هل تنتظر صناعة ألعاب الفيديو ركوداً في موسم العطلات؟

ديفيد كوهين - هاري ديمبسي

تخشى صناعة ألعاب الفيديو أن يكون أهم ربع سنوي مخيباً للآمال، مع قلة الإصدارات الجديدة الموجهة للسوق الجماهيرية. لذلك، تستعدّ عملاقتا الألعاب اليابانيتان، «نينتندو» و«سوني»، لدخول موسم العطلات الحاسم هذا العام، دون تقديم جديد يُذكر للمستهلكين.

وتعتمد الأولى على مبيعات جهاز ألعاب «سويتش»، الذي مضى على إصداره 7 سنوات، بينما تُراهن الثانية على جذب اللاعبين المتحمسين فقط بجهازها الجديد «بلايستيشن 5 برو».

وصدر «بلايستيشن 5 برو» مؤخراً بسعر 700 دولار، ولاقى تقييماتٍ متباينة، في حين خفّضت نينتندو توقعاتها لمبيعات جهاز «سويتش» من 12.5 مليون إلى 13.5 مليون جهاز للسنة المالية المنتهية في مارس.

وعادةً ما تُحقق نينتندو إيراداتٍ خلال الربع الذي ينتهي في ديسمبر، تُعادل ضعف إيرادات الربع المنتهي في سبتمبر. وفي هذا السياق، قال جاريث ساتكليف رئيس قسم الألعاب لدى شركة «إندرز أناليسيز»: «يبدو هذا العام قاتماً، ويصعب تخيّل موسم عطلات أكثر إخفاقاً من هذا العام».

وتبدو الصورة قاتمة أيضاً في ما يتعلق بإصدارات ألعاب الفيديو، حيث لا يُتوقع صدور أي ألعاب ضخمة هذا العام. وينتظر العديد من المطورين إطلاق الجيل الجديد من أجهزة نينتندو، الذي سيتم الإعلان عن تفاصيله العام المقبل. وقال المحلل روبن تشو لدى «بيرنشتاين»: «لأسباب عديدة، لعلّ أبرزها دورة حياة جهازي بلايستيشن وسويتش، دخلت صناعة الألعاب في حالة من الركود». ويضيف: «يبدو أن إطلاق الألعاب الجديدة سيظل محدوداً حتى نهاية العام. وستكون أبرز ألعاب بلايستيشن، هي تلك التي صدرت خلال الأشهر الستة الماضية، مثل «بلاك ميث» و«ووكونج»».

وعادةً ما تمتدّ دورة حياة أجيال أجهزة الألعاب المنزلية لخمس سنوات، لكن جهاز «سويتش» دخل عامه الثامن، مُحققاً مبيعاتٍ هائلة، بلغت 146 مليون جهاز منذ إطلاقه في مارس 2017. وعلى الرغم من شحن أكثر من 65 مليون جهاز «بلايستيشن 5» منذ طرحه في نوفمبر 2020، إلا أن الشركات المُصنّعة ومطوري الألعاب، يتساءلون عن مستقبل الطلب، خاصةً مع وصول كلا الجهازين إلى المراحل الأخيرة من دورة حياتهما.

وتتزايد التكهنات بأن صناعة الألعاب تتجه نحو مستقبل «ما بعد الأجهزة»، مع تحوّلٍ ملحوظ نحو الألعاب السحابية، ما يجعل الألعاب متاحة على مختلف المنصات، وبالتالي، ستكون الأجهزة المحمولة هي أجهزة الألعاب الوحيدة المُخصصة للسوق العامة.

وتسعى مايكروسوفت لبيع المزيد من الألعاب على منصات منافسة، وتعزيز خدمة الاشتراك الخاصة بها «جيم باس»، التي تتيح الوصول إلى مئات الألعاب التي يمكن لعبها على جهاز إكس بوكس، أو على الحاسوب الشخصي، أو عبر الإنترنت على أجهزة أخرى، مقابل رسوم شهرية. وقد تتطور الأجهزة الجديدة، مثل بلاي ستيشن 6 أو إكس بوكس، إلى منتجات ذات هامش ربح مرتفع، بدلاً من كونها ركائز أساسية للأعمال.

وحتى الآن، يبدو أن نينتندو هي من تقود سوق الأجهزة، ويدفع نجاح جهاز سويتش، الذي يجمع بين كونه جهازاً محمولاً، وقدرته على الاتصال بالتلفزيون، الشركات الأخرى لإعادة التفكير في موقفها من الأجهزة المحمولة، على الرغم من أن البعض يخشى أن نينتندو قد تستغرق وقتاً طويلاً لإطلاق جهاز جديد.

وقال سيركان توتو رئيس شركة كانتان جيمز الاستشارية، إن «نينتندو تمر بمرحلة انتقالية حرجة، حيث يتعين عليها الاستمرار في دعم الجهاز الحالي، ولكنها بحاجة أيضاً إلى تأجيل الإصدارات المهمة، حتى تتمكن من إطلاق جهازها الجديد بنجاح.. ويبدو أنها على استعداد لتحمل بضعة أرباع بمستويات متواضعة قبل إطلاق الجهاز التالي».

وبالنسبة لمصنعي الأجهزة، تكمن المشكلة في ارتفاع تكلفة إنتاج أجهزة الألعاب التقليدية، وثبات قاعدة المستخدمين منذ سنوات. وأشار جاريث ساكليف من «إندرز أناليسيز»، إلى أنه «يبدو أن الأجهزة قد وصلت إلى أقصى حد في مستوى الطلب، ولا يمكنها تجاوزه.. والنموذج الوحيد الذي تجاوز هذه العتبة هو الأجهزة المحمولة، وهنا يأتي دور جهاز سويتش». وأظهرت نتائج سوني الأخيرة مبيعات قوية في برامج الألعاب، بما في ذلك تلك المطورة من جانب طرف ثالث، لكن جهاز بلاي ستيشن 5 لم يتفوق بعد على مبيعات جهاز بلاي ستيشن 4 السابق، عند مقارنة دورة حياتهما. ومن غير المحتمل أن يغير جهاز بلاي ستيشن 5 برو هذه الديناميكية، مع استمرار سوني في استهداف بيع 18 مليون جهاز هذا العام، بما في ذلك النسخة «برو».

وأكد هيروكو توتوكي رئيس شركة سوني مؤخراً، على أن «جهاز برو موجه للمستخدمين المحترفين، لذا لا نتوقع أن يسهم بشكل كبير في المبيعات الإجمالية منذ البداية.. وفي الوقت الحالي، لا نتوقع أن يؤثر تسعير بلاي ستيشن 5 برو سلباً في خططنا».

وبينما لا يعتبر جهاز بلاي ستيشن 5 برو محركاً رئيساً للإيرادات، فإنه قد يكون مؤشراً واضحاً لاتجاه الصناعة في المستقبل، فالجهاز يقدم رسومات وأداء أفضل، وتكلفته أعلى بمقدار 200 دولار عن جهاز بلاي ستيشن 5 العادي، ما يجعله أقرب إلى بعض أجهزة الكمبيوتر المخصصة للألعاب، حتى قبل إضافة تكاليف الملحقات، مثل محرك الأقراص أو الحامل. وبالتالي، يبدو أن استراتيجية سوني تتمثل في الحفاظ على هوامش ربح عالية لمنتج متخصص، مع العلم أن اللاعبين الدائمين على استعداد لدفع زيادة بنسبة 67 % في قدرة الحوسبة، والتي تدّعي سوني أنها ستوفر أداء أسرع بنسبة 45 % أثناء اللعب.

وعلق روبن تشو، المحلل في «بيرنشتاين»، قائلاً «يبدو أن سعر جهاز بلاي ستيشن 5 برو البالغ 700 دولار هو استراتيجية للتمايز السعري، على غرار إصدار جي تي آي من فولكس فاغن غولف، فهو يمثل النسخة الرائجة لمنتج رئيس يستهدف هواة الألعاب».

ومع ذلك، فقد لفت إلى أن الضجة على وسائل التواصل الاجتماعي حول السعر في معرض طوكيو للألعاب مؤخراً، إلى جانب تساؤل النقاد عما إذا كانت الترقية تبرر التكلفة، يمكن أن تقدم فرصة سانحة لشركة نينتندو، مشيراً إلى أنه «من حيث الرأي العام، يجب أن توفر الضجة على الإنترنت حول تسعير بلاي ستيشن 5 برو غطاء لشركة نينتندو لبيع سويتش 2 بسعر 400 دولار، أو ربما 450 دولاراً دون مواجهة رد فعل سلبي».

كما تلقت أسهم نينتندو دفعة منذ أيام، بعد أن كشف رئيسها شونتارو فوروكاوا أن الجهاز الجديد، المقرر الإعلان عنه بحلول نهاية مارس، سيكون متوافقاً مع الإصدارات السابقة، ما يسمح له بتشغيل ألعاب سويتش الحالية.

وتأمل الصناعة أنه إذا نجحت نينتندو في تحديد الأسعار والتصور المناسب لخليفة سويتش، فيمكنها توفير نموذج تنتهجه الشركات الأخرى، وقد يكون موسم عطلات العام المقبل مختلفاً تماماً.

وقال ميغيل أنجيل، المطور لدى لابسوس جيمز، أثناء حضوره معرض طوكيو للألعاب، إن «ما يحدث مع بلاي ستيشن 5 والأجهزة الأخرى، يعتمد على كيفية استجابة الناس»، مضيفاً أن «الألعاب أصبحت مكلفة... والناس عموماً لا تميل لشراء أجهزة الألعاب إلا كل عدة سنوات».