رسخت الإمارات مكانتها وجهة للفن المعاصر خلال العقود الماضية، حيث برزت كمركز إقليمي للفنون بامتداد عالمي تشكّل من خلال جهود وإنجازات الأفراد والمؤسسات، بالتزامن مع منظومة الاقتصاد الإبداعي الذي يشكل ركيزة أساسية في استراتيجية الإمارات للنمو والتطور خلال الـ50 عاماً المقبلة، لا سيما وأنه يعد من أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً حول العالم مع مساهمته بأكثر من 6.1 % في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فضلاً عن توليده عائدات سنوية تزيد على 2 تريليون دولار، إلى جانب العمل على زيادة نسبة مساهمة الصناعات الثقافية والإبداعية لتصل إلى 5 % من إجمالي الناتج المحلي في السنوات العشر المقبلة، ومضاعفة عدد المنشآت العاملة في القطاع إلى جانب عدد الوظائف التي توفرها، خاصة في ظل وجود 22 منطقة حرة في إمارات الدولة المختلفة تستقطب المبدعين والموهوبين.
ويعزز البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع في هذا الصدد، الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية بالدولة، إلى جانب المبادرات النوعية لاستقطاب الفنانين للعمل والعيش في الإمارات، ما من شأنه إثراء المشهد الثقافي وإثبات قوة الدولة كمركز للإنتاج الفني والتبادل. وبطبيعة الحال، يرفد هذا التوجه توظيف دبي وأبوظبي، استثمارات استراتيجية كبيرة لتأسيس صناعات ثقافية وإبداعية مزدهرة.
وأكد معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، لـ«البيان»، أنه منذ تأسيس الدولة آمنت القيادة الرشيدة بأهمية الاستثمار بالإنسان باعتباره الثروة الأهم، فوضعت العديد من الاستراتيجيات، والمشاريع، والبرامج التنموية الهادفة إلى اكتشاف مهارات أبناء وبنات الوطن، ومتابعتها، ورعايتها، ليكون لها القدرة على الحضور الواثق في مختلف الميادين المعرفية والإبداعية والمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة قدماً نحو الأمام.
نمو مستدام
وتابع معاليه: «شكّل هذا التوجه منهجاً للعديد من الجهات الحيوية المعنية في الدولة، وقد كان لوزارة الثقافة الدور الرائد في الاهتمام بالمبدعين الإماراتيين، ورصد حراكهم، وتقديم الدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق طموحاتهم، وأحلامهم على أرضية من الثبات والاستمرارية، وعليه قمنا خلال العام الماضي بإطلاق البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع، الذي يسهم في تعزيز التزام الدولة بدعم وتنمية واستدامة قطاعاتها الثقافية والإبداعية، والاستفادة من فرص الاستثمار في المبدعين الذين يلعبون دوراً أساسياً في الجهود الوطنية لأجل بناء اقتصاد إبداعي مستدام لأجيال المستقبل».
وأضاف معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي: «يمثل البرنامج خطوة نوعية وجديدة تخدم تقديم المزيد من الدعم لتنمية مهارات وقدرات المبدعين الإماراتيين، وتحفيز إنتاجاتهم، ونشر أعمالهم محلياً وعالمياً، فهذه الخطوة تجسد رؤية الوزارة واستراتيجيتها الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية وترسيخ الهوية الوطنية، من خلال زيادة الأثر الاجتماعي والاقتصادي، ورفع قيمة المنتج الثقافي والإبداعي، عن طريق الدعم الذي سيسهم في تغطية تكاليف الإنتاج وتحويل أفكار المبدعين إلى واقع ملموس، كما أنها تسهم في تعزيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الذي يعيش واقعاً متقدماً، وبات لاعباً مؤثراً في الاقتصاد الوطني، ونحن اليوم نتطلع لأن يكون هذا البرنامج رافداً للإبداع وروّاده وداعماً لهم، وأن يحقق رؤية الدولة، ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية بما يتعلق بالنمو المستدام لقطاع الثقافة والفنون والصناعات الإبداعية، ويسهم بشكل فاعل في تعميق المشهد الثقافي المحلي، وتأثيره الفاعل مع نظيره الإقليمي والدولي، وأن نثبت مدى قوة ومكانة الدولة باعتبارها اليوم مركزاً حيوياً ورائداً للإنتاج الفني، والتبادل الثقافي بين جميع المبدعين وفي مختلف الحقول».
مبادرات نوعية
وفي محور تعزيز الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية ومبادرات إمارة دبي النوعية ودورها كمركز للإنتاج الفني والتبادل الثقافي، أشارت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، إلى أن دبي نجحت في التحول إلى نقطة جذب للمستثمرين ورواد الأعمال والمفكرين والفنانين بفضل مبادراتها النوعية التي تعكس طموحاتها المستقبلية وقوة بنيتها التحتية ونضوج بيئتها التشريعية والإبداعية.
وقالت: «تواصل دبي تعزيز مكانتها وريادتها العالمية كوجهة مفضلة لأصحاب المواهب وأهل الفكر والثقافة، وذلك بفضل رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الهادفة إلى جعل الإمارة مركزاً ثقافياً عالمياً، حاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب، ومركزاً عالمياً للاقتصاد الإبداعي»، لافتة إلى أن الإمارة حققت قفزات نوعية في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية أهلتها لأن تكون في صدارة مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر، عبر استقطابها 898 مشروعاً خلال العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع إجمالي تدفقات رؤوس أموال المشاريع إلى 11.8 مليار درهم، لتحافظ دبي على مكانتها كأفضل وجهة عالمية لخلق فرص العمل التي وصلت إلى 21563 فرصة جديدة في هذا القطاع الذي يمثل أداة حيوية لتحقيق التنمية.
وتابعت هالة بدري: «تمتاز دبي بمنظومتها الثقافية المتطورة، وبيئتها الاستثمارية الداعمة للابتكار والمحفزة على الإبداع، ما أسهم في استقطاب رواد الأعمال والطاقات الفكرية من حول العالم، الذين وجدوا فيها أرضاً للفرص والنجاح»، لافتةً إلى حرص «دبي للثقافة» على توفير كافة المتطلبات التي تسهم في دعم أصحاب المواهب وتمكينهم من تنمية مهاراتهم، والتعبير عن أفكارهم ومشاريعهم وتحويلها إلى واقع.
وقالت: «تسعى الهيئة عبر شراكاتها الاستراتيجية إلى تهيئة بيئة مرنة ومبتكرة تسهم في دعم أصحاب المواهب من خلال منحهم «الفيزا الثقافية طويلة الأمد»، إضافة إلى تمكينهم من الحصول على الرخص بسهولة عبر «رحلة المبدع في تأسيس الأعمال» ضمن منصة «استثمر في دبي» الرقمية الموحدة، كما تتيح أمامهم من خلال شبكة «لينكدإن» فرصة الاستفادة من خدمة التعلم الإلكتروني المجانية التي توفر لهم أكثر من 16000 دورة تعليمية متخصصة، صممت بحرفية عالية لتلبية احتياجاتهم، إلى جانب توفير مجموعة واسعة من الحلول التقنية والتمويلية، ومساحات العمل المشتركة، وغيرها».
رسالة التنوع
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «لا تعترف الثقافة بالحدود والمحددات، فهي فضاء رحب للتشاركية وتوسيع الآفاق والانفتاح على الأفكار والآراء، وهذه هي جهودنا في أبوظبي متخذين من الثقافة معبراً إلى ذلك، في استجابة دائمة لمجتمعنا وأسسه ونموه وتطوره المتواصل، وعليه فإن المنطقة الثقافية في السعديات تشكّل أملنا الثقافي بوصفها مساحة رحبة ومترامية للاحتفاء بالأشكال والأنواع والأنماط الفنية والفنانين.
وتُجسد رسالة التنوع الثقافي التي ستصبح أكثر قوة مع الوقت، مما يعزز الروابط العالمية ويلهم التبادل الثقافي، ويستكشف طرق تفكير جديدة لدعم المنطقة وجنوب العالم والإنسانية جمعاء، هذا عدا عن كونها فرصة متجددة لاستعادة الماضي وفهم الحاضر والتطلع إلى المستقبل».
وأضاف: إن المنطقة الثقافية في السعديات هي التزام أبوظبي بصون التراث عبر رؤية تطلعيه مستقبلية، ولها أن تكون بمثابة دعوة إلى المنطقة والعالم للتفاعل مع الثقافة وتقاليد التنوع، وتعزيز الحوار وتبادل الآراء في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
ومن هذا المنطلق أطلقت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي حملتها المميزة تحت عنوان «ألف طريقة للإلهام»، قدمتها الإعلامية ومُقدمة البرامج الحوارية الأمريكية ورائدة العمل الإنساني الشهيرة أوبرا وينفري، والإعلامية منى الشاذلي.
وأردف: يتضمن الفيلم المصور الخاص بالحملة رسالة ملهمة حول القدرة التحويلية للثقافة، والتي من شأنها توحيد العقول وإلهامها وانفتاحها، ومن بين الشخصيات الثقافية المُلهمة المشاركة في الحملة، معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات ، ومعالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة دولة، واللورد نورمان فوستر، الفائز بجائزة بريتزكر للهندسة المعمارية ومهندس متحف زايد الوطني، ومارييت ويسترمان، المديرة التنفيذية لمتحف ومؤسسة سولومون آر. جوجنهايم، والفنانون البارزون محمد إبراهيم ونجاة مكي وعفراء الظاهري من دولة الإمارات العربية المتحدة، والممثل والموسيقي الحائز على عدة جوائز ورجل الأعمال إدريس إلبا، وعازف البيانو الأسطوري لانغ لانغ.
قوى ناعمة
وبيّنت الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، مدير عام مؤسسة «فن» ومهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، أن المهرجان تحول إلى منصة عالمية قادرة على تقديم إنتاجات سينمائية مهمة تمتاز بقوة وتفرد حكاياتها وتوجهاتها ومشاهدها البصرية.
وأضافت: تسعى «فن» من خلاله إلى فتح آفاق واسعة أمام صناع الأفلام الرواد والناشئة، وتوفير منصة إبداعية قادرة على تمكينهم من عرض أعمالهم السينمائية أمام الجمهور، ما يجسد توجهات إمارة الشارقة ويحقق أهداف مشروعها الثقافي الكبير الذي أرسى دعائمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
وسيطل المهرجان هذا العام ببرنامج ثري بالأفلام النوعية والفعاليات المبتكرة الرامية إلى منح الجمهور تجربة ثقافية استثنائية، حيث سيشهد عرض 98 فيلماً تمثل 18 دولة، تم اختيارها من بين 1834 فيلماً من 73 دولة من بينها زيمبابوي التي تشارك للمرة الأولى في المهرجان الذي كشف عن اختيار فلسطين ضيف شرف نسخته الـ11، ما يوفر لزواره فرصة فريدة للتفاعل مع أفلام السينما الفلسطينية التي تمتاز بتنوعها وعراقتها وجمالياتها الخاصة ومساهماتها في إثراء المخزون السينمائي العربي، إلى جانب استكشاف تاريخها الطويل الذي شهدت خلاله مجموعة كبيرة من التحولات والقفزات النوعية التي مكنتها من إثبات حضورها في مختلف المهرجانات السينمائية العالمية، والمنافسة على جائزة الأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي.
البحث العلمي
وأكدت منى فيصل القرق، المدير التنفيذي لقطاع الثقافة والتراث في هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، أهمية ودور متاحف دبي في تشجيع البحث العلمي في كافة المجالات المتعلقة بالتراث الثقافي، ومساهمتها في إحياء وتوثيق مكوناته وعناصره المختلفة.
وقالت القرق: «تشكل متاحف دبي بما تمتلكه من مقتنيات ووثائق ومعروضات حاضنة للتراث الثقافي، ونافذة إبداعية نطل منها على ثقافة الإمارة الأصيلة وماضيها العريق، ونتعرف من خلالها على موروثنا الفكري وقيم مجتمعنا الإنسانية، ما جعل منها وجهات سياحية مميزة ومنصات تعليمية مبتكرة بفضل ما تقدمه من برامج ومبادرات، تهدف إلى توعية الأجيال بأهمية الموروث المحلي، وتشجع روح الابتكار لديهم وتحفزهم على البحث والتعلم في كافة المجالات التراثية والتاريخية، ما يسهم في حفظ التراث المادي وغير المادي، وهو ما يتناغم مع مسؤوليات الهيئة الثقافية وأولوياتها القطاعية».
وأشارت القرق إلى حرص «دبي للثقافة» على الاستفادة من كافة أدوات الرقمنة الحديثة وتوظيفها في مجالات صون ونشر التراث الثقافي لضمان استدامته. وتابعت: «تعتمد الهيئة في متاحفها أدوات تعليمية متنوعة وتقنيات عرض متطورة تُمكن الزوار من استكشاف تاريخ الإمارة بطرق تفاعلية مبتكرة، وتتيح لهم الحصول على تجارب ثقافية استثنائية تثري معارفهم بتنوع دبي الثقافي وموروثها الحضاري».
ونوهت القرق إلى أن الهيئة مؤتمنة على العديد من الأصول الثقافية والتراثية والأثرية، من بينها متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي مفتوح في الإمارات، والذي يأخذ زواره في رحلة استثنائية عبر نحو 22 جناحاً موزعة على أكثر من 80 بيتاً لاستكشاف تاريخ دبي والإمارات وثقافتها، والحياة التقليدية التي كانت سائدة فيها منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى سبعينيات القرن العشرين، ما يجعل المتحف الواقع في حي الشندغة التاريخي وجهة للدارسين والباحثين في كافة المجالات التراثية والثقافية والتاريخية.
130 مؤسسة
وأكد الشيخ سلطان سعود القاسمي، مؤسّس «بارجيل للفنون»، التي تأسست عام 2010، أن المؤسسة ترتكز على الاستثمار في اقتناء وترميم وعرض لوحات الفنانين العرب وطبعاً منهم الإماراتيون ومشاركة إنتاجاتهم الثقافية في مختلف المحافل العالمية، وفي الـ14 سنة الماضية قامت «برجيل» بإعارة أعمال فنية لأكثر من 130 مؤسسة فنية ومتحفاً حول العالم حرصاً على أن يكون الفن الإماراتي دائماً بارزاً عالمياً.
وأضاف: اتخذت «برجيل» من متحف الشارقة للفنون منذ عام 2017 مقراً لها وبدأنا بحوالي 120 لوحة ضمن مشروعاتنا، والتي تتكون الآن من حوالي 2000 عمل فني. وذلك النجاح ينبع من إيماننا بأهمية حراك اقتناء اللوحات الفنية والحرص على ترميمها ومشاركتها كقوة ناعمة، والتي من خلالها بإمكاننا أن نجذب السياح ونقوم بتثقيف المجتمع المحلي والزائر أيضاً عن الثقافة العربية والإماراتية.
وطبعاً اقتناء الأعمال النادرة والقيمة له مردود مالي من خلال ارتفاع أسعار اللوحات، خاصة حينما تكون لوحات ممتازة ومن إنتاج فنانين عالميين مشهورين، وعليه نحن نرى أن المستقبل دائماً أكثر إشراقاً في الإمارات عبر خططها الاستراتيجية ومبادرتها النوعية في المحتوي والأثر المعرفي في مجال الفنون وصناعتها النامية في المنطقة.
حدث عالمي
وقالت أحلام بلوكي، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب والمديرة الإدارية لدار «ELF» للنشر: أن الصناعات الإبداعية هي القوة الدافعة وراء المهرجان، حيث شهدت مؤسسة طيران الإمارات بشكل مباشر تطور المشهد الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة وازدهاره من خلال تبادل الأفكار ووجهات النظر بين الثقافات المتنوعة. يمثل المهرجان، كونه الحدث الأدبي السنوي العالمي الأهم، حجر الأساس في دعم وإثراء المشهد الثقافي الإماراتي، حيث يجمع الكتّاب والمبدعين وقادة الفكر من جميع أنحاء العالم.
وأضافت: يلعب المهرجان دوراً محورياً في إلهام جيل جديد من المبدعين وترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز ثقافي وبيئة حاضنة للإبداع والابتكار والاستثمار في مستقبل الأدب هو مهمتنا من خلال تزويد الطلاب بمنصة لعرض مواهبهم وتطوير مهاراتهم والحصول على الإرشاد والتوجيه من الخبراء والمختصين، فإننا نبني جيلاً جديداً من الأصوات الأدبية. نؤمن أنه من خلال رعاية الكتّاب الشباب اليوم فإننا نستثمر في المشهد الثقافي للغد.
يُتيح المهرجان للمواهب الإماراتية فرصة فريدة لعرض إبداعاتهم لجمهور عالمي، كما يسهم بشكل فعّال في تعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات، وتعزيز التسامح، والاحتفال بقوة الأدب في بناء الروابط والجسور بين الثقافات المختلفة.
متحف اللوفر أبوظبي
وأوضح مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي، أن المتحف قد أعاد ابتكار نموذج المتحف العالمي للعالم العربي من خلال ربط 10,000 عام من تاريخ الفن بالممارسات المعاصرة. واستطرد: «متحفنا هو مؤسسة عالمية متجذرة بقوة في أرضها، تحكي القصة العالمية للإنسانية من خلال الفن.
من خلال تنسيق الأعمال الفنية والمقتنيات المتنوعة في حوار، نمنح صوتاً لجميع التقنيات، ونضع كل قطعة على قدم المساواة، ونبرز البعد الإقليمي. يتيح لنا هذا النهج استكشاف الروابط المشتركة بين البشر من خلال عدسة فريدة، مما يحدد موضوعنا العالمي.
كبوابة للمعرفة والفضول والإبداع، وكأول متحف يفتح أبوابه في منطقة السعديات الثقافية، نحن ملتزمون بوضع معايير جديدة في التفاعل الثقافي وأن نكون مصدراً نابضاً بالقصص التي تلهم الاستكشاف والمشاركة والاكتشاف، سواء الآن أو للأجيال القادمة».
وتابع: إن دعوتنا للمجتمع الفني في المنطقة وخارجها للمشاركة في معارضنا ومبادراتنا مثل جائزة ريتشارد ميل للفن ومعرض «الفن هنا» تعمق هذا الالتزام، ومن خلال أنشطة تشمل ورش عمل، وندوات، ودروساً احترافية، والعروض، نقدم دائماً فرصاً قيمة للفنانين لعرض أعمالهم والمشاركة في برامجنا التي تؤكد التزامنا برعاية الإبداع وتعزيز حوار ثقافي ديناميكي، مما يعزز دورنا كعوامل محفزة للابتكار في عالم الفن العالمي.
تمويل الأبحاث
وأشار الدكتور بيتر ماجي، مدير متحف زايد الوطني، إلى أنه تم إطلاق صندوق متحف زايد الوطني لتمويل الأبحاث في عام 2023 بميزانية سنوية قدرها مليون درهم، وهو يُعد من أهم فرص التمويل في المنطقة من خلال دعم الأبحاث في مختلف جوانب ثقافة وتراث وتاريخ وآثار دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتابع: لا يكتفي هذا الصندوق بتكريم إرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بل يسهم أيضاً في تعزيز فهم أعمق لماضي الدولة الغني.
وأوضح أن أهمية البرنامج تكمن في قدرته على جمع الباحثين المعروفين والمبتدئين معاً، وتعزيز جيل جديد من العلماء المتخصصين في تاريخ الإمارات العربية المتحدة.
وأردف: تُقيّم مشاريع البحث المشاركة في البرنامج وفق معايير محددة تشمل منهجية البحث، وخبرات مقدِّم الطلب، والنتائج المتوقعة، وأهميتها، ومدى ارتباطها بأهداف متحف زايد الوطني، وتناولت المشاريع المختارة في الدورة الأولى نطاقاً واسعاً شمل التأثير الاجتماعي والثقافي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والعلاقات التاريخية بين الهند وشبه الجزيرة العربية، ودور المرأة في تجارة شبه الجزيرة العربية، وغيرها.
عناصر الاستثمار
وقالت المؤرخة الفنية الدكتورة نهى هلال فران: يعد نموذج الأعمال المستدام ضرورياً لتطوير المؤسسات الثقافية وضمان تدوير رأس المال لدعم مشاريع إضافية، مما يحقق تأثيراً أوسع ومستداماً. إلى جانب ذلك، يجب على المؤسسات أن تثبت قدرتها على التوسع والوصول إلى جمهور أوسع لضمان استدامة مشاريعها وزيادة تأثيرها الاجتماعي.
يتطلب الاستثمار المؤثر أيضاً إظهار التأثير الاجتماعي بشكل واضح من خلال برامج تدعم التنوع والشمول وتسهم بشكل مباشر في تنمية المجتمع.
ومن الضروري كذلك تطوير مؤشرات لقياس التأثير الاجتماعي والاقتصادي لهذه المشاريع، ما يسهم في تتبع نجاح الأنشطة وتعزيز ثقة المستثمرين واعتماد خطة مالية شاملة توضح تدفقات الإيرادات والنفقات، كما يجب أن يكون للمؤسسات الثقافية هيكل قانوني يدعم استثماراتها ويضمن الشفافية والمصداقية.
وأردفت: أسهم الفنانون والمبدعون الإماراتيون والعرب في رفع مستوى الفن في الدولة، مما عزز من إبراز الإمارات كمركز إبداعي عالمي.
وأكدت فران أن الفن قوة ناعمة تتجاوز المفهوم التجاري لتصبح وسيلة للتأثير على المجتمعات والعلاقات الدولية، فمن خلال الفن يمكن للدول تعزيز قيم التفاهم والسلام والتواصل بين الثقافات، مما يسهم في بناء جسور من الحوار والمشاركة.
وأضافت: وتعد أعمال الفنان الإماراتي حسين شريف، خير مثال على دور الفن الفعّال في طرح القضايا الاجتماعية والفكرية بسياق جمالي، وعند الحديث عن مفهوم النوع الاجتماعي في الفن العربي نجد أن هذا المجال يتطلب استكشافاً متعمقاً للطرق التي يعبر بها الفن عن قضايا مهمة، مما يسهم في نشر الوعي وتعزيز المساواة بين الجنسين.