لطالما شكلت المتاحف عبر التاريخ حاضنة للتراث الإنساني والطبيعي، ومكاناً يسهم في حفظ الإرث الذي يعكس عمق وثراء عالمنا، حيث تسعى المتاحف عبر مقتنياتها إلى ربط الماضي بالحاضر والمحافظة على قيمنا الأصيلة، وتعزيز فهمنا للواقع بشكل أعمق، كما أسهمت بشكل فعّال في صون النسيج المتنوع للتجارب الإنسانية.
وفي يوم التراث العالمي الذي يرفع هذا العام شعار «التراث المهدد بالكوارث والنزاعات: الاستعداد والتعلم من 60 عاماً من أعمال المجلس الدولي للمعالم والمواقع»، يحتفي العالم بالتاريخ والهوية والذاكرة الجماعية، عبر تعزيز الوعي بأهمية التراث الثقافي وحمايته في ظل التحديات العالمية وتعزيز التضامن بين المجتمعات. وتمثل هذه المناسبة فرصة للتأمل في الروابط التي تجمع بين التراث والمتاحف والمجتمعات التي تخدمها، وتشجيع الحوار بين الأجيال والثقافات.
كما يمثل هذا الحدث فرصة لتقدير إنجازات المجلس الدولي للمعالم والمواقع «آيكوموس» على مدار ستة عقود وتحديد أهداف المؤسسة المستقبلية.
ومع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر العام السابع والعشرين للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم دبي 2025»، الذي تستضيفه دبي للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، خلال الفترة من 11 وحتى 17 نوفمبر المقبل، يستعد الخبراء والمتخصصون وعشاق المتاحف للاجتماع معاً تحت سقف واحد لتبادل الرؤى والأفكار.
وتطوير استراتيجيات فعّالة تسهم في بناء مستقبل مستدام للمتاحف والمجتمعات التي تخدمها. وسيتناول المؤتمر الذي يُقام تحت شعار «مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغيير» مواضيع تناقش قوة الشباب، والتقنيات الحديثة، والتراث غير المادي.
وتُعتبر المتاحف حول العالم ركيزة أساسية للحفاظ على التراث وتعزيز التفاهم ومد جسور التواصل بين الثقافات. وفي أوقات الأزمات، تتحول المتاحف إلى مصادر للأمل، وتعمل على تقديم الدعم للمجتمعات في ظل الكوارث الطبيعية والنزاعات.
وتواصل دولة الإمارات الالتزام بحماية التراث الثقافي من خلال مبادرات مبتكرة تقودها وزارة الثقافة. وتسعى دبي عبر مشاريع وبرامج هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» إلى المحافظة على تراثها الغني والترويج له وتعزيز حضوره على الخريطة العالمية.
وتشمل المبادرات الرائدة ترميم حي الشندغة التاريخي، موطن متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي في الإمارات، الذي يستعرض عبر أجنحته المتنوعة مسيرة تطور دبي ودولة الإمارات.
ومتحف الاتحاد الذي يُعد معلماً وطنياً عريقاً ومميزاً يسرد قصة الاتحاد وتأسيس الدولة، وقرية حتا التراثية التي تجسد عبر تصاميمها وفعالياتها أصالة التقاليد الإماراتية. بالإضافة إلى ذلك، تم إدراج مواقع حتا الأثرية على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو».
ومن خلال «آيكوم دبي 2025»، ستوفر الإمارة منصة رائدة تعزز التواصل بين المتخصصين في قطاع المتاحف، ورفع مستوى الوعي بأهمية حماية التراث والترويج له على المستوى العالمي.
كما سيوفر المؤتمر فرصة لتبادل الآراء وإقامة الشراكات بين المؤسسات الثقافية المحلية والعالمية، وسيستعرض الاتجاهات والحلول المبتكرة في مجالات الحفاظ على التراث والتعليم. ومن خلال المعارض والبرامج العامة والمشاركة المجتمعية، سيضيء «آيكوم دبي 2025» على المتاحف كمساحات إبداعية ملهمة تسهم في تحفيز الأفراد على العمل معاً لضمان استدامة الإرث الثقافي.