مبدعون لـ«البيان»: الذكاء الاصطناعي لا يهدد مستقبل الشعر

عوض النعيمي
عوض النعيمي
عيضة بن مسعود
عيضة بن مسعود
عارف عمر
عارف عمر
حمدة المر
حمدة المر

سلطت الكثير من الدراسات العلمية، الضوء على مستقبل الشعر في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي، مشيرةً إلى قدرة الأدوات الذكية على صناعة قصائد.

«البيان» استطلعت آراء مبدعين بارزين في ساحة الشعر الإماراتي، حيث أكدوا أن الذكاء الاصطناعي، لا يهدد مستقبل الشعر على الإطلاق، موضحين أنه قادر على إنشاء كلام مرتب، لكنه لا يستطيع أن يصوغ المشاعر الإنسانية.

وأكد الشاعر الإماراتي عوض النعيمي أن الذكاء الاصطناعي لا يهدد مستقبل الشعر على الإطلاق، موضحاً أنه مع قدرته على إنشاء كلام مرتب، لا يستطيع أن يصوغ المشاعر الإنسانية.

ورأى النعيمي أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يحقق نجاحاً بارزاً في المجالات كافة، مستبعداً أن تتسع دائرة هذا النجاح لتشمل التعبير عن كيان الإنسان الداخلي. وذكر أنه جرَّب استعمال أدوات الذكاء الاصطناعي، وتعرَّف إلى قدراته في إنتاج قصائد تشبه أشعار البشر، مؤكداً استحالة أن يجاري الشعراء الحقيقيين في وصف أحاسيس النفس وخلجاتها.

ولفت إلى أن على عاتق الشعراء في العصر الراهن مسؤولية كبرى في الحفاظ على استمرارية الشعر بوصفه إبداعاً أدبياً عريقاً، مبيناً أن السبيل إلى تحقيق ذلك يكمن في خروج القصيدة المعاصرة من الموضوعات الضيقة المعتادة إلى مناقشة قضايا المجتمع العربي عامةً، والإماراتي خاصةً.

ونوَّه بالدور المشرِّف الذي تنهض به مؤسسات دبي الثقافية في دعم الإبداع والإعلاء من شأنه، مشيراً إلى أنه لا يتردد أبداً في المشاركة في الفعاليات الشعرية؛ لأن هدفه الأسمى إبراز قيمة الشعر وإيصال رسالته النبيلة إلى الجمهور.

تجارب ذاتية

من جهته، أوضح الشاعر الإماراتي عارف عمر أن القصائد التي بإمكان الذكاء الاصطناعي إنتاجها لا يتسنى لها أن تمتلك الروح الإبداعية التي تُولد من معاناة الشاعر وتجاربه الذاتية، لافتاً إلى أن لكل تقنية حديثة جوانبها الإيجابية والسلبية، وأن على الإنسان أن يوظِّفها فيما يحقق المنفعة.

وأكد أنه جرَّب بنفسه صناعة قصائد بواسطة الذكاء الاصطناعي بهدف اختبار إمكاناته، متوقعاً أنَّ تطوُّر الذكاء الاصطناعي المستمر سيُمكِّنه من إنشاء نصوص شعرية كاملة وتجاوُز كل العقبات الإبداعية، بما فيها الوزن والقافية والتسلسل الموضوعي.

وبيَّن أن الخوف من التقنيات الذكية لا يقع على الشعراء، بل على الشعر ذاته، محذراً من خطورة أن يفتح الذكاء الاصطناعي مجالاً أمام من لا يمتلكون الموهبة ليصنعوا آلاف القصائد التي تفتقد القيمة الحقيقية للشعر. وشدد على ضرورة التمسُّك بالهوية والتراث والثقافة الأصيلة التي تُستمدُّ من القراءة خصوصاً، مؤكداً أن هذا هو السبيل الأمثل الذي يقي من مساوئ التقنيات الحديثة.

وأشاد بما توفره مكتبة محمد بن راشد من مناخ ثقافي يدفع المجتمع إلى القراءة، مشيراً إلى أن الفضل في ذلك يرجع إلى رؤية وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، القائد الذي يحب القراءة، ويحب للشعوب العربية كافةً أن تقرأ.

ودعت الشاعرة الإماراتية حمدة المر إلى استغلال ثورة الذكاء الاصطناعي بصورة إيجابية تعزز دور الشاعر في العصر الحديث، مؤكدةً أهمية أن يعيش الإنسان زمنه بما فيه من تطورات. ورأت المر، من وحي تجربتها للذكاء الاصطناعي، أنه لا يمكنه تفادي الأخطاء الفنية في إبداع النصوص الشعرية، لافتةً إلى أنه حتى الآن لم تتم برمجة أدواته بحيث لا تقع في الخلل الفظيع للوزن على سبيل المثال.

ووصفت ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي في مجال الشعر بأنه جميل لكنه سطحي، مشيرةً إلى إمكانية أن تكتسب الأدوات الذكية قدرات جديدة في المستقبل. واستبعد الشاعر الإماراتي عيضة بن مسعود قدرة الذكاء الاصطناعي، بما لديه من طاقة تكنولوجية، على ترجمة إحساس الإنسان في صورة نص شعري مكتوب، واصفاً حقيقة ما يؤديه بأنه مجرد عمل إلكتروني خالٍ من المشاعر.

وأوضح بن مسعود أن الأدوات الذكية قد تُصلح بعض كسور الوزن الشعري، لكنها تعجز عن إضافة بُعد فكري أو تحقيق الهدف المنشود من كتابة القصيدة. وأشار إلى دور مفيد للذكاء الاصطناعي في مجال الشعر يتجلى في دعم انتشاره بصورة أكبر، مؤكداً أنه يأخذ القصيدة إلى فضاءات أرحب وآفاق أبعد، بتحويل الكلمة المكتوبة إلى مقطع مصوَّر مدعوم بالخلفية الموسيقية.

وتعليقاً على بعض الدراسات التي أكدت انجذاب بعض جمهور الشعر لقصائد الذكاء الاصطناعي، أكد عيضة أن هذا لا ينطبق على شعرنا العربي، سواء الفصيح أو النبطي، لما يتميز به من موسيقى خارجية ومحسنات بديعية تفتقدها القصيدة الأجنبية، مبيناً أن الذكاء الاصطناعي يستطيع بالفعل التعبير عن المعاني المجرَّدة، لكنه أعجز ما يكون عن صياغتها في قوالب فنية بديعة.

وركَّز على ضرورة أن تكثف الجهات الثقافية عملها لتعزيز الشعر في مواجهة سلبيات الذكاء الاصطناعي، لأنها تتحمَّل الجزء الأكبر من مهمة اكتشاف المواهب وصناعتها، لافتاً إلى اختفاء كثير من البرامج والمجلات الشعرية التي كانت تنهض بعبء ثقافي عظيم في الماضي.