مرسوم تمكين قطاع الفنون بالإمارات.. إثراء نوعي للاقتصاد الإبداعي

«آرت دبي» إحدى التظاهرات الإبداعية الكبرى  في دبي  |  تصوير: إبراهيم صادق
«آرت دبي» إحدى التظاهرات الإبداعية الكبرى في دبي | تصوير: إبراهيم صادق
سالم القاسمي
سالم القاسمي
هالة بدري
هالة بدري
نهى فران
نهى فران
مرعي الحليان
مرعي الحليان
سلطان القاسمي
سلطان القاسمي
جمال مطر
جمال مطر
إبراهيم جمعة
إبراهيم جمعة

رحب مسؤولون ومبدعون بالمرسوم بقانون اتحادي الذي أصدرته حكومة دولة الإمارات، في 24 نوفمبر الماضي، بشأن تمكين قطاع الفنون، عبر تنظيم عمل المؤسسات الفنية التي لا تهدف إلى تحقيق الربح من أعمالها وأنشطتها الإبداعية، وتوفير مجموعة من المزايا لقطاع الفنون والمبدعين، مؤكدين أنه يدعم تعزيز البيئة الإبداعية الحاضنة للفنون، ويشجع الإنتاج الفني للأفراد المبدعين، ويسهم في استقطاب الموهوبين والفنانين، كما يسهم في تحفيز اقتصاد الصناعات الإبداعية، إضافة إلى خلق مظلة تشريعية وسياسات عامة موحدة لتنظيم أنشطة المؤسسات الفنية على مستوى الدولة، وإرساء قيم التعايش والانفتاح على الثقافات من خلال المنتجات الفنية والإبداعية.

مظلة تشريعية موحدة

أكد معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، أن القيادة الرشيدة تحرص على دعم وتعزيز الحراك الفني والثقافي بكل الوسائل التي تضمن النهوض به، موضحاً أن هذا القانون يأتي ليعكس النظرة المستقبلية لحكومتنا واهتمامها الكبير بالقطاع الفني، حيث يمثل خطوة استراتيجية نحو إرساء مظلة تشريعية وسياسات عامة موحدة لتنظيم أنشطة المؤسسات الفنية.

وقال معاليه: «من خلال المرسوم بقانون اتحادي الذي أصدرته حكومة دولة الإمارات بشأن تمكين قطاع الفنون، يتم توفير منظومة متكاملة من الحوافز والتسهيلات الحكومية التي تسهم في تمكين الأفراد المبدعين، مما يعزز من مكانة الدولة ثقافياً وإبداعياً».

وأضاف معاليه: «إن قطاع الفنون يلعب دوراً محورياً في تطوير المجتمعات وتنميتها على المستويات كافة، ويسهم في تعزيز الهوية الوطنية والفكرية، وتعزيز الحراك الثقافي، ما ينعكس إيجاباً على البيئة الاجتماعية، والاقتصادية، والتربوية. ومن هذا المنطلق، جاء هذا القانون ليخدم التوجهات الحكومية الرامية إلى بناء منظومة ثقافية متكاملة، تدعم الإبداع وتفتح آفاقاً جديدة للنهوض بالقطاع الفني والثقافي في الدولة».

تعزيز الاقتصاد الإبداعي

وأوضحت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، أن المرسوم الاتحادي الخاص بتمكين قطاع الفنون ودعم المؤسسات الفنية، يسهم في تعزيز قوة الصناعات الثقافية والإبداعية التي تمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد الإبداعي، الذي يعد أولوية رئيسية لما يمتلكه من فرص نوعية وشراكات بناءة، وقدرة على مد جسور التواصل مع الثقافات الأخرى.

وقالت: «تواصل الإمارات تحقيق إنجازات نوعية في القطاع الثقافي والفني، وتعزيز مكانتها وريادتها العالمية، وذلك بفضل رؤى القيادة الرشيدة وتطلعاتها الهادفة إلى جعل الدولة وجهة مفضلة لأصحاب المواهب والمبدعين ورواد الأعمال والمستثمرين، للاستفادة من مرونة بيئتها الاستثمارية المحفزة على الإبداع».

وبيّن الشيخ سلطان بن سعود القاسمي، مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون، وعضو لجنة المحافظة على التراث في الإمارات، وعضو مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة، أن المرسوم الاتحادي الجديد يمثل تطويراً نوعياً في الحقل على صعيد الإمارات والمنطقة، مؤكداً أنه سيحفز على إقامة المزيد من المشاريع الثقافية في الإمارات، ويعزز مكانة الدولة بصفتها مركزاً رئيساً للإبداع في العالم.

وقال: «نحن، في مؤسسة بارجيل للفنون، نقوم بالتعاون مع الكثير من المتاحف العالمية لعرض أعمالنا من الفن العربي الحديث والمعاصر، وكنا نتطلع لقانون يسهل عملية نقل الأعمال وعرضها في المعارض المؤقتة خارج الدولة واسترجاعها بطريقه سلسة، وهذا ما يوفره هذا القانون بالفعل».

نافذة للتعريف بالهوية

من جانبه، رأى الفنان المسرحي الإماراتي مرعي الحليان أن المرسوم يبرهن على القيمة الرفيعة لقطاع الفنون والذي يحوز أهمية كبيرة في صناعة محتوى يعبر عن الشخصية الإماراتية وعن هوية الوطن، مشيراً إلى أنه يخلق لغة حوار إنساني تفتح نافذة واسعة للتعريف بمن نحن وماذا نقدم لخدمة الإنسان.

وأشار الحليان إلى أن احتضان الدولة لمبدعيها وفنانيها وتنظيم شؤون مهنهم الإبداعية لهو فخر لكل مبدع، وأمر يعزز الطموحات ويرفع المعنويات، موضحاً أن قطاع الفنون كان بحاجة إلى نوع من التنظيم، وأن القرار سيسهم في ترتيب أمور الاشتغالات الفنية.

أهداف استراتيجية

ولفتت المؤرخة الفنية الدكتورة نهى هلال فران إلى أن المرسوم يحقق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها تشجيع الإنتاج الفني للأفراد، واستقطاب المواهب المتميزة، وتحفيز الاقتصاد الإبداعي ليصبح محركاً رئيساً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لافتة إلى أنه يعكس رؤية الإمارات لتعزيز قيم التعايش والانفتاح على الثقافات المختلفة عبر المنتجات الفنية والإبداعية.

وقالت: إن الاقتصاد الإبداعي يشهد نمواً متسارعاً على مستوى العالم. ووفقاً لليونسكو، يعد هذا القطاع أحد أكثر القطاعات تأثيراً في توليد الدخل وخلق الوظائف، فبعدما كانت الصناعات الإبداعية تعتبر ملحقة بقطاعات أخرى، أصبحت الآن قطاعاً مستقلاً يقدم فرصاً مميزة ويعزز الابتكار في شتى المجالات.

مركز عالمي للإبداع

وأوضحت أن المرسوم بقانون الاتحادي يعكس التزام الدولة ببناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار قادر على مواجهة تحديات المستقبل، وجعل الإمارات مركزاً عالمياً للإبداع والتميز الثقافي، مشيرة إلى أن الإمارات تؤمن بأهمية دور الحكومات في دعم وتطوير النظام البيئي الثقافي بشكل مستدام.

وبينت أن ذلك يتمثل في العمل مع المؤسسات الفنية والثقافية والتعليمية لتوفير بيئة شاملة تسخر الأصول الثقافية والإبداعية، كما أن تعزيز الاستثمار في هذا القطاع عبر أطر تنظيمية واضحة وحوافز مالية وحماية حقوق الملكية الفكرية يخلق بيئة ملائمة لازدهار الاقتصاد الإبداعي.

وأضافت: «من وجهة نظري، يجب أن يتمثل دور الحكومات في دعم وتطوير النظام البيئي الثقافي بشكل مستدام بدلاً من فرض تنمية تدار من الأعلى إلى الأسفل. وفي الوقت نفسه، لا يوجد عامل واحد محدد يدفع النجاح في الاقتصاد الإبداعي، ولكن هناك قواسم مشتركة في العديد من المراكز الإبداعية».

وذكرت أن رواد الأعمال الإبداعيين نجحوا في تسخير التكنولوجيا لمصلحتهم، وأن رواد الأعمال المحفزين والملهمين في المراكز الإبداعية أفراد ناجحون يثبتون ما هو ممكن، بينما يلهمون ويدربون رواد الأعمال الإبداعيين الآخرين، مسلطة الضوء على أهمية دور الحكومة في هذا الجانب، الذي يتمثل في استخدام التنظيم والحوافز باستراتيجية مبتكرة، وإتاحة الظروف المناسبة لازدهار الاقتصادات الإبداعية.

وأشارت إلى قوة الأمكنة في الاقتصاد الإبداعي، موضحة أن الاقتصادات الإبداعية عادة ما توجد في أماكن يرغب الناس في العيش بها، نظراً لموقعها ووسائل الراحة فيها، وأن أكثرها نجاحاً تمكن من أن يصبح مركزاً دولياً.

ولفتت إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد الإبداعي في سبيل توفير فرص كبيرة للنمو وتتطلب حلولاً مبتكرة، وأبرزها تطوير المواهب المحلية، والمنافسة العالمية، واستدامة التمويل، مؤكدة أن الفرص المتاحة، مدعومة برؤية الحكومة والمرسوم الصادر، تجعل من الإمارات نموذجاً عالمياً في الاقتصاد الإبداعي.

قرار يثلج الصدر

من جانبه، وصف الملحن الإماراتي إبراهيم جمعة المرسوم بأنه «قرار يثلج الصدر»، مؤكداً أهميته للفنان الإماراتي لكي يتطور ويواكب نهضة الدولة المتقدمة في المجالات كافة.

ولفت إلى ضرورة التركيز على ثقافة الفنان الإماراتي لكي ينمي موهبته بالدراسة ويدير قدراته الإبداعية، ويسهم في إنتاج فن بديع ينفع الوطن، مشدداً على أن الفن الإماراتي في حاجة إلى مبدعين مثقفين في شتى الفنون، من مطربين وملحنين وموزعين وقادة فرق موسيقية.

ونوه بالجهود الحثيثة التي يبذلها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وحكام الإمارات، في سبيل رفعة الوطن وإعلاء شأنه على كل المستويات، مشيراً إلى أن الإمارات، بفضل الله ثم بفضل قيادتها الرشيدة، أصبحت نموذجاً يحتذى في العالم.

ودعا جمعة إلى إنشاء معهد للموسيقى والغناء وتشكيل لجنة فنية ذات دراية شاملة من شأنها إجازة الأصوات الموهوبة والألحان المميزة واستقطاب خبراء من الدول العربية والأجنبية، مطالباً بتأسيس كادر موسيقي يستطيع أن يترجم حكايات الوطن ويكون رمزاً مشرفاً له.

فرصة ثمينة

وأكد الشاعر والمسرحي والإعلامي الإماراتي جمال مطر أن حضارات الأمم تقاس بفنونها وكُتَّابها ومفكريها، مشيراً إلى أنها قوى ناعمة مؤثرة في الحراك الثقافي لأي دولة.

وقال إن حكومة دولة الإمارات عندما تصدر مرسوماً اتحادياً لتمكين قطاع الفنون؛ فإنها تهدف بذلك إلى توفير مجموعة من المزايا للمبدعين وتشجيع الإنتاج الإبداعي واستقطاب الموهوبين، موضحاً أنه بهذه الخطوة المهمة يجد كل فنان موهوب حضناً لإبداعه من خلال توفير تسهيلات كثيرة لمزاولة فنه وإبداعه.

ودعا مطر الفنانين والمبدعين والكُتَّاب، من اليوم، إلى انتهاز هذه الفرصة الثمينة والسعي إلى إكمال مشاريعهم وخلق مشاريع إبداعية جديدة، مؤكداً ضرورة الابتعاد عن نغمة التذمر؛ لأن هذا المرسوم الاتحادي هو هدية على طبق من ذهب تجعل أحلام المبدعين في الأفق مشرقة وقريبة.

ووصف المبدعين بأنهم هم من يحملون ضمير المجتمع، ويكونون مخلصين لمشاريعهم، وهمهم الفن ورقي مجتمعهم ورفعته بفنون جميلة خالصة تبحث عن النفيس الغالي.