دبي تروي في «رحَّالة الإمارات» حكايات الثقافات وجمال الانفتاح

من فعاليات المعرض المصاحب للحدث
من فعاليات المعرض المصاحب للحدث

حكايات مشوِّقة ومغامرات أغرب من الخيال، خلَّدتها ذاكرة أبرز الرحَّالة في العالم الذين اجتمعوا في دبي ضمن الدورة الثانية عشرة من مهرجان رحَّالة الإمارات 2024، وكشفوا لـ«البيان» عن تجاربهم المشوِّقة، مؤكدين أن الإمارة نجحت في ترسيخ الانفتاح والتنوع وتعزيز روح التعايش والمحبة.

وأعرب عوض محمد بن الشيخ مجرن، رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان رحالة الإمارات، عن شكره لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، على دعمه للمهرجان.

مؤكداً أن نجاح المبادرة خلال الدورات السابقة عزز مفهوم التعايش والانفتاح الذي تتميَّز به دولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، ودبي خصوصاً، وأعلى سمعة الوطن في العالم أجمع.

وأوضح ابن مجرن أن المهرجان انطلق في عام 2012 بفكرة بسيطة أثبتت نجاحها خلال السنوات الماضية، بدليل استمراره حتى العام الحالي وإقبال المشاركين والحضور، مشيراً إلى أن هذه المبادرة شجَّعت المتحمِّسين على أن يصبحوا رحَّالة ويشكِّلوا فِرَقاً تجوب العالم وتحقق نتائج مشرِّفة.

تجارب متنوعة

ونوَّه بالتنوُّع الذي اتسمت به تجارب الفرق المشاركة في المهرجان، إذ ضمَّت رحلات بالدراجات الهوائية والنارية والسيارات والطائرات، ما فتح المجال أمام كل مشارك لاختيار النشاط الذي يميل إليه، لافتاً إلى الفَرْق بين السفر بغرض السياحة وما يقوم به الرحَّالة من مغامرات.

وذكر أن مغامرات الرحَّالة يتخللها الكثير من العناء والتحدي وشغف الاكتشاف والتعايش مع الطبيعة والتخييم في مناطق مختلفة، موضحاً أن تلك التجارب، مع صعوبتها التي تستلزم العزيمة والإصرار، تصقل خبرات الإنسان وتعلّمه مهارات متعددة.

توثيق الحياة البرية

وأكد المغامر الإماراتي خليفة المزروعي، مستكشف مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» العربية، أن مغامراته المشوِّقة لا تتوقف، مشيراً إلى أنه نجح أخيراً في قطع مسافة ألف كيلومتر مشياً حول إمارة أبوظبي.

وأوضح المزروعي أن الهدف الذي يسعى إليه من خلال مغامراته ليس شخصياً، بل هو رسالة تشجيعية للجميع لممارسة الرياضة واكتساب النشاط، مضيفاً أنه حقَّق إنجازاً كبيراً هذا العام بتصوير برنامج وثائقي بعنوان «الهند خلف الكواليس»، تناول فيه الحياة الطبيعية والبرية في الهند، ووثَّق مشاهد لحيوانات عديدة، أبرزها النمر الثلجي والنمر الأسود والباندا الحمراء والدب الكسلان.

وذكر أن الشغف والانبهار لا ينتهيان خلال السفر والترحال؛ لأن المغامر دائماً يشاهد أماكن جديدة ومواقع استثنائية، ويقف مستحضراً عظمة الخالق سبحانه وتعالى في كل ما يقع عليه بصره، لافتاً إلى أهمية رصد الكائنات المختلفة في بيئاتها الأصلية.

وأشاد بالدور اللافت الذي ينهض به مهرجان رحَّالة الإمارات من تشجيع المواهب واحتضانها وجمع المغامرين في دبي لتبادل الخبرات والاستفادة المشتركة من التجارب المتنوعة وتطويرها، مستذكراً بداياته مع المهرجان عندما كان أصغر المشاركين فيه وهو في عمر لا يتجاوز الثامنة عشرة، ما حقَّق له الدعم الكافي لمواصلة إنجازاته.

27 يوماً حول الأرض

من جانبه، أوضح الطيار السعودي مشعل فهد السديري أنه ابتدأ مغامراته بواسطة الدراجات النارية، إذ قام بأكثر من 80 رحلة إلى بلدان مختلفة حول العالم، أهمها أستراليا ونيوزيلاندا والتبت وجبال الهيمالايا، مشيراً إلى أنه اتجه بعد ذلك إلى الارتحال بالطائرات عقب تدريبات أجراها منذ عام 2018 وهو في عمر 52 عاماً حتى حصوله على رخصة طيران تجاري.

وذكر أنه أنجز رحلته الأولى عام 2021 من المملكة العربية السعودية إلى سياتل بطائرة صغيرة، لافتاً إلى أن أبرز ما حققه هذا العام رحلته حول الكرة الأرضية منفرداً نحو الشرق، التي استغرقت 27 يوماً، منها 21 يوماً طيراناً، مروراً بـ30 مطاراً جوياً.

حيث قطع مسافة 39 ألف كيلومتر خلال 119 ساعة، وعبَر 4 قارات: آسيا وأمريكا وأوروبا وأفريقيا، و3 محيطات: الهندي والهادي والأطلسي، و7 بحار: الخليج العربي وبحر العرب وبحر الصين وبحر اليابان وبحر بيرنغ والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

وكشف عن أصعب ثلاثة مواقف لا تُنسى خلال رحلاته الحافلة بالمغامرات، موضحاً أن أحدها في رحلته بين الهند وباكستان حيث دخل بطائرته في عاصفة شديدة تسببت في هبوطه نحو ألف قدم في 20 ثانية.

وأضاف أن الموقف الثاني عندما تعطَّل لديه نظام الملاحة وهو في رحلته من سيبيريا إلى ألاسكا، فاضطر إلى استعمال البوصلة والاعتماد على الرادار الأرضي لتحديد الاتجاهات، مبيناً أنه في الموقف الثالث كان يحلِّق فوق جبال الألب، فارتفع بطائرته إلى مستوى شديد العلو حتى تدنَّت الرؤية بالنسبة إليه ومرَّ بلحظات صعبة جداً.

ولفت إلى أن الدافع الحقيقي له نحو خوض تلك المغامرات هو إعلاء مكانة بلاده والوطن العربي كافةً وإظهار الصورة المشرِّفة أمام العالم، منوهاً بأن فكرة الارتحال والاستكشاف ليست غريبة على العرب أحفاد ابن بطوطة وغيره من أعلام التاريخ.

رحلة إماراتية سعودية

وسلَّط الضوء على رحلة الطيران الإماراتية السعودية المشتركة التي خاضها برفقة عوض محمد بن الشيخ مجرن، رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان رحالة الإمارات، على ارتفاع منخفض فوق كل المعالم الأثرية في جمهورية مصر العربية.

مشيراً إلى أن المغامرة استغرقت 13 يوماً وحطَّت رحالها بهما في مدينة العلا السعودية، بعد المرور بالرياض والقصيم والجيزة والأقصر وأسوان وأبو سنبل والجونة.

وأكد مشعل السديري، الذي يشارك للمرة الخامسة في هذه الفعالية المميزة، أن مهرجان رحالة الإمارات استطاع في كل دورة أن يجمع كوكبة من أبرز رحَّالة العالم، منوهاً بما تتيحه المبادرة من تبادل الخبرات وتلاقح الأفكار.

ونوَّه بمفهوم تعزيز التواصل بين مختلف الدول والحضارات الذي تنتهجه دبي في سائر فعالياتها، مؤكداً أنها وجهة عالمية بامتياز، وأنها منذ بدايات نهضتها حتى الآن نجحت في المحافظة على مكانتها المزدهرة.

من أوروبا إلى الخليج بالسيارة

من جهته، استعرض الرحَّالة العراقي علي الحايك، الذي يشارك في المهرجان لأول مرة، تفاصيل رحلته بالسيارة من أوروبا إلى الخليج، موضحاً أن مغامرته المشوِّقة انطلقت من هولندا مروراً بالبوسنة وألبانيا واليونان وتركيا، ثم توقفت قليلاً في شمال العراق حيث الثلوج تغطي مساحات شاسعة من الأرض، لتتجه بعدها إلى الكويت، وتنتهي في مدينة صلالة العُمانية.

وذكر الحايك أن أصعب المواقف التي واجهته في رحلته كانت عندما اضطر إلى المبيت في الطريق بسبب الثلوج، مشيراً إلى أن هذا الوضع استمر به يومين متواصلين، وكانت الأطعمة والمشروبات تصل إليه بواسطة طائرات حتى عادت الأمور إلى طبيعتها.

وأضاف أنه تعرَّض لموقف آخر على حدود تركيا وبلغاريا، حيث أمضى 32 ساعة متواصلة بسبب الزحام، لافتاً إلى أن الأعطال التي تصيب السيارات هي أسوأ ما يعانيه الرحَّالة من عوائق في سبيل إنجاز مغامراتهم؛ وذلك بسبب صعوبة إصلاح المركبات وقلة الخبراء بهذا المجال في بعض البلدان.

وأكد أن مهرجان رحالة الإمارات الذي تحتضنه دبي يمتاز بجودة تنظيمه والإقبال الجماهيري عليه، وأن مشاركته فيه أكسبته ثقة بالغة بأهمية ما يقوم به من رحلات، واصفاً دبي بأنها «أجمل مدينة في العالم».

من جانبه، أعرب سعد الحايك، والد الرحَّالة العراقي، عن سعادته الغامرة بمشاركته في المهرجان وبالإنجاز الذي حققه وتميَّز به، مشيراً إلى أنه أيضاً من محبي الارتحال والسفر؛ إذ زار 75 دولة بهدف التجارة، الأمر الذي دفعه إلى تشجيع ابنه على ممارسة هوايته المحببة.

ووصف دبي بأنها سبَّاقة في كل المجالات، وأنها نجحت في جمع أبناء الوطن العربي داخل نسيج ثقافي متنوِّع، مشيداً بكل ما تحتضنه الإمارة من مهرجانات ومؤتمرات ومبادرات نالت شهرة واسعة ومكانة متميزة.