أليس هانكوك - مادلين سبيد
يواجه قطاع صناعة البلاستيك في أوروبا انكماشاً واضحاً، ما يجعله أحدث القطاعات الصناعية المتضررة في القارة، على الرغم من النمو العالمي للصناعة.
وترى شركات البلاستيك الأوروبية نفسها مجبرة على إغلاق المصانع نتيجة التراجع الحاد في الإنتاج، وصعوبة المنافسة في مواجهة وفرة المواد البلاستيكية الرخيصة عالمياً.
وانخفض إنتاج البلاستيك في أوروبا بنسبة 8.3% في عام 2023، كما شهدت إعادة التدوير الميكانيكي للبلاستيك، وهي أكثر أشكال إعادة التدوير شيوعاً في أوروبا، انخفاضاً للمرة الأولى منذ عام 2018 بسبب تراجع الطلب، وفقاً لبيانات منظمة «بلاستيك يوروب» الصناعية.
وقالت فيرجينيا جانسنز، مديرة المنظمة، إن تراجع إنتاج أوروبا من البلاستيك كان أعمق من المتوقع، ما يزيد من مخاوف الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة حيال «نقل التصنيع خارج أوروبا»، والاعتماد المتزايد على الواردات «الأقل استدامة». وتعد ألمانيا أكبر منتج للبلاستيك في القارة.
وفي الوقت الذي يعاني فيه الإنتاج الأوروبي من تراجع، ارتفع الإنتاج العالمي للبلاستيك بنسبة 3.4% خلال عام 2023، حيث عززت دول مثل الصين والولايات المتحدة إنتاجها، وسجلت الصين 60% زيادة في الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات خلال العام، وفقاً لبيانات إس آند بي غلوبال.
وتراجعت حصة الصناعة الأوروبية من السوق العالمية بشكل حاد، إذ انخفضت من 28% في عام 2006 إلى 12% في العام الماضي، ما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع.
وأدت الأهداف المناخية الطموحة التي تم تحديدها خلال الفترة السابقة للمفوضية الأوروبية، التي انتهت بانتخابات على مستوى الاتحاد الأوروبي في يونيو من هذا العام، إلى موجة من التشريعات التي عبرت الشركات عن استيائها منها، ووصفتها بأنها تعيق النمو الاقتصادي.
في تقرير عن القدرة التنافسية للقارة الأوروبية نُشر في سبتمبر، ألقى ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، بالكثير من اللوم على النمو الاقتصادي المتعثر في الاتحاد الأوروبي.
وأرجعه إلى أسعار الطاقة المرتفعة والتشريعات «المقيدة» وانخفاض تكلفة الإنتاج في خارج القارة. كما أسهمت وفرة البلاستيك الخام خارج أوروبا في الإضرار بشدة بالجدوى الاقتصادية لاستخدام المواد المعاد تدويرها.
والشهر الماضي، قالت منظمة إعادة تدوير البلاستيك الأوروبية، وهي هيئة صناعية، إن الاتجاه التنازلي في سوق إعادة تدوير البلاستيك الأوروبي «مقلق للغاية»، وحذرت من أن هذا التراجع «يدفع العديد من شركات إعادة التدوير إلى الخروج من السوق».
وقالت شركات، بما في ذلك شركة الطاقة الكبرى إكسون موبيل وشركة سابك للمواد الكيميائية، هذا العام، إنها ستغلق مصانع البتروكيماويات في أوروبا، كما أعلنت شركات أخرى مثل ليوندل بازل وفيرساليس وترينسيو عن نيتها مراجعة أو إغلاق منشآتها.
وقال روب إنغرام، الرئيس التنفيذي لشركة إينيوس لصناعة الأوليفينات - الهيدروكربونات المستخدمة كمادة خام للمنتجات الكيميائية والبوليمرية، إن العبء البيروقراطي والتنظيمي الذي تفرضه أوروبا كان بمثابة «جرح ذاتي». وأضاف أنه من دون استثمارات جديدة في أوروبا، لن يتمكن المنتجون من تمويل الانتقال إلى إنتاج أكثر استدامة.
وحذر إنغرام من أن انسحاب الشركات المنافسة من السوق الأوروبية أو إغلاقها يهدد جهود التحول الأخضر، وقال: «إذا أغلقت الشركات أبوابها وانتقلت إلى أماكن أخرى، فلن نشهد أي تحول بيئي في أوروبا».
رغم استمرار الطلب على البلاستيك الجديد داخل أوروبا، أشار إنغرام إلى أن الاستثمارات في القدرات الإنتاجية الجديدة تتوجه إلى الولايات المتحدة وآسيا بدلاً من أوروبا.
وأوضح قائلاً: «بدلاً من إنتاج هذه المواد في أوروبا، حيث تُفرض معايير بيئية صارمة، يتم إنتاجها في أماكن أخرى أو شحنها عبر نصف العالم ليتم استهلاكها هنا»، مضيفاً: «هذا الأمر غير منتج تماماً».
من جانبها، دعت فرجينيا جانسنز إلى وضع أهداف واضحة لمحتوى المواد المعاد تدويرها في مختلف الصناعات، بما في ذلك التغليف والمركبات الكهربائية، قائلة: «هذه الأهداف ستعزز الطلب على البلاستيك الدائري، ما سيدعم الصناعة».
كما ناشدت جانسنز صناع القرار الأوروبيين لتقديم دعم عاجل، سواء من خلال إجراءات مالية أو اقتصادية، لتعزيز الجدوى التجارية للاستثمارات في البلاستيك الدائري داخل أوروبا. وقالت: «نحن بحاجة إلى دعم حقيقي لتعزيز هذه الاستثمارات وضمان بقاء أوروبا مركزاً للإنتاج المستدام».