أحمد الشهاوي: الإمارات بيئة خصبة لصقل المبدعين

«المكان الذي يحتضن المبدع له تأثير مهم في تشكيل وعيه وبلورة رؤيته الإبداعية».. بهذه العبارة يستهل الشاعر المصري أحمد الشهاوي حديثه مع صحيفة «البيان»، ويؤكد في السياق ذاته الدور المحوري الذي تشكله دولة الإمارات كوجهة لإثراء الإبداع وبيئة خصبة لصقل المبدعين، ليس في داخل الدولة فحسب، بل وعلى الصعيدين الخليجي والعربي أيضاً.

وُلد الشهاوي في مدينة دمياط شمال شرق العاصمة المصرية في 12 نوفمبر 1960م، والتحق بقسم الصحافة بكلية الآداب في جامعة أسيوط – فرع سوهاج، وتخرج فيه في مايو 1983، ومن أبرز أعماله الشعرية: ركعتان للعشق، والأحاديث: السفر الأول، كتاب العشق، وأحوال العاشق.

وتطرق الشاعر أحمد الشهاوي في حواره مع «البيان» إلى علاقته بدولة الإمارات وتأثيرها على مسيرته الأدبية، بالإضافة إلى دور الإمارات الذي تلعبه في نشر الثقافة بمختلف أنواعها خلال الفترة الحالية.. حيث ثمن هذا الدور، ويصفه بالبارز في تعزيز الثقافة العربية بمختلف أشكالها، ويشدد على أن الإمارات تسهم بشكل كبير في إحياء الثقافة من خلال تنظيم المسابقات والفعاليات المتنوعة، هذه الأنشطة، كما يرى الشهاوي، تلعب دوراً أساسياً في نشر الوعي الثقافي، وتعزيز الاهتمام بالثقافة العربية على مستوى العالم العربي وفي الساحة الدولية.

الإمارات حاضنة الإبداع

ويشير الشهاوي إلى أن علاقته بدولة الإمارات تعود إلى فترة تخرجه في قسم الصحافة في عام 1983، وبداية عمله في صحيفة الأهرام عام 1985، وأنه نشر العديد من كتاباته الأدبية والصحفية في صحيفتي «الخليج» و«الاتحاد»، كما كانت هاتان الصحيفتان، إلى جانب صحيفة «البيان» وعدد من المجلات الإماراتية، حاضنة لتجربته الشعرية وداعمة لها.

ويضيف أنه أقام العديد من الأمسيات الشعرية في دبي وأبوظبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة. ووصلت ثلاثة من كتبه الشعرية: «ما أنا فيه»، «لا أراني»، و«سماءٌ باسمي»، بالإضافة إلى روايته «حجاب الساحر»، إلى القائمة الطويلة لجائزة زايد في فرع الآداب، وجميع هذه الأعمال صدرت عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة.

ويرى الشهاوي أن الحركة الشعرية في الإمارات متطورة ومتقدمة بفضل الأسماء التي ظهرت بقوة منذ بدايات الثمانينيات من القرن الماضي، ويؤكد أنه قرأ أغلب نتاج هذه الحركة سواء أكان مطبوعاً في الإمارات أو خارجها.
ويضيف بأن الإمارات مع البحرين وسلطنة عمان والسعودية خصوصاً تُشكِّلُ محور الكتابة الجديدة في بلدان الخليج العربي، ولا يمكن للناقد أو الشاعر أو المتابع الموضوعي أن يغفل الأسماء المهمة التي أضاءت هذا المشهد الشعري وحملته لسنوات طويلة.

كما يلفت النظر إلى مشاركته في معرضيْ الشارقة الدولي للكتاب، وأبوظبي الدولي للكتاب مرات عديدة، وهما معرضان أساسيان عربيّاً، استطاعا أن يرفدا الشَّاعر أو الكاتب الإماراتي ويمدَّاه بما يحتاج من كتب جديدة، وجعله طوال الوقت حاضراً في مشهد الكتابة والنشر.

جوائز داعمة للمبدعين

ويؤكد أحمد الشهاوي، أن وجود جوائز كبرى للأدب في دولة الإمارات جعل منها مركزاً ثقافيّاً مهماً يستقطب الأسماء المؤثرة في الثقافة العربية، وأن مشروع «كلمة» الذي يتبع مركز أبوظبي للغة العربية لإحياء حركة الترجمة في الوطن العربي، يعد من أهم المشروعات الكبيرة التي تسهم في تكوين العقل العربي وتجعله على صلة بما يصدر من كتب في العالم في شتى مجالات المعرفة، عبر توفير ترجمات لأحدث الإصدارات العالمية في مجالات متعددة، يشارك فيها مترجمون وأكاديميون من مختلف البلدان العربية، وقال: «اقتنيت كتباً عديدة من إصدارات المشروع رأيتُ أنها مفيدةٌ لي».

وعي الشاعر

وتطرق أحمد الشهاوي إلى العوامل التي تسهم في تشكيل وعي الشاعر منذ بداياته المبكرة، مشيراً إلى أن البيئة التي ينشأ فيها تلعب دوراً كبيراً، فالمكان الذي يحتضنه، سواء كان مفتوحاً على النهر أو البحر أو الصحراء، أو مغلقاً تحت سماء الشمال، له تأثير أساسي في تشكيل رؤيته الشعرية، كما أن القراءات الأولى التي يتعرض لها تكون مؤثرة ومؤسسة لوعيه الأدبي، ويعد وجود مكتبة في المنزل أو الاستعانة بمكتبات المدرسة أو المكتبات العامة من العوامل المساعدة.

وأشار إلى أن نشأته في قرية «كفر المياسرة» ذات الخصوصية الفريدة كان لها تأثير كبير على تجربته الروحية والكتابية، وكانت القرية، التي يحيط بها النيل من ثلاث جهات، بعيدة عن صخب المدينة وزحامها، ولم تكن تحتوي على كهرباء أو ماء لفترات طويلة، ما أتاح له فرصاً كافية للقراءة والتعلم في بيئة هادئة ومعزولة، كما كانت القرية تشتهر بمظاهر التصوف، وتقام فيها الموالد بشكل دوري، وهي المظاهر التي تركت أثراً في تجربته ونشأته.

وذكر الشهاوي أنه نشأ في بيئة كانت مليئة بالكتب والتصوف، وأسهمت أزهرية والده في تربيته على ارتباط مبكر بالقرآن الكريم، ويعتبر القرآن عنده ليس فقط كتاباً مقدساً ينير روحه ويحفظه، بل مصدراً أساسياً لتعلم اللغة العربية، استفاد منه لغوياً وبلاغياً وأسلوبياً، وما زال يستمد منه هذه الفوائد حتى اليوم.