برنامج حافل بالفعاليات يتضمنه معرض «آرت دبي» 2025، الذي سيقام بمدينة جميرا في دبي، من 18 إلى 20 أبريل الجاري، وقد تم تخصيص يومَي 16 و17 أبريل للعروض التمهيدية.
ومن أبرز فعاليات المعرض، النسخة الثانية من «قمة آرت دبي الرقمية»، التي تسهم في تعزيز الحوار بين الفن والتكنولوجيا، لمعالجة التحديات البيئية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، قال غونزالو هيريرو ديليكادو، القيم الفني على قسم الديجيتال، حول النسخة الثانية من قمة آرت دبي الرقمية: يستكشف «آرت دبي» كل عام التداخل بين فنون وتكنولوجيا الوسائط الجديدة، لتوسيع فهمنا للثقافة المعاصرة.
وقد طرحتُ موضوع «ما بعد السمو التكنولوجي» لآرت دبي 2025، وهو فرصة لدراسة كيفية استخدام الفنانين والمبدعين للذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي والمعزز، وغيرها من التطورات التكنولوجية، لبحث بعض التحديات البيئية والاجتماعية والسياسية الرئيسة في عصرنا، ودور التكنولوجيا الرقمية في معالجتها.
وعن اختيار موضوع «ما بعد السمو التكنولوجي»، ليكون محور القمة لهذا العام، والرسالة التي يحملها، قال: «خلال السنوات الماضية، لاحظت كيف أصبح ما يُعرف بـ «الفن الرقمي» يُنظر إليه كجزء أقل أهمية، ومعزول عن الخطاب الرئيس للفن المعاصر.
وأعتقد أن هناك عدة أسباب لاختيار موضوع «ما بعد السمو التكنولوجي». أولاً، الفن الرقمي ليس سوى امتداد طبيعي لتطور الفن الوسائطي، حيث يلتقي الفن بالتكنولوجيا، وهو اتجاه بدأ يتشكل منذ أواخر السبعينيات، عندما بدأ الفنانون باستخدام الحواسيب كجزء من ممارساتهم الفنية».
السبب الثاني، هو أن النقاشات حول الفن الرقمي غالباً ما تركز على التكنولوجيا نفسها، أكثر من تركيزها على فهم هذه التكنولوجيا كوسيط فني آخر. وهذا يرتبط بما يسميه العديد من المفكرين «الرقي التكنولوجي» أو «الرهبة أمام التقنية».
وأردف: هدفي من خلال هذه النسخة، هو الانخراط مع التحديات الأكثر إلحاحاً في عالمنا اليوم — سواء كانت بيئية أو سياسية أو ثقافية أو اجتماعية — بنفس الطريقة التي تتعامل بها بقية أشكال الفن مع هذه القضايا، متجاوزاً النقاشات المعتادة حول آخر تطورات التكنولوجيا، أو كيفية تطور الرموز غير القابلة للاستبدال الـ «NFTs».
وأكد أن «آرت دبي» يستضيف هذا العام النسخة الثانية من القمة الرقمية، بالشراكة مع «دبي للثقافة»، مضيفاً: «ستكون هذه فرصة للتوسع في بعض المواضيع المرتبطة بهذا الموضوع. لقد دعونا مجموعة واسعة من الفنانين والقيّمين والمفكرين الناشئين والمخضرمين، لمناقشة العلاقة بين التقنيات الرقمية وقضايا أوسع نطاقاً، مثل التأثير البيئي للفن الرقمي، وكيف تُتيح التجارب الغامرة للناس التفاعل مع بعض القضايا الاجتماعية والسياسية المعقدة في عصرنا. وفي إطار هذا البرنامج، تعاونا أيضاً مع HEK - دار الفنون الإلكترونية في بازل، أحد المتاحف العالمية الرائدة التي تُركز على الثقافة الرقمية».
وعن التحديات التي تواجهها المتاحف والمعارض الفنية في العصر الرقمي، وكيف يمكن للقمة أن تقدم حلولاً مبتكرة لمعالجتها، قال: «تواجه المتاحف اليوم العديد من التحديات، بدءاً من الانخفاض الحاد في التمويل، وأعداد الزوار، وصولاً إلى ضرورة جذب الجمهور الشاب، وجعل برامجها أكثر سهولة وملاءمة لهم. وفي المقابل، هناك ازدهار هائل للتجارب الفنية الغامرة، حيث ظهر أكثر من 100 تجربة منها حول العالم، خلال السنوات الأخيرة.
وغالباً ما تحظى هذه التجارب بدعم كبار المستثمرين، وتستعين بفنانين رقميين رائدين، ما يعيد تشكيل العلاقة بين الثقافة والتجارة، ويوفر تجارب ثقافية مجانية، أو بأسعار معقولة، ليستمتع بها الجمهور.
كما أن الوتيرة السريعة للتغير التكنولوجي قد تُصعّب على المؤسسات مواكبة هذا التطور، سواءً من حيث البنية التحتية أو المعرفة التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، أو الفن القائم على تقنية بلوكتشين. ولكن من الضروري أن تتبنى المتاحف هذا التوجه، لجذب جمهور أوسع، وتقديم مستويات جديدة من التفسير ورواية القصص لبرامجها، استناداً إلى إرثها العريق ومجموعاتها الفنية».
وأشار إلى أن حكومة دبي استثمرت بشكل كبير في رقمنة المدينة خلال العقد الماضي، وانعكس ذلك على جميع جوانب القطاع الثقافي والفني، لافتاً إلى أن السنوات الأخيرة شهدت نمواً ملحوظاً في مشاريع الويب 3، والاستثمارات في العملات الرقمية، وهو ما ساهم في تغذية النظام الفني في دبي، مضيفاً: «ولهذا السبب تحديداً، استطاع «آرت دبي» أن يحتل موقعاً فريداً في تسليط الضوء على جميع جوانب مشهد الفن الرقمي، من خلال منصته «آرت دبي ديجيتال»، التي أُطلقت في عام 2022.
ومنذ انطلاقها، أصبحت هذه المنصة ركيزة أساسية للمبدعين الرواد في مجال الفن الرقمي، لتعزيز طرق جديدة في التفكير والإبداع باستخدام التقنيات الرقمية».
وأكد أن «دبي للثقافة» تلعب دوراً محورياً في جعل هذه الرؤية ممكنة، من خلال دعم البرنامج، والمساهمة في بناء واحدة من أكثر المنصات حيوية عالمياً، لتبادل الأفكار، وتعزيز مكانة دبي كعاصمة رقمية عالمية.
وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه الفنون الإعلامية في رفع الوعي بالقضايا البيئية، قال: «نعيش في عصر تسيطر فيه المعلومات والصور على العالم. في عالمنا الرقمي، حيث تتلاشى أهمية الأحداث البيئية والاجتماعية بسرعة، بمجرد تصفحنا لصفحات التواصل الاجتماعي.
نقضي وقتاً أطول من أي وقت مضى أمام هواتفنا، ما يُسهم في بناء لغة رقمية وجماليات جديدة. يستخدم الفنانون الرقميون هذه اللغة، والمخاوف لترجمتها إلى أعمال فنية تُلقي الضوء على بعض الجوانب الأقل وضوحاً لحالة الطوارئ المناخية الحالية.
تُمثل أعمالهم شكلاً من أشكال النشاط الذي يهدف إلى تشجيع الآخرين على اتخاذ إجراءات والتفكير في هذه القضايا».
وتابع: «في قمة آرت دبي الرقمية 2025، سنستضيف بعض الشخصيات البارزة والخبراء الذين يستكشفون هذا الأمر بمزيد من التفصيل، وكيف يستخدمون أعمالهم لمعالجة هذه القضايا.
من بينهم الفنانون صوفيا كريسبو، وبن كولين ويليامز، وبريمافيرا دي فيليبي. كما قمنا بتكليف سلسلة من التركيبات الفنية واسعة النطاق، التي سيشارك فنانوها في القمة».