هجوم حاد في وول ستريت على أداة رئيسية للرقابة والشفافية

جينيفر هيوز
ما مدى أهمية الشفافية في الأسواق؟ بالنسبة لمعظم المستثمرين، هي لا تشكل شاغلاً مهماً خلال عقد الصفقات، وهو ما يشير إلى مستوى عال من الثقة في نزاهة السوق. ولكن ماذا لو كان بإمكان دعوى قضائية إلغاء أداة رئيسية ضمن حزمة الأدوات التنظيمية المستخدمة لمراقبة سوق الأسهم بالكامل؟

في هذا السياق، سلط تايلر جيلاش، الرئيس التنفيذي لجمعية «هيلثي ماركتس أسوسيشن» - وهي منظمة تعنى بحماية حقوق المستثمرين - الضوء على تحديين خطيرين يهددان شرعية «سجل التدقيق الموحد» (CAT). وتعد هذه الأداة بمثابة كنز للجهات التنظيمية.

حيث تتيح تتبعاً دقيقاً لجميع الطلبات والصفقات في الأسهم وعقود الخيارات المدرجة، مما يمكن هيئة الأوراق المالية والبورصات من مراقبة حركة التداول في سوق الأسهم الأمريكية بشكل فوري وفعال.

وكان جرى تطوير هذه الأداة عقب «انهيار السوق السريع» عام 2010، عندما واجهت الجهات التنظيمية صعوبة في تحديد أسباب الانهيار الذي كلف السوق تريليون دولار.

ودخل «سجل التدقيق الموحد» حيز التنفيذ تدريجياً حتى اكتمل في عام 2024، ويشبهه مؤيدوه بـ «تلسكوب هابل الفضائي» نظراً لدقته وفعاليته في رصد أدق تفاصيل السوق.

ويرى جيلاش أن وقف الأداة من شأنه إعادة قدرات المراقبة في السوق الأمريكية إلى معايير السبعينيات، رغم أن القرارات التجارية تتخذ الآن في أجزاء من الثانية وزاد تواترها بشكل كبير.

ويضيف «سواء أبطلتها المحكمة أم الكونغرس، فإن إلغاء الأداة يعني منع الجهات التنظيمية من معرفة من يفعل ماذا في أسواق رأس المال.. وهذا يشكل خطراً غير مسبوق». لذلك، كتب جيلاش أخيراً لهيئة الأوراق المالية والبورصات يحثها على إعادة النظر في هيكل الأداة قبل فرض أي تغييرات عليها.

والنسبة لمعارضيها، فإن الأداة بمثابة كابوس كبير (كأنها مستلهمة من روايات جورج أورويل وفكرة الأخ الأكبر)، أي أنها انتهاك جسيم للخصوصية حيث تجاوزت هيئة الأوراق المالية والبورصات الكونغرس في تنفيذه، ولذلك، فقد رفعوا دعاوى قضائية ضده.

وخلال العام الماضي، رفع كين غريفين، الملياردير ومؤسس سيتادل سيكيوريتيز، دعوى قضائية في فلوريدا العام الماضي بالتعاون مع جمعية الأوراق المالية الأمريكية، لمهاجمة آلية تمويل الأداة.

وأشارت الدعوى إلى أن الصناعة تتحمل ما يقدر بنحو 200 مليون دولار سنوياً لتشغيلها، بالإضافة إلى إنفاق نحو مليار دولار على تطويرها. وتحذر الدعوى من تراكم 500 مليار سجل تداول يومياً «يمكن استخدامها وفقاً لمخيلة البيروقراطيين»، حسبما تشير الدعوى.

وفي أبريل، اتخذت قضية في تكساس منحى مختلفاً، حيث طالبت جماعات ناشطة محافظة، مثل التحالف الوطني للحريات المدنية، بوقف أداة سجل التدقيق الموحد بسبب «عمليات المراقبة العقيمة» للبيانات المالية للأفراد.

وحذرت من أن آلاف الجهات التنظيمية قد تتمكن من الوصول إلى هذه البيانات، حيث تعد ثاني أكبر قاعدة بيانات في العالم بعد قاعدة بيانات وكالة الأمن القومي. وذكر المحامون أن «الدستور يحظر صراحة إطلاق مثل هذه الأداة».

وتبدو الادعاءات درامية كعادة الشكاوى القانونية. ولكن هل سيؤدي إلغاء الأداة إلى خلق ثغرة في جهود اكتشاف الانتهاكات السوقية؟ حسناً، لا يزال هناك النظام المعروف باسم «الأوراق الزرقاء»، حيث تطلب الجهات التنظيمية سجلات محددة من الوسطاء، لكنه يعتمد على ملاحظة المشكلة أولاً، ولا يمكنه اكتشاف اتجاهات التداول غير المألوفة.

وكما يوضح جيمس أنجل، أستاذ العلوم المالية في جامعة جورج تاون، أنه «إذا تم إبطال هذه الأداة بواسطة المحاكم، سيكون لدينا فجوة كبيرة في نظامنا المالي، فأنت إذا كنت تحاول القبض على أشخاص يمارسون أنشطة مثل التلاعب أو التحايل أو ممارسات فساد أخرى، فستحتاج إلى هذا النوع من البيانات».

كذلك في نظر المعارضين، يعد هيكل سجل المراقبة الموحد غير قانوني أو غير دستوري، فقد نشأ من أنظمة قائمة منذ أمد طويل تديرها البورصات وهيئة تنظيم الصناعة المالية التي تشرف على الوسطاء.

وجميعها منظمات ذاتية التنظيم رسمية، ما يعني أنها مسؤولة عن وضع القواعد لأعضائها والإشراف عليهم. وكانت المجموعة قد أدارت سابقاً النسخة القديمة من الأداة، لذلك، لم يثر قرار هيئة الأوراق المالية والبورصات بإسناد صياغة وتمويل وبناء سجل المراقبة الموحد للمجموعة نفسها الكثير من الضجة.

وبموجب النظام الحالي، لم تكن الأداة بحاجة إلى موافقة الكونغرس لأنه على الرغم من ضرورة الموافقة على موازنة هيئة الأوراق المالية والبورصات، فإن الأداة ليست مدرجة فيها. وإذا كانت كذلك، فإنها ستلتهم حوالي عشر تمويل الهيئة الرقابية.

ويخشى جيلاش أن تقرر المحاكم أو الكونغرس أن الأداة تتجاوز سلطة هيئة الأوراق المالية والبورصات، أو تشكك في هيكل تمويلها. كما تحظى الأداة باهتمام واضح في مشروع 2025، وهو مخطط سياسي محافظ يدعمه العديد من أنصار الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والذي دعا إلى إنهائها.

وفي الشهر الماضي، سلط تقرير من نظام المراجعة الداخلية المستقل التابع لهيئة الأوراق المالية والبورصات الضوء على المخاوف العامة إزاء خصوصية سجل المراقبة الموحد وتكاليفها، مما دفع إلى إجراء تدقيق أعمق.

وفي الوقت الراهن، تنتظر الجهات في فلوريدا صدور حكم بشأن طلب سيتاديل بوقف أي رسوم للأداة حتى يتم الفصل في القضية.

وفي تكساس، رفض القاضي الشهر الماضي أمراً قضائياً أولياً بتعليق الأداة، بحجة عدم وجود نسخة احتياطية. وكتب القاضي: إن «وضع سجل التدقيق الموحد معروف منذ سنوات». ويبدو أن الشيء الوحيد الذي يوحد جميع الأطراف في النزاع حول الأداة هو الرغبة المشتركة في التلاعب بالألفاظ.