في اليوم الختامي لمهرجان الشارقة للأدب الأفريقي في دورته الأولى، اجتمع نخبة من الروائيين في حلقة نقاشية حملت عنوان «صياغة شخصيات متحررة من قيود الزمان»، فكشف الكتاب المشاركون أبعاد صياغة شخصيات أدبية تجسد بعمق تعقيدات الثقافات الأفريقية والشرق أوسطية.
وشهدت الجلسة حواراً مملوءاً بالسرد القصصي، تبادل فيه الضيوف رؤاهم في التحديات المرتبطة بالأصالة والتمثيل الثقافي، وكيفية ابتكار شخصيات تلامس وجدان القارئ، إذ شارك في الجلسة كل من الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، والروائيين النيجيريين: تشيكا أونيغوي، وفاطمة بالا، وننامدي إهيريم.
الشخصيات ككائنات حية
استهلّت الروائية النيجيرية تشيكا أونيغوي حديثها عن بنائها لشخصياتها الروائية قائلةً: «شخصياتي كائنات حية وحقيقية في عقلي، وكل ما أفعله هو أن أسمح لها بالتصرف بحرية، ثم أقوم بتسجيل أفعالها على الورق»، ولأجل كتابة شخصيات روائية ذات تأثير عميق، قدمت أونيغوي للكتاب الجدد نصيحة من ذهب فقالت:
«من المهم أن تمنح شخصياتك الاحترام الذي تستحقه وأنت تكتبها، وتعاملها أفراداً حقيقيين»، وعن روايتها الأشهر «الابنة الوسطى» أوضحت أونيغوي أنها كُتبت بأربعة أصوات، وهي إعادة تخيل حديثة لأسطورة بيرسيفوني.
واقع الحياة اليومية
تطرقت الروائية النيجيرية فاطمة بالا للحديث عن شخوص روايتها «محطمة»، و«حفصة بيبي» فأشارت إلى أنها تستمد إلهامها من واقع الحياة اليومية، وقالت: «معظم شخصياتي مستوحاة من الأشخاص من حولي، الحوارات التي أسمعها والمواقف التي ألاحظها تجد طريقها إلى كتاباتي»، وأضافت: «مثلاً أنا الآن في الشارقة التي أدهشتني بتنوعها الجميل، وليس بعيداً أن تظهر الشارقة في كتابي المقبل، إن لم يكن الآن، فبالتأكيد يوماً ما».
ومن القضايا التي تطرقتْ لها فاطمة بالا في الحديث عن شخوصها الروائية، عدم التعلق كثيراً بالشخصيات حتى لا تتكرر في أعمال قادمة، فقالت: «لأتمكن من الاستمرار في الكتابة، أغلق الباب على شخصياتي بمجرد أن أنتهي منها، وأنفصل شعورياً عنها، لأنني لا أريد أن أكرر كتابة الشخصية نفسها مراراً وتكراراً، فمن المهم بالنسبة لي أن تكون شخصيتي القادمة مختلفة تماماً، لأنني أعلم أن جمهوري يتطلع إلى التنوع».
الواقع مصدر الإلهام
يؤمن الروائي النيجيري ننامدي إهيريم صاحب رواية «أمير القرود» التي رشحت لجائزة «فيووتشر أووردز» للأدب، بأن الواقع مصدر لا ينضب للإلهام، فقال: «لا شيء يفوق الواقع في إلهامه لنا نحن الروائيين، وأستند دوماً في كتابة أعمالي إلى أحداث وشخصيات حقيقية، وأغوص في ثقافة الفترات التاريخية التي أكتب عنها. وبالنسبة لي أهم شيء يجعلني أنطلق لخلق شخصياتي هو الفكرة، فحينما أجد الفكرة أستكشفها جيداً، وأتركها تختمر في عقلي تماماً قبل أن أضعها على الورق».
وأوضح إهيريم أنه حينما يجد الفكرة ويستكشفها جيداً يقوم بإجراء محادثات بينه وبين نفسه في شأنها، وكلما اكتشف شيئاً أخرج هاتفه فوراً ودونه في الملاحظات، وهكذا، يستمر في التفكير عبر الشخصيات واستكشاف الأفكار عبر الحوارات بينهم، وفي النهاية يكتبها في روايته، كذلك أكد إهيريم أهمية الأسماء في عمله، بقوله: «أجعل أسمائي مثيرة للاهتمام وغير قابلة للنسيان».
الكتابة جسر بين الثقافات
وفي ختام الجلسة تحدثت الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد عن فنيات كتابتها لشخصيات أعمالها الروائية والقصصية، وقالت: «في رواياتي، يمكنك أن ترى أن الشخصيات مرتبطة بجذورها وبالمكان، سواء كان ذلك في الشارقة أو دبي، أما في القصص القصيرة، فأنا أركز أكثر على الفكرة والمشاعر بدلاً من التركيز على الشخصية بحد ذاتها أو على هوية المكان الذي تنتمي إليه».
وعن شخصياتها التي ترجمت للعديد من اللغات الأفريقية قالت عبيد: «لا يهم إذا كانت الشخصية من بلد معين، الأهم هو الرابط الذي ينشأ بين الكاتب إنساناً والقارئ إنساناً آخر، وأفرح حين أجد القراء متعلقين أكثر بمشاعر الشخصيات وكيف وجدوا أنفسهم مرتبطين بهم، أكثر من كونهم مهتمين بمكان نشأة تلك الشخصيات».