أكد مجموعة من الدراسات العلمية أنه ليس كل تغيير يحدثه التقدم بالعمر سيكون سلبيا على جسم الإنسان، فهناك العديد من الصفات الجسدية والعقلية لن تكتمل إلا بعد بلوغ سن معين.

فعلى سبيل المثال، قد نصل إلى ذروة قوتنا البدنية في الثلاثينات من العمر، وقد نحصل على أفضل صحة زوجية في حياتنا بدءًا من سن 40. لكن ماذا يحدث لجسمك بعد بلوغك الخمسين؟

غالبًا ما ترتبط الشيخوخة بتدهور الوظيفة الإدراكية، وخاصة الذاكرة. وإذا فكرت في الأمر، فهذا منطقي لأنه في النهاية، "الشيخوخة" بالمعنى العام ستؤدي إلى مثل هذا التدهور، ومع ذلك، لم يعد من الدقة علميًا افتراض أن التدهور في القدرة العقلية يبدأ عندما تبلغ الخمسين من عمرك، ففي الواقع، يبدو أن الحقيقة شيء آخر تمامًا.

وفقًا لموقع "WebMD"، قبل سن الخمسين، لن يصل الدماغ البشري إلى مستويات الأداء القصوى، ويقدر الموقع أن الانخفاض في مستوى الأداء قد يبدأ في حوالي سن 55 عامًا، فقدرة الدماغ على التعلم تظل قوية حتى العقد السابع من العمر.

وتوضح دراسة حديثة نُشرت في عام 2021 في مجلة "Nature Human Behavior" أن بعض وظائف الدماغ "الرئيسية" تميل إلى التحسن بعد بلوغ سن الخمسين، على وجه التحديد، القدرة على الاهتمام بمعلومات جديدة والاستمرار في التركيز لفترة أطول، ووفقًا للمركز الطبي بجامعة جورج تاون، فإن الوظائف التي تزدهر تكمن وراء الجوانب الحاسمة للإدراك مثل الذاكرة واتخاذ القرار وضبط النفس وحتى التنقل والرياضيات واللغة والقراءة.

ترتبط قدرتك على الشم ليس فقط بحالة الأنف والممرات الأنفية، ولكن أيضًا بحالة الجهاز العصبي، وفقًا لما ذكره اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة جايانت إم بينتو لموقع "AARP"، فبعد أن تبلغ من العمر 50، قد تبدأ حاسة الشم لديك في الانخفاض، وإن كان ذلك ببطء، لأن أنفك يبدأ بإنتاج كمية أقل من المخاط في هذا الوقت من حياتك (مما يعني أن الروائح لم تعد قادرة على "الالتصاق" لفترة طويلة جدًا في أنفك)، وبالإضافة إلى ذلك، تبدأ الأعصاب التي تربط الدماغ بالأنف عملية تدهور بطيئة ستستمر طوال حياتك، وبحلول الوقت الذي تبلغ فيه 70 عامًا، قد تواجه صعوبة ملحوظة في اكتشاف رائحة الدخان أو الغاز.

كما يبدو أن عتبة الألم تزداد مع التقدم في العمر وفقًا لموقع "MedlinePlus"، فإن قدرة بشرتنا على اكتشاف اللمسة غير المؤلمة تميل أيضًا إلى الانخفاض مع تقدم العمر، وفقًا لورقة بحثية نشرتها جامعة ولاية أوكلاهوما عام 2016.

أسهل طريقة لفهم هذا هو إدراك أن بشرتنا والتي هي في الواقع أكبر عضو في جسم الإنسان، مليئة بالملايين والملايين من النهايات العصبية، والتي تتطلب وظيفتها المثلى تدفق الدم الأمثل.

فانخفاض تدفق الدورة الدموية أمر لا مفر منه مع تقدمنا في العمر، ما يؤدي إلى تدهور حسي واضح.

أفاد حوالي 30% من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا فما فوق أن "حاسة اللمس لديهم ليست كما كانت عليه من قبل"، وفقًا لتقرير "AARP"، كما أشار 30% آخرون إلى أن حاسة اللمس لديهم أصبحت "ضعيفة تمامًا".

تضمنت دراسة نشرت عام 2016 في مجلات علم الشيخوخة، مجموعة واسعة من مقاييس الأداء الرياضي، بما في ذلك "الحركة والقوة والتحمل والتوازن" في 775 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 30 و90 خلال عامي 2012 و2014.

وجد الباحثون أن الأداء العام يزداد سوءًا مع الزيادة في العمر، ومع ذلك كان التوازن أحد الخصائص الأولى التي تأثرت بالعمر.

بحلول الوقت الذي كان فيه الأشخاص يقتربون من سن الخمسين، كانت قدرتهم على التوازن على ساق واحدة قد تضاءلت بالفعل بشكل ملحوظ.

على الرغم من أن بعض النساء يشكين من انقطاع الطمث ما يؤدي إلى زيادة الوزن، إلا أن المشكلة الأكبر قد تكون الخسارة التدريجية في كتلة العضلات مع تقدمنا في العمر، بحسب ما ذكر موقع "Mayo Clinic".

بعد سن الخمسين تقريبًا، تنخفض كتلة العضلات بمعدل سنوي يتراوح بين 1-2%"، وفقًا لمؤلفي دراسة عام 2010 نُشرت في مجلة "Sarcopenia"، ويبدأ فقدان العضلات بالإضافة إلى "فقدان التعصيب التدريجي للوحدات الحركية".

عندما تبلغ من العمر 50 عامًا، حتى مع كل الأشياء المزعجة التي قد تحدث لجسمك، فهناك فرصة جيدة جدًا لأن تكون على عتبة بعض أفضل سنوات حياتك، وفقًا لمقال مطول نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن كتاب "منحنى السعادة: لماذا تصبح الحياة أفضل بعد الخمسين" للصحفي جوناثان راوخ.

تظهر النتائج التي توصل إليها الكاتب بأن الرضا عن الحياة في الشخص الطبيعي على شكل حرف "U"، مع ارتفاع في الرضا في العشرينات، وتراجع في منتصف العمر وتتحول إلى الأفضل بعد الخمسين.