وسط غياب لأي تواجد عربي، تروج دولة الإحتلال لنفسها بوصفها "واحة الصناعة السينمائية" في منطقة الشرق الأوسط. وفي "سوق الفيلم الأوروبي"، الذي تجري فعالياته على هامش مهرجان برلين، وتشارك فيه أكثر من 600 شركة تمثيل وتوزيع افلام من مختلف مناطق العالم، يحجز الإحتلال الإسرائيلي لنفسه جناحاً ضخماً تحت عنوان " استثمر في إسرائيل حيث تحصل الأحداث الجذابة".

وتقدم دولة الإحتلال عرضاً جذاباً لمن يريد أن يقوم بالتصوير في "أراضيها" او عمليات الإنتاج وما بعد الإنتاج، 20 % حسومات على الضرائب، وتطرح نفسها بوصفها دولة ذات نكهات ثقافية وتاريخية متعددة، من دون الإشارة إلى القومية العربية بأي طريقة في سياق تعدادها لهذا التنوع.

واطلعت "البيان"على الملصقات واللافتات الترويجية التي تروجها من أجل جذب الاستثمارات، ويلاحظ التركيز على كلمة "شرق أوسطي" من دون ذكر كلمة عربي، وبالطبع غياب أي كلمة تحت مسمى فلسطين.

" من الشواطئ إلى الجبال إلى الغابات.. لديك كل شيء هنا بمتناولك وفي أقل من ساعة قيادة تستطيع أن تحصل على كل شيء". وفي الوقت الذي تعلن فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الدولة هي حكر "قومية يهودية" ما يزيد من الاستيطان، ويطرد آلاف العرب الفلسطينيين ذوي الحقوق التاريخية من أراضيهم ويغدون لاجئين فيها، تطرح "إسرائيل" وجهها البراق لأكثر من 8 آلاف منتسب إلى "سوق السفر الأوروبي"، الذي يعتبر من أكبر الفعاليات التي يلتقي فيها منتجو وصناع ومروجو السينما في العالم.

أفلام مشتركة

وتعلن "اسرائيل" عن أسماء الدول التي شاركت بأفلام مشتركة معها خلال السنوات الماضية طمعا بجذب المزيد. وتتصدر فرنسا اللائحة بأكثر من 28 فيلماً روائياً تم انتاجها بشكل مشترك مع "تل أبيب"، ثم ألمانيا مع 14 فيلماً، فكندا بأربع أفلام، كما تضم اللائحة أيضاً كلاً من إيطاليا وبلجيكا وأستراليا وبولندا.

وتشارك هذه النوعية من الافلام في منصات أساسية في "برلين السينمائي" كل عام وتفوز بالجوائز. وفازت افلام اسرائيلية خلال السنوات الماضية بالدب الفضي ودب الكريستال ضمن "برلين". وفي كثير من المرات تحمل هذه الأفلام رسائل موجهة عن "الإرهاب الفلسطيني" في مواجهة "التحضر والسلام الإسرائيلي".

وعرض المهرجان 15 فيلماً طويلاً وقصيراً من اسرائيل هذا العام والذي سبقه.

وجوه عربية

وتشارك وجوه عربية في هذه الأفلام، من بينها الممثلة الفلسطينية هيام عباس التي تعتبر وجهاً رئيساً في أفلام الانتاج المشترك، مثل "العروس الفلسطينية"، الذي يروج له ملصق "استثمر في إسرائيل"! وتحمل اللافتات الترويجية لصناعة الافلام في دولة العدو عبارة "إلهام، ابتكار وتطوير"، مع صور لآثار رومانية وأبراج حديثة وزهور دوار الشمس وجمال وصحراء وجبال ووجوه مبتسمة وسعيدة.

وتغيب دول ذات تاريخ وثقل رئيس بالنسبة إلى صناعة السينما، كما مصر أو المغرب العربي، عن المشاركة في هكذا النوع من التظاهرات، كما تغيب أجهزة أخرى في دول الخليج متخصصة بالترويج لمدنها كونها وجهات لاستقطاب الأعمال الإنتاجية وخدمات الأفلام اللوجستية.

من جهة أخرى، يفتح "برلين السينمائي" لبعض الشباب العربي منصات من أجل التحدث بحرية عن أعمالهم، التي تطال القضية الفلسطينية، من وجهة نظرهم. وتعرض هذه الأفلام في صالات صغيرة نسبياً قياساً إلى الصالات التي تعرض فيها الأفلام الإسرائيلية.

وقد تمكن المخرج اللبناني الشاب روي ديب هذا العام من عرض فيلمه القصير "مونديال 2010"، الذي يصور رحلة متخيلة بين صديقين يقودان السيارة من بيروت إلى رام الله في ظهيرة يوم "مضجر" من أيام مونديال "كأس العالم 2010". ويصور المخرج رام الله عبر شرائط طلب من اصدقاء له تصويرها، ليقوم هو بتركيب قصة متخيلة حولها. وفي النقاش الذي تلا عرض فيلمه قال:" طالما هناك احتلال إسرائيلي للمدن الفلسطينية فهناك خوف أن تختفي هذه المدن وتاريخها العربي".

 

آلاف المستوطنات

بعيداً عن الصورة الزاهية التي تروجها دولة الإحتلال الإسرائيلي للسينما كونها "أرض الأحداث التي تخطف الأنفاس"، قام الكيان الصهيوني بقتل أكثر من 73 فلسطينياً فقط في العالم الماضي وتشريد الآلاف ونهب أراضيهم واستبدالها بآلاف المستوطنات.