بوكتاروك، الرئيس التنفيذي لشركة «هيليين»: «نحن في انتظار اتضاح الرؤية قبل ضخ المزيد من الاستثمارات».

ويشير تحالف مصنعي الطاقة الشمسية في أمريكا، الذي يضم أكبر مصنعي معدات الطاقة الشمسية في البلاد، إلى أن حوالي 6 مشاريع تنتظر المزيد من الوضوح من الإدارة الجديدة. وقال مايك كار، رئيس التحالف: «إنهم بحاجة إلى مزيد من اليقين قبل مضي رهاناتهم البالغة مئات أو مليارات الدولارات قدماً».

وأسفرت إعادة انتخاب ترامب وسيطرة الحزب الجمهوري على الكونغرس، عن انخفاض أسهم شركات الطاقة المتجددة، مع خشية المستثمرين من تباطؤ توجه البلاد نحو إزالة الكربون في ظل إدارة شاملة للجمهوريين. وانخفض صندوق «آي شيرز غلوبال كلين إنرجي» المتداول في البورصة، ويتتبع شركات الطاقة المتجددة، بنسبة 7% منذ فاز ترامب على كامالا هاريس، وانزلقت أسهم «فيرست سولار» وشركة فيستاس الدنماركية بنحو 10%. وهوت أسهم «بلاغ باور» المصنعة لخلايا الوقود ومزودة خدمات الطاقة الشمسية للمنازل «صانوفا» بأكثر من الربع.

أما الصناديق التي اتخذت مراكز بيعية على شركات الطاقة المتجددة، فقد حققت أرباحاً بأكثر من مليار دولار بفضل هذه التداولات. ولفت ألان ألكساندر، الشريك لدى مكتب فينسون آند إلكينز للمحاماة الذي يعمل على مشروعات الطاقة: «الجميع حالياً في وضع انتظار وترقب، وهم أيضاً في وضع تخطيط للطوارئ».

وكان قانون الحد من التضخم، الذي أقرته الولايات المتحدة في عام 2022، قد جعل من الولايات المتحدة سوقاً بارزة في استثمارات الطاقة النظيفة وسرع خطى إزالة الكربون، مما حفز استثمارات بقيمة تقارب 450 مليار دولار من جانب القطاع الخاص منذ إقراره، بحسب بيانات «كلين إنفستمنت مونيتور».

وكرر ترامب هجماته على قانون الحد من التضخم مراراً خلال حملته الانتخابية، واصفاً إياه بأنه «الخدعة الخضراء الجديدة»، وتعهد بـ «إنهاء» الدعم الفيدرالي البالغة قيمته 370 مليار دولار للطاقة النظيفة بموجب القانون. كما وعد ترامب بإطلاق العنان لإنتاج البلاد من النفط والغاز، وإيقاف مشروعات طاقة الرياح البحرية، وتفويضات المركبات الكهربائية، في «أول يوم» لتوليه الرئاسة.

وتشير تقديرات «وود ماكنزي» إلى أن نشر الطاقة النظيفة سينخفض بنسبة 30% حال إلغاء التسهيلات الضريبية، وإذا فرض ترامب تعريفات جمركية جديدة على المعدات، بالإضافة إلى قيود على إصدار التصريحات. وقال ديفيد براون، مدير ممارسات تحول الطاقة لدى «وود ماكنزي»: «إنه تحدٍ كبير لهدف صافي الانبعاثات الصفري، ومن المرجح أن انتخاب ترامب سيؤخرنا عن مسار التحول».

وأخبر مسؤولون تنفيذيون ومحللون عدة، «فاينانشال تايمز»، أن الجدوى الاقتصادية لمشروعات الطاقة النظيفة ستظل قائمة تحت إدارة ترامب، ويتوقعون عدم مساسه بالتسهيلات الضريبية بموجب قانون الحد من التضخم لمشروعات توليد الطاقة والتصنيع. وعلى الرغم من الضغوط الناجمة عن أسعار الفائدة، ستظل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البحرية أرخص مصادر الكهرباء الجديدة، بحسب «لازارد». وقال إريك دريسيلهويس، الرئيس التنفيذي لدى «إي إس إس»، المصنعة لبطاريات تخزين الطاقة في أوريغون «يساورنا شعور جيد حيال المستقبل، وعن كيف ستكون الأمور تحت إدارة ترامب»،.

وبينما قام ترامب بتقليص القيود على إنتاج الوقود الأحفوري ومعايير الانبعاثات، لكنه كان قد جدد التسهيلات الضريبية لمشروعات الطاقة الشمسية والرياح والمركبات الكهربائية. وذهب تحليل أجرته «رايموند جيمس»، إلى نمو مشروعات الطاقة الشمسية والرياح بواقع 32% و69% على التوالي في الفترة الأولى لرئاسة ترامب، بينما ازدادت مبيعات المركبات الكهربائية بأكثر من الضعف.

ويتوقع محللون أن تكون مشروعات طاقة الرياح البحرية والمركبات الكهربائية الأكثر تضرراً في عهد ترامب. وخلافاً للطاقة الشمسية والرياح البرية، تتطلب مشروعات طاقة الرياح البحرية تصاريح فيدرالية. كما أصبحت المركبات الكهربائية جزءاً من حرب ثقافية في البلاد منذ الفترة الأولى لترامب. وحذر تشاو يان، الرئيس التنفيذ لدى «برينستون نيو إنرجي» الناشئة لإعادة تدوير البطاريات، من أن التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب من شأنها زيادة تكاليف المكونات والمعدات اللازمة لإنتاج الطاقة المتجددة، وستضر بالمصنعين المحليين.

وتعهد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و20% على كل الواردات، بالإضافة إلى تعريفات بنسبة 60% على المنتجات المستوردة من الصين، وهي المنتجة المهيمنة على تقنيات الطاقة النظيفة. وقال يان: «ثمة الكثير من عدم اليقين، ومن الصعب اتخاذ القرارات»، واستطرد: «نحن بحاجة إلى وقت لخوض مناقشات داخلية والتشاور مع المستثمرين بشأن ما إذا كنا بحاجة إلى الإبقاء على وتيرتنا الحالية أم يتعين علينا إبطاؤها».

وحددت إدارة بايدن مستهدفاً لخفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 50% و52% مقارنة بتلك المسجلة في عام 2005. وذهبت تقديرات «وود ماكنزي» إلى أن الفترة الثانية لترامب ستسفر عن انبعاثات كربونية إضافية قدرها 500 مليون طن في قطاع الطاقة بحلول عام 2030. وقال أندرو ريغان، المدير التنفيذي لدى «كلين إنرجي فور أمريكا»، التي شاركت في إطلاق حملة إعلانية داعمة لهاريس في أكتوبر الماضي بقيمة لا تقل عن 100 ألف دولار: «لن تتوقف طفرة الطاقة النظيفة. لكن يتمحور السؤال حالياً حول ما إذا كان الرئيس ترامب سيسمح للولايات المتحدة بأن تظل رائدة في هذا المجال، أم ستتخلى البلاد عن ريادتها لصالح دول أخرى، لا سيما لمنافسين مثل الصين».