تمتعت وكالة ناسا بفرصة فريدة عندما كان لديها رائدا فضاء توأمان متطابقان يعملان لصالحها، وهما سكوت ومارك كيلي، اللذان وُلدا عام 1964، واستغلت الوكالة هذا الوضع النادر لإجراء دراسة غير مسبوقة، حيث أرسلت سكوت إلى الفضاء لمدة 340 يومًا بينما بقي مارك على الأرض، وكان الهدف من هذه المهمة فهم تأثيرات الفضاء طويلة الأمد على جسم الإنسان.
بدأت المهمة في مارس 2015، عندما انطلق سكوت كيلي إلى محطة الفضاء الدولية برفقة رائد الفضاء الروسي ميخائيل كورنينكو. وخلال هذه الفترة، أجرت ناسا حوالي 400 تجربة على سكوت لدراسة كيفية تكيف الجسم مع بيئة الفضاء القاسية. وكان الهدف الرئيسي هو تحديد المخاطر الصحية المحتملة لرواد الفضاء المستقبليين، خاصة في الرحلات الطويلة مثل تلك المتوجهة إلى المريخ.
بقي مارك كيلي، الشقيق التوأم لسكوت، على الأرض خلال هذه الفترة. وبفضل التشابه البيولوجي بين التوأمين، تمكنت ناسا من مقارنة التغيرات الصحية بين سكوت في الفضاء ومارك على الأرض. وشملت الفحوصات تحاليل الدم والبراز والبول واللعاب، بالإضافة إلى اختبارات الرؤية والإدراك واللياقة البدنية.
عند عودة سكوت إلى الأرض، أظهرت النتائج بعض المفاجآت. وفقًا لـ "دراسة التوائم"، لم يعانِ سكوت من مشاكل صحية خطيرة طويلة الأمد، غير أنه لوحظت بعض التغيرات المثيرة للاهتمام، مثل إطالة التيلوميرات في خلايا الدم البيضاء لديه، وهي أجزاء من الحمض النووي ترتبط عادة بالشيخوخة. عادةً ما تقصر التيلوميرات مع التقدم في العمر، ولكن في حالة سكوت، حدث العكس، مما أثار دهشة العلماء.
صرح ستيفن بلاتس، نائب كبير العلماء في برنامج أبحاث ناسا البشرية، بأن النتائج أظهرت مرونة وقوة جسم الإنسان في مواجهة بيئة الفضاء. وأضاف أن معظم التغيرات التي حدثت لسكوت عادت إلى طبيعتها بعد فترة قصيرة من عودته إلى الأرض، بينما كانت التغيرات المتبقية متوقعة مسبقًا.
هذه النتائج ستساعد في توجيه الأبحاث الطبية الحيوية المستقبلية لوكالة ناسا، وستلعب دورًا مهمًا في ضمان سلامة رواد الفضاء خلال الرحلات الطويلة، مثل تلك المتوجهة إلى المريخ.