وادي السيليكون وجهة الشركات الصينية لجذب مواهب الذكاء الاصطناعي

إليانور أولكوت
تتجه كبرى شركات التكنولوجيا الصينية نحو وادي السيليكون لتشكيل فرق متخصصة في الذكاء الاصطناعي، وذلك في مسعى لاستقطاب ألمع العقول الأمريكية في هذا المجال، وذلك رغم جهود واشنطن الرامية إلى تقييد تطوير هذه التكنولوجيا المتقدمة داخل الصين.

وقد وسعت شركات عملاقة مثل علي بابا وبايت دانس وميتوان مكاتبها في ولاية كاليفورنيا خلال الأشهر الأخيرة، مستهدفة جذب موظفين ذوي خبرة من الشركات الأمريكية المنافسة، وذلك للمساعدة في سد الفجوة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وتأتي هذه الجهود رغم محاولات الولايات المتحدة عرقلة تقدم الصين في هذا المجال، حيث فرضت حظراً على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي عالية الأداء من شركة إنفيديا، التي تعد أساسية لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، ما أثر في شركات التكنولوجيا الصينية.

وحالياً، لا توجد قيود تمنع الكيانات التابعة أو المملوكة لشركات التكنولوجيا الصينية في الولايات المتحدة من الحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة عبر مراكز بيانات موجودة داخل البلاد، ومع ذلك اقترحت وزارة التجارة الأمريكية في يناير فرض قواعد تُلزم مزودي الخدمات السحابية بالتحقق من هوية المستخدمين الذين يقومون بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتقديم تقارير عن أنشطتهم.

وقال ثلاثة مصادر مطلعة على الأمر إن شركة علي بابا تقوم بتشكيل فريق للذكاء الاصطناعي في مدينة ساني فيل الواقعة بمنطقة خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، واستهدفت مهندسين ومديري منتجات وباحثين عملوا سابقاً في شركات مثل «أوبن إيه آي» وشركات تكنولوجية أمريكية كبرى.

كما نشرت أكبر مجموعة للتجارة الإلكترونية في الصين إعلانات توظيف على منصة «لينكد إن» لمناصب تشمل باحث تطبيقات ومهندس تعلم آلي ومدير تسويق للمنتجات في الولايات المتحدة.

وسيركز الفريق على محرك البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي «أكسيو Accio» التابع لمجموعة علي بابا للتجارة الرقمية الدولية، والمصمم للتجار.

في الوقت نفسه، تواصل أحد مسؤولي التوظيف في علي بابا عبر البريد الإلكتروني مع عاملين في قطاع التكنولوجيا بالولايات المتحدة، وأبلغهم أن شركة التجارة الإلكترونية الصينية تخطط لتحويل فريق الذكاء الاصطناعي في كاليفورنيا إلى شركة ناشئة مستقلة، حسبما أفاد شخصان مطلعان على الأمر.

وكشف باحث سابق في «أوبن إيه آي» أنهم تلقوا سيلاً من الرسائل من شركات التكنولوجيا الصينية، بما في ذلك منصة توصيل الطلبات ميتوان وعلي بابا، في محاولة لمعرفة تفاصيل حول تجربتهم داخل الشركة، إضافة إلى عرض فرص توظيف.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، عملت ميتوان على تشكيل فريق في كاليفورنيا في ظل مخاوف من المديرين التنفيذين حيال تخلفها عن الركب في قطاع الذكاء الاصطناعي، وفقاً لمصدرين.

وأعاد الرئيس التنفيذي وانغ شينغ المؤسس المشارك وانغ هوي وين إلى الشركة لقيادة فريق الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديد المعروف باسم «GN06»، لاستكشاف فرص الذكاء الاصطناعي المتاحة.

وأضاف المصدر أن بعض أعضاء الفريق يقسمون وقتهم بين بكين وكاليفورنيا، وكانت منصة الوسائط الصينية «36Kr» أول من أفاد بأن وانغ يقود قسم الذكاء الاصطناعي الجديد، ولم تستجب ميتوان لطلب التعليق.

وتتمتع شركة بايت دانس، الشركة الأم لتطبيق تيك توك، بأكبر بصمة للذكاء الاصطناعي في كاليفورنيا، مع وجود العديد من الفرق تعمل على مشاريع متنوعة. ويركز فريق بحثي على دمج ميزات الذكاء الاصطناعي في تيك توك.

بينما يعمل فريق آخر على تطوير نموذج اللغة الكبير «دوباو» بالتعاون مع فرق في الصين وسنغافورة، حسبما أشارت العديد من المصادر.

ويشرف تشو وينجيا، المسؤول عن تطوير النماذج ومقره في بكين، على الموظفين المقيمين في كاليفورنيا، وكان وينجيا قاد سابقاً فريق المنتجات والهندسة في تيك توك.

إضافة إلى ذلك، بدأت شركات ناشئة صينية أصغر حجماً في مجال الذكاء الاصطناعي ترسيخ وجودها في الولايات المتحدة، حيث قامت بتوظيف مهندسين لديهم خبرة في العمل في أبرز مختبرات الأبحاث والشركات بالمنطقة.

وبحسب ملفه الشخصي على لينكد إن، فإن وو يوكسين، أحد المؤسسين المشاركين لشركة «مونشوت إيه آي»، يقيم في سان فرانسيسكو، وقد عمل سابقاً في «ميتا» و«كروز»، وأسهم في الأبحاث المتعددة الوسائط لدى «غوغل برين»، قبل أن يشارك في تأسيس شركة يونيكورن مقرها بكين.

وهو يعمل حالياً على نماذج كبيرة متعددة الوسائط في مونشوت، التي تمتلك روبوت دردشة شهيراً للذكاء الاصطناعي يسمى «كيمي»، الذي اكتسب شعبية في الصين، وفق أشخاص مطلعين على الأمر.

وكانت بيدو، مشغل أكبر محرك بحث في الصين، تدير أحد أبرز مختبرات أبحاث الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون، وتوظف كبار الباحثين والمهندسين الذين يركزون على نظم التعرف على الكلام والقيادة الذاتية.

وفي ذروة عملياتها خلال عام 2017، وظفت بايدو مئات عدة من الموظفين في مركز البحث والتطوير بالولايات المتحدة، مع شخصيات بارزة، مثل آدم كوتس وأندرو نج، شغلت مناصب قيادية.

ووفقاً ل مصادر عدة مطلعة على الأمر، اضطرت بايدو إلى تقليص عملياتها بعد رحيل عدد من كبار الموظفين بسبب الصراعات الداخلية في الشركة وتدهور العلاقات بين واشنطن وبكين.