بيثان ستاتون
تشجع كبرى شركات التوظيف اليوم الباحثين عن عمل على الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل «تشات جي بي تي»، لتحسين طلباتهم، في دلالة واضحة على تقبّل المجتمع المهني المتزايد لدور هذه التقنيات في عملية التوظيف.
وتوصي شركات التوظيف العالمية، مثل «مايكل بيج للتكنولوجيا» و«مجموعة ستيبستون» الأوروبية، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لصياغة السير الذاتية، وكتابة خطابات التقديم، والبحث عن فرص العمل، حتى يتمكن المرشحون من تقديم أنفسهم بصورة أفضل تبرز مهاراتهم ومؤهلاتهم.
وفي هذا السياق، أشار جيمس باريت مدير شركة «مايكل بيج للتكنولوجيا» إلى أن التكيف مع الذكاء الاصطناعي يساعد المتقدمين على اجتياز مراحل عملية التوظيف بنجاح.
كما شجع الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستيبستون»، سيباستيان ديتمرز، على استخدام الذكاء الاصطناعي «طالما أنه يساعد في إظهار أفضل نسخة من المرشح بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة».
ويعكس هذا التوجه تحولاً في النظرة إلى الذكاء الاصطناعي، بعد تحذيرات سابقة من أن الطلبات الآلية قد تُسيء تمثيل قدرات المتقدمين أو تربك الشركات بعدد ضخم من الطلبات.
وتوفر شركة «ستيبستون» للمرشحين أدوات تتيح إنشاء خطاب التقدم للوظيفة باستخدام السيرة الذاتية ووصف الوظيفة، إضافة إلى مولد للسير الذاتية، حيث تم استخدام هذه الأدوات 2.6 مليون مرة في العام الماضي.
وتتوافق هذه الأدوات مع أدوات أخرى من شركات متخصصة تقدم خدمات كتابة السير الذاتية وخطابات التقديم بمساعدة الذكاء الاصطناعي، مثل منصة «كيك ريزومي».
كما توفر «لينكد إن» الشبكة الاجتماعية المهنية، أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقييم مدى ملاءمة المستخدمين للوظائف بناءً على مهاراتهم وخبراتهم، وتساعد في صياغة خطاب تقديم ووضع تعليقات حول السير الذاتية.
وقالت «لينكد إن»، إن 90% من المشتركين الذين استخدموا هذه الميزات وجدوا أنها مفيدة، وتعتزم المنصة إطلاق النسخة القادمة من تحسينات الذكاء الاصطناعي لمستخدميها غير المشتركين.
وتأتي هذه الأدوات كاستجابة للاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف؛ وتؤكد منصة ستيبستون أن مولد السيرة الذاتية الخاص بها قادر على اجتياز فحص أنظمة تتبع المتقدمين بسهولة، وهي برامج تستخدمها الشركات لفرز المرشحين بناءً على الكلمات المفتاحية.
وتشير البيانات البحثية إلى أن نسبة كبيرة من الباحثين عن عمل يستخدمون بالفعل الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لدراسة حديثة من مجموعة راندستاد، فإن نحو 57% من موظفي الجيل «زد» يستخدمون الذكاء الاصطناعي في كتابة طلبات العمل والسير الذاتية وخطابات التقديم، بينما تصل النسبة إلى 40% في جيل الألفية، و21% في جيل إكس، و13% بين أبناء جيل الطفرة (الجيل الذي وُلد بين عامي 1946 و1964).
وتشير كيلي-آن مالون، مديرة توظيف الطلاب في جامعة مانشستر، إلى أن الغالبية العظمى من الطلاب يستخدمون الذكاء الاصطناعي لأداء مهام مثل البحث عن أصحاب العمل المحتملين وصياغة الطلبات.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستيبستون»، سيباستيان ديتيمرز، إن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل أوصاف الوظائف والسير الذاتية للمتقدمين، والتعرف على المتطلبات المحددة للوظيفة. بعد ذلك، يقوم الذكاء الاصطناعي بإنشاء خطاب تقديم يبرز ويوضح سبب تطابق المتقدم مع متطلبات تلك الوظيفة.
وهذه التقنيات تساعد المرشحين على فهم متطلبات أصحاب العمل بشكل أفضل وتوضيح مدى ملاءمتهم للوظائف. وعلق ديتميرز قائلاً: «التكنولوجيا تساعدك في تقديم نفسك إلى مسؤول التوظيف باعتبارك الشخص الأنسب للوظيفة». ومع ذلك، يجب على المتقدمين الحرص على تحقيق توازن دقيق.
وفي هذا السياق، تقول أماندا ويتشر، مديرة التكنولوجيا في المملكة المتحدة وأيرلندا في شركة هايز للتوظيف:
مع زيادة اعتماد أصحاب العمل على الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف، من المهم تقييم مدى ملاءمة سيرتك الذاتية أو خطاب التقديم مع المعايير التقنية. لكنها أكدت أهمية تخصيص المحتوى المُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي ليتناسب مع خبرات المتقدم وأسلوبه الشخصي.
وتشير كيلي-آن مالون، رئيسة توظيف الطلاب في جامعة مانشستر، إلى أن بعض أنظمة التوظيف تُصمَّم لتحديد الطلبات التي أنشئت كلياً بواسطة الذكاء الاصطناعي، لذلك، فإن المرشحين الذين يقدمون طلبات تبدو عامة قد لا يجذبون اهتمام مسؤولي التوظيف، وهو ما قد يؤثر سلباً على فرصهم في الحصول على الوظيفة.
من جهته، حذر مايكل ستول، المدير الإداري للمجموعة العالمية للموارد البشرية «مان باور» في المملكة المتحدة، من استخدام الذكاء الاصطناعي في التقييمات أو في المبالغة في قدرات المتقدمين بشكل غير حقيقي.
مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى اختيار المتقدمين لوظائف غير ملائمة لهم.
وأكد ديتمرز أهمية أنظمة الذكاء الاصطناعي المسؤولة التي لا تشجع المتقدمين على المبالغة في إنجازاتهم، مثل إضافة مهارات مذكورة في توصيف الوظيفة لكنها غير موجودة في سيرتهم الذاتية.
ورغم أهمية هذه الاحتياطات، فقد شدد على أن المشكلة ليست ناتجة عن الذكاء الاصطناعي بحد ذاته. وأوضح ديتميرز أن هذه الحواجز ضرورية نظراً لانتشار استخدام الذكاء الاصطناعي. وأضاف: نحتاج إلى الانفتاح على استخدام التكنولوجيا من كلا الجانبين. ويمكنك تحذير الأشخاص من استخدام الذكاء الاصطناعي، لكنهم سيستخدمونه على أية حال، لذا عليك أن تكون مستعداً.