يشهد الشهر الوطني للقراءة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حراكاً ثقافياً وتعليمياً واسعاً، حيث تتنافس خلاله جميع الجهات والهيئات المتخصصة في إطلاق مبادرات غير تقليدية لتعزيز ثقافة القراءة، ومن بينها بشكل لافت، المدارس التي تحرص خلاله على ترسيخ ثقافة القراءة في نفوس وعقول الطلبة.
ومع تزامن شهر القراءة هذا العام مع شهر رمضان، برزت العديد من المبادرات المبتكرة التي دمجت بين الأجواء الروحانية للشهر الفضيل وأهداف القراءة، بالإضافة إلى إدخال التكنولوجيا في عملية التعلم، ما يسهم في جعل القراءة تجربة أكثر تفاعلية ومتعة للطلبة.
قراءة رقمية
وفي هذا الصدد، قالت لمياء إبراهيم، رئيس قسم اللغة العربية والتربية الإسلامية في مدرسة السلام: «لم تعد القراءة مجرد نشاط تقليدي يتم داخل أروقة المكتبات أو في الحصص الدراسية، بل أصبحت اليوم تأخذ أشكالاً جديدة من خلال القراءة الرقمية، التي توفر محتوى تفاعلياً جذاباً يواكب تطلعات الجيل الجديد».
وأوضحت أنها أطلقت مبادرات تدعم التحول الرقمي في القراءة، مثل مبادرة «القراءة الرقمية» والتي تهدف إلى تعزيز مهارات القراءة لدى الطلاب باستخدام التقنيات الحديثة والمنصات الإلكترونية التفاعلية.
تطورات متسارعة
وأكدت إبراهيم أن هذه المبادرة جاءت استجابة للتطورات المتسارعة في مجال التعليم الرقمي، حيث تسعى إلى تعزيز ثقافة القراءة الرقمية بين الطلاب وتنمية قدرتهم على التفاعل مع النصوص الإلكترونية.
وأضافت أن المبادرة تتضمن برامج تحفيزية وتحديات قرائية رقمية، لضمان مشاركة فعالة تسهم في تطوير مهارات الفهم والتحليل لدى الطلاب.
ومن جانبها، أوضحت وئام جبر، مديرة مدرسة الأهلية الخيرية - بنات، تزامناً مع الشهر الوطني للقراءة وتعزيزاً لأجندة دولة الإمارات في نشر ثقافة القراءة، أُطلقت مبادرة «معاً سنقرأ»، والتي تهدف إلى توجيه الطالبات نحو القراءة من خلال منصة «كتبي» الرقمية.
قيم وروحانيات
ومع حلول شهر رمضان المبارك، حاولت بعض المدارس دمج قيم وروحانيات الشهر الفضيل مع ثقافة القراءة من خلال تقديم برامج تركز على القراءة في المجالات الدينية والتاريخية، وتشجيع الطلبة على قراءة قصص عن القيم الإسلامية، والتاريخ العربي والإسلامي.
جزء جوهري
وحول أهمية الشهر الوطني للقراءة، أكدت فاطمة الظاهري، رئيسة قسم اللغة العربية في إحدى المدارس الحكومية، أن القراءة ليست مجرد فعالية موسمية، بل هي عادة يجب أن تكون جزءاً أساسياً من حياة الطلبة على مدار العام.
وقالت: «إن الشهر الوطني للقراءة يمثل فرصة ذهبية لتعزيز هذه العادة، لكنه لا ينبغي أن يكون النشاط الوحيد المرتبط بالقراءة. نحن نسعى إلى جعل القراءة أسلوب حياة من خلال مبادرات متجددة تعتمد على التحفيز والتكنولوجيا».
وذكرت أن التطورات التي يشهدها الشهر الوطني للقراءة في الإمارات، تعكس مدى الاهتمام بغرس ثقافة القراءة لدى الطلبة، ليس فقط من خلال الأساليب التقليدية، بل عبر استثمار التكنولوجيا والرقمنة لجعل القراءة أكثر إثارة وجاذبية.. ويظل التحدي الأكبر هو ترسيخ القراءة كعادة مستدامة.
دروب العربية
ولم يقتصر دعم القراءة على الطلبة الناطقين بالعربية، بل امتد ليشمل غير الناطقين بها أيضًا، حيث أطلقت معلمة اللغة العربية إسراء محمد بهجت من مدرسة اكسفورد مبادرة "دروب العربية"، التي تهدف إلى تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من خلال أساليب تفاعلية وميدانية.
وأوضحت بهجت أن المبادرة تعتمد على زيارات ميدانية إلى المدارس الحكومية، والتعاون مع المعلمين المحليين، إضافة إلى حضور حصص اللغة العربية للناطقين بها، وذلك بهدف دمج المتعلمين في بيئة تعليمية تفاعلية تعزز مهاراتهم اللغوية في سياقات واقعية وتطبيقية.