يقف الفنان التشكيلي مرتبكاً في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، الذي بإمكانه إنتاج عشرات اللوحات الفنية في دقائق معدودة، بينما قد يستغرق الفنان أياماً وأسابيع طويلة لإنتاج لوحة فنية واحدة.. الأمر الذي فاقم الجدل في دور الذكاء الاصطناعي في الإبداع التشكيلي؛ فهناك من يرى فيه أداة جديدة لتوسيع آفاق الفن، ومنهم الفنان إبراهيم عبدالرحمن، وهناك من يتصدى لاستخدامه معتبراً أنه لا يبرز فناً حقيقياً، إنما يقضي على خصوصية الإبداع وبشريته ومنهم الفنان صلاح المليجي.
«البيان» تستعرض وجهتي النظر للحديث عن مستقبل الفن التشكيلي في ظل إبداع الآلات.

يقول الفنان إبراهيم عبدالرحمن، مدير جاليري بيكاسو بحي الزمالك بالقاهرة: «سواء شئنا أو أبينا فالذكاء الاصطناعي قادم لا محالة»، موجهاً رسالة إلى جميع الفنانين الذين يراودهم شعور بالخوف من تهديد الذكاء الاصطناعي للفن التشكيلي، بأن يجربوا استخدامه في إنتاج اللوحات وألا يخافوا من نتاجاته، حيث يقول: «ليس هناك ما يستدعي الخوف، بالعكس يمكن استغلال تلك الأداة التكنولوجية والاستفادة منها وإقامة معارض فنية متنوع تفوح بالجمال».
ويؤكد عبدالرحمن أن معرض الفنانة علية عبدالهادي الذي استضافه الجاليري العام الماضي وأنتجت جميع لوحاته باستخدام الذكاء الاصطناعي، لاقى نجاحاً كبيراً وتفاعلاً لافتاً من زوار المعرض، مضيفاً حول المعرض: «حتى الجدل الذي أثير حوله من أطراف مؤيدة ومعارضة يعد أيضاً نجاحاً للمعرض».
ويتابع عبدالرحمن: «إن جاليري بيكاسو بحي الزمالك بالقاهرة يستعد لاستضافة معارض فنية أخرى للوحات منتجة بوساطة الذكاء الاصطناعي غير أنه يشترط أن تقدم الأعمال موضوعاً جديداً ومختلفاً وعلى مستوى فني جيد، لأن الجاليري لن يكرر نفسه على الإطلاق».
وفي النهاية يؤكد عبدالرحمن أهمية الذكاء الاصطناعي في مجال الفن التشكيلي كمحرك لتطوير هذا المجال، وإثراء عوالمه وتسهيل عمل المبدع وتوفير جهده ووقته.
ويشير عبدالرحمن إلى أن الذكاء الاصطناعي ليست بديلاً للفنان، بل أداة لتعزيز قدراته الإبداعية، وفتح آفاق جديدة أمامه ليبدع ويثري المشهد الفني.

في المقابل، يؤكد الفنان التشكيلي صلاح المليجي، أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يشكل تهديداً لمكانة الفنان ولا يمكن أن يكون بديلاً له.
ويوضح أن الفنان يحمل في داخله مشاعر وأحاسيس ووجداناً وخيالاً وتركيبة فنية فريدة لا يمكن لأي تقنية أن تحاكيها، ومن ثم يرى أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تكنولوجية تسهم في خلق بيئة جديدة للإنتاج الفني، ولكن الفن الحقيقي يحمل قيمة الحرية والإبداع.
ويشير صلاح المليجي، إلى أن الفن لا يزال يتطور ويقدم أعمالاً فنية فريدة، بفضل الموهبة التي منحها الله للفنانين وتطويرهم المستمر لقدراتهم.
ويتابع: «هذه الرؤية تجعلهم يفكرون بعمق قبل الانجراف وراء أي فكرة سهلة ومتاحة، مثل تلك التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، فالفن الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي يشبه البلاستيك، فهو بلا روح ولا يحمل الإحساس العميق الذي يتميز به الفن الحقيقي»، موضحاً أن هناك فرقاً كبيراً بين الفنان الذي يخلق ويبدع، والذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على قاعدة بيانات لاختيار عناصر فنية.
ويردف: إن الفن الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي لن يحظى بشعبية كبيرة على المدى الطويل، لأن جمهوره سيكون محدوداً من الأشخاص الذين يفضلون كل ما هو جديد، وليس بالضرورة أن يكون لديهم ذوق فني رفيع، مستدلاً على ذلك بأحد المعارض الفنية التي قدمت أعمالاً أنتجها الذكاء الاصطناعي في مصر، قائلاً: «هذه الأعمال لم تحظَ بشعبية كبيرة ولا أعتقد بأن أحداً من الجمهور قام بشرائها».