دعوات لحماية أكبر للطلاب من انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة

أندرو جاك
خصص مدرس المدرسة الثانوية في نيويورك، مات بولازو، أول حصة له بعد الانتخابات الأمريكية، لكيفية تغطية وسائل الإعلام لفوز دونالد ترامب.

وعندما أعرب عدد من الطلاب عن شعورهم بالإحباط إزاء التغطية التلفزيونية «المنحازة»، عرض بولازو مقتطفات متنوعة مأخوذة من مقالات نُشرت في صحيفة نيويورك تايمز وبوليتيكو وذا فري بريس.

وقال بولازو لطلابه: «هدفي هو أن تصبحوا قراء مطلعين.. لذلك، من المهم تنويع المصادر الإعلامية، والانتباه إلى إيديولوجيات الوسائل الإعلامية، فضلاً عن الاطلاع على وسائل إعلامية مختلفة.

ومن الملاحظ أنه خلال السنوات الأخيرة، قاد الشباب الأمريكيون حولاً كبيراً من وسائل الإعلام التقليدية إلى وسائط التواصل الاجتماعي، ما أثار مخاوف بشأن زيادة الانحياز وانتشار القصص المفبركة.

وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة أجراها مشروع التثقيف الإعلامي، أن 18 % فقط من المراهقين الأمريكيين يمكنهم التمييز بدقة بين الأخبار والإعلانات والآراء والترفيه. ويرى ما يقرب من نصفهم أن الصحافة تضر الديمقراطية أكثر مما تنفعها.

وتقول ميشيل ليبكين رئيسة الجمعية الوطنية للتثقيف الإعلامي، وهي منظمة غير ربحية، إنه «لا يمكن المبالغة في أهمية هذا الأمر. لذلك، أمامنا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به، خاصة بعدما شهدناه من تقدم كبير للذكاء الاصطناعي.

وتزايد المخاطر الناجمة عن المعلومات المضللة، والتزييف العميق، والاحتيال عبر الإنترنت، والمخاوف المتعلقة بالصحة العقلية وكيفية التعامل معها. لهذا من الضروري أن نفهم المعلومات التي نتناولها، ونفكر فيها، ولا ننساق وراء ما نراه ونسمعه بطريقة عمياء».

وقد أدّت هذه المخاوف المتزايدة إلى ظهور لوائح جديدة، وأدوات تعليمية تهدف إلى تحسين التثقيف الإعلامي بين الشباب. وتقول منظمة «ميديا ليتراسي ناو»، وهي منظمة أهلية، أن أكثر من نصف الولايات الأمريكية أجرت جلسات استماع أو مناقشات حول هذه المسألة.

وقد مررت 18 ولاية قوانين تتناولها بالفعل. لكن المعلمين الذين يحاولون تثقيف الطلاب حول هذه المسألة، يواجهون العديد من العقبات. وإحدى هذه العقبات، هي غياب تعريف موحد للتثقيف الإعلامي. وثمة تفسيرات مختلفة حول أهدافه، وكيفية التعامل مع الآراء والانحياز وعدم الدقة والمعلومات المضللة.

وتقول رينيه هوبز أستاذة دراسات الاتصال في جامعة رود آيلاند، إن «مختلف الساسة يرون أنه بمثابة مطرقة يمكن استخدامها لأغراض مختلفة».

وهناك مصدر آخر للقلق، يتمثل في أن المدارس قد تواجه صعوبة في تضمين هذه القضية، في ظل جداولها المزدحمة، دون وجود إلزام قانوني وتوفير للتمويل.

ويوضح مايكل مارتيرون، وهو مدرس متخصص في الدراسات الاجتماعية بمدرسة ثانوية في نيو جيرسي، التي أصدرت مؤخراً قانوناً للتثقيف الإعلامي، قائلاً «يتناول العديد من المعلمين الموضوع بشكل متقطع، وبما أنه ليس إلزامياً، يتعين علينا دمجه في المساق».

وتتعلق المعضلة الثالثة بكيفية تبنّي النهج المناسب. ويوصي سام واينبرغ أستاذ التربية في جامعة ستانفورد، بالقراءة للتحقق من مصداقية أي مصدر قبل النقر لقراءته.

بينما يفضل فيليب هيجام أستاذ علم النفس في جامعة ساوثهامبتون «التعلم الاستقرائي»، عبر عرض أمثلة متعددة للأخبار الحقيقية والمزيفة على الطلاب، لمناقشتها وتفسيرها.

ولا تزال الأدلة غير واضحة بشأن مدى تأثير أي نهج في عادات القراءة الفعلية أو المعتقدات أو الأفعال، لا سيما التصويت في الانتخابات الرئاسية. وكما يقول مايكل مارتيرون «يمكنك ممارسة مهارة ما لمدة 55 دقيقة في الصف، ولكن عندما يكون الطلاب مع أصدقائهم، هل سيخصصون مثل هذا الوقت للتفكير بشكل انتقادي؟».

وثمة احتمال آخر، وهو أن الشباب ببساطة يبتعدون عن الأخبار والمحتوى القائم على الأدلة، لأنهم يعتقدون أن الحقائق تفشل في إحداث تحولات سياسية ملموسة بشأن مواضيع تهمهم، كتغير المناخ، على سبيل المثال.

وعقب انتهاء الحصة الدراسية، تساءل مات بولازو مدرس المدرسة الثانوية، عما إذا كانت الانتخابات الأمريكية ستساعد في تشجيع طلابه على البحث عن مصادر أخبار ذات مصداقية. وقال «لقد نشأ جيلنا على قراءة الصحف، ولكن هذا الجيل يبحث فقط في تيك توك».