آدم باركر
عانى المستثمرون في الأسهم الذين اعتادوا ممارسة الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع لفترة طويلة في أسواق الأسهم الأمريكية، فالعديد من الأسهم التي تبدو ذات قيمة جذابة بناء على المضاعفات المنخفضة لأرباحها لا تتفوق لاحقاً على الأداء.
وبالتالي، فإن شراء «المتوسط إلى المرتفع» كان أفضل من شراء «المنخفض» لسنوات عديدة، فما الذي تغير؟ وقد سجل نهج الاستثمار التقليدي الذي يستخدمه العديد من مديري المحافظ على أساس «العودة إلى المتوسط» .
وعلى أساس فكرة أن الأسهم المنخفضة كثيراً سترتفع في النهاية، أداء سيئاً في السنوات الخمس عشرة الماضية، حيث كانت السوق الأمريكية تركز بشكل أكبر على آفاق النمو المستقبلية.
وثبت أن الشركات التي لديها نسب منخفضة من السعر إلى الأرباح المستقبلية غالباً ما لا تكون بالمرة جواهر غير مكتشفة. وعلى العكس من ذلك، قد لا تكون الشركات التي تبدو باهظة الثمن من حيث القيمة المطلقة مبالغاً في تقديرها، نظراً لأن أدائها القوي والثابت ينبئ عن قوة مستقبلية.
ولكن في مرحلة ما، قد يصبح تقييم السهم متطرفاً. ومن بين هذه الحالات شركة كوستكو، وهي شركة ضخمة للبيع بالتجزئة، فقد وصل سهمها إلى أدنى مستوياته بعد أن نشرت أرباحاً مخيبة للآمال في مايو 2022.
ولكن منذ ذلك الحين ارتفع أكثر من الضعف. وكان ذلك مدفوعاً جزئياً بالأداء الأساسي للشركة، ولكن أيضاً بسبب قيام المستثمرين بتقديرها بتقييم أعلى، لذلك فقد زادت نسبة السعر إلى الأرباح المستقبلية لشركة كوستكو من 31 إلى 50 ضعفاً.
في حين يقدر العديد من المستثمرين المزايا العديدة لنموذج الأعمال الفريد لشركة كوستكو مع الربحية المدعومة بالرسوم لاستخدام المستودعات، فإن ما يزعجني بقوة تلك الزيادة الكبيرة في التقييم لشركة ناضجة تأسست في عام 1983، لذلك يبدو لي مضاعف التقييم البالغ 50 ضعفاً للأرباح المتوقعة مرتفعاً بشكل لا يصدق.
لكن لماذا توسع تقييم كوستكو بهذا القدر؟ يبدو أن هذا يرجع جزئياً إلى التوقعات بتحقيق أرباح أفضل من رسوم العضوية السنوية، وهو ما يشبه ما يسمى بـ«لحظة نتفليكس» عندما أعاد المستثمرون تقييم توقعاتهم لخدمة البث فجأة. ومن شأن الاتجاه المحسن للرسوم أن يدفع لهوامش ربح أكبر في المستقبل وبالتالي تقييمات أعلى.
في حين توسعت هوامش صافي ربح كوستكو بالفعل من 2.4 إلى 2.8 في المئة على مدى السنوات القليلة الماضية، فإن السؤال هو ما مدى احتمالية أن يحافظ السهم على تقييم مرتفع مثل التصنيف الممتاز الحالي للشركة؟
وقد قمنا بتقييم سوابق لشركات تتداول عند 50 ضعفاً من السعر إلى الأرباح المتوقعة أو أعلى من ذلك، ولاحظنا أن فترات التعافي في عامي 2009 و2020 شهدت توسعاً مضاعفاً بهذا الحجم للعديد من الأسهم، لكن في المتوسط، هناك 20 سهماً سنوياً من أصل 900 سهم نظرنا فيها تصل إلى عتبة التقييم.
وحتى الآن في عام 2024، كان هناك 19 سهماً. ومن المتسق تماماً أن مضاعفات تقييم هذه الشركات تبدأ في الانكماش في المتوسط إلى 37 ضعفاً من السعر إلى الأرباح المستقبلية بعد 12 شهراً من «الكسوف» الأولي. ويبدو أن هذه هي الحال قبل وبعد «كوفيد 19»، باستثناء فقاعة التكنولوجيا.
ومع انكماش المضاعفات، تبدأ الأسهم في تحقيق أداء أقل من المتوقع. ويتوافق الأداء المتوسط للأسهم التي تخطت في البداية 50 ضعف الأرباح المستقبلية مع أداء السوق خلال الأشهر العشرة الأولى من العام، لكنها تبدأ بعد ذلك في التخلف عن الركب.
ومنذ عام 2003 (وباستبعاد فقاعة التكنولوجيا)، يتخلف السهم المتوسط عن السوق بنحو 12 نقطة مئوية على مدى العامين التاليين. ولم تتفوق سوى 37% من الأسهم على السوق خلال العامين التاليين.
باختصار، تشير البيانات إلى أن المستثمرين لا ينبغي لهم أن يصابوا بالذعر على الفور ويبيعوا الأسهم عندما تصل إلى نسبة سعر إلى أرباح مستقبلية تبلغ 50 ضعفاً، فاحتمالات النجاح تبدأ في التدهور بعد ستة إلى تسعة أشهر.
وما لم تكن توقعات الأرباح أعلى بشكل ملحوظ، فإن نصيحتنا هي تقليص هذه المراكز بحلول هذا الوقت.
وتشمل أمثلة الأسهم للشركات التي تجاوزت في البداية 50 ضعف الأرباح المستقبلية في العام الماضي كوستكو، وكارفانا، وألبيمارل، وآيرون ماونتن وغيرها.
وفي فبراير 2024، تم تقييم سهم شركة «أدفانسيد مايكرو ديفايسيز»، وهو أحد الأسهم المهمة في صناعة أشباه الموصلات، فوق علامة أرباح 50 ضعفاً. ومنذ ذلك الحين، تراجع السهم بأكثر من 30 في المئة، ما أدى إلى انخفاض أدائه بشكل كبير عن السوق الإجمالية.
وعموماً، في مرحلة ما، يصبح التقييم مهماً. وبالنسبة للأسهم التي تصل إلى عتبة مضاعف السعر إلى الربح 50 مرة، يبدو أن ستة إلى تسعة أشهر بعد ذلك هي فترة مهمة للمراقبة.