«أبواب» دبي للتصميم.. إبداعات مستدامة تجمع الجذور والحداثة

ديما السروي
ديما السروي
مريم إبراهيم
مريم إبراهيم
علا زناد
علا زناد

من استكشاف الروح المرحة للتصميم إلى التصدي للتحديات البيئية الحرجة، يقدم معرض «أبواب» 2024، في دبي، وجهات نظر جديدة حول القضايا الملحة بتماهٍ مع ثيماته الرئيسية لهذا العام، والتي تسلط الضوء على أثره الثقافي والاقتصادي المستدام على مدى عقد من الزمن ضمن قطاع التصميم في المنطقة، مرسخاً مكانته كأبرز حدث للتصميم والإبداع على مستوى الشرق الأوسط. وحول أهمية منصة «أبواب» وفضاءاتها في عوالم التصميم، قالت ناتاشا كاريلا، مديرة البرامج في أسبوع دبي للتصميم: بالتزامن مع احتفالنا بالنسخة العاشرة من أسبوع دبي للتصميم، نتطلع إلى استقبال كل المصممين من جميع أنحاء العالم لتبادل الأفكار وإظهار التأثير الإيجابي الذي يمكن تعزيزه من خلال التصميم. وفي ظل التحديات العصرية بالميدان، تبرز الممارسات المستدامة وجوانب العمارة المحلية في المنطقة وحتى في الجنوب العالمي كمواضيع رئيسية، مع برامج فكرية تسلط الضوء على الممارسات الإبداعية بجميع أشكالها وكيفيات التصميم التي تحسين مستقبلنا.

البحث العلمي

وأضافت كاريلا: المشاريع الثلاثة للفائزين في نسخة «أبواب» 2024 تعكس القدرات الريادية لمنظومة التصميم المستدامة للعمارة التقليدية الأصيلة في المنطقة والوافدة إليها، وتبرز قوة التصميم في تعزيز المرونة من خلال توفير منصة للأفكار الرائدة، والتطبيقات، وحلول التصميم المبتكرة لألمع المواهب الإبداعية لنماذج جديدة لممارسات التصميم المعاصر العالمية، بجانب عرض أعمال المبدعين أمام جمهور عالمي، حيث يواصل «أبواب» رفع مستوى البحث العلمي وتوثيق التقاليد والعمليات والمواد التي دعمت تطور المعمار والتصميم في المنطقة لقرون طويلة، وكذا ستبقى في المستقبل. وتوضح كاريلا فيما يتعلق بنسخة عام 2024 من «أبواب»، أنه تمت دعوة الممارسين لاقتراح تصاميم تركز على العمارة المحلية وكيفيات إبداع أساليب معمارية تركز على المجتمع، وتتجذر في استخدام المواد والتقنيات المحلية، لتتقاطع مع البيئات الجديدة، التي ستشهد هذا العام اختيار مقترحات متعددة لتقديمها خلال أسبوع دبي للتصميم.

وفي سياق المشروعات الثلاثة الفائزة ضمن «أبواب» 2024، يستكشف مشروع «عودة إلى الجذور» وفريق العمل المكون من: الأردنية ديما السروي والفرنسي أندي كارتير والفنلندية روزا هيمالاينين واللبنانية من أصول فلسطينية داليا حماتي، حلول الإسكان الطارئة من خلال عدسة بيئية. وذلك باستخدام بقايا النخيل والميكوريزا، وهي مادة مستخرجة من الفطريات، حيث قام الفريق بتطوير نموذج أولي لمجموعة بناء ذاتي التجميع يمكن المجتمعات من بناء منازلها بشكل مستدام. ويعيد التصميم إحياء فكرة البناء المرتكز على المجتمع، مع التركيز على الاستعادة البيئية والتكيف الثقافي.

وأشارت ديما السروي، إلى أن أهمية المشروع تعود إلى قيمة العمل وانعكاساته البيئية وطابعه العملي كونه أحد أهم حلول البناء والعمارة، ويجسد ويترجم توجهات «أبواب» 2024.

وتؤكد ديما أنه في ظل الوضع الذي يعيشه النازحون في عالمنا، ومع وجود مخزون ضخم من مخلفات الهدم الملوثة والتدهور البيئي الحاصل، وأيضاً التأثير الطويل الأمد على التنوع البيولوجي والزراعة، نبعت الحاجة الدافعة إلى إيجاد حل فريد من نوعه يتماشى والضرورات الملحة لتوفير مأوى آمن مناسب للنازحين بالإضافة إلى حل، متوسط إلى طويل الأمد، لمعالجة التربة واستعادة التنوع البيولوجي. وهي تبين أن توظيف المايسيلوم، وهو جذر الفطر، يساهم في تماسك التربة. وتستطرد ديما: إنه ينشئ شبكة مترابطة تعد بمثابة الغراء المستخدم لإنتاج «الميسيليوم» وهو غزل فطري ينمو على المخلفات الزراعية، وعندما يتم الحصول على هذه المواد من البيئة المحلية، فهي بذا تكون متجذرة في الأرض، ومن هنا جاء اسم المشروع: عودة إلى الجذور. وتابعت: نحن نعيد النظر في مصطلح «العمارة المحلية» من خلال عدسة بيئية. وتم تطوير مشروعنا حول مفهوم محلي بيئي لربط المجتمع بمكانة وأهمية الأرض .. من خلال استخدام المايسيلوم. إن إنتاج المايسيلوم محلياً باستخدام مخلفات النخيل المعاد تدويرها من خلال عمليات التكنولوجيا الحيوية، تعبير عن نظرتنا لإنتاج مستدام بيئياً ومتجدد ومتجذر في الثقافة والتقاليد. وأعتقد أن أسبوع دبي للتصميم هو منصة رائعة لعرض مجموعة من الأفكار والتصاميم المبتكرة.

وقالت علا زناد، إن مشروعها «المضيف الغائب» يدمج المواد التقليدية، وتحديداً القصب من أراضي الأهوار، مع مبادئ التصميم المعاصر.إذ يبرز الأهمية الثقافية وهوية المجتمع. وأردفت: ويمكن تطويره بشكل مستدام من خلال ممارسات صديقة للبيئة مثل الحصول على المواد محلياً لتقليل الأثر البيئي والحفاظ على الطرق التقليدية، من خلال التعاون مع الحرفيين المحليين، مما يثري المشهد المعماري ويعزز الانتماء المجتمعي. وشملت النقاط البحثية الرئيسية في المشروع، دراسة القصب كمادة مستدامة ومعرفة خصائصها، والمهارة الحرفية القديمة لأهل الأهوار. كما بحثت ضمنه في كيفية تأثير أنماط العمارة التقليدية وسمات مرونتها البيئية على التصميم الحديث والواعي بيئياً، وعبر دمج هذه الركائز، سعيت إلى إنشاء مشروع يكرم التراث الثقافي ويعالج تحديات الاستدامة الحديثة.

وقالت المصممة الإثيوبية مريم إبراهيم الحائزة على ترشيح أسبوع دبي للتصميم للعرض الثالث ضمن مشروعات أبواب 2024، عن «الحجر المرجاني» : إن العمل يجسد هياكل مصنوعة من الحجر المرجاني المرتبط بملاط الجير، الرمل أو الطين، والتي عاينتها في إمارة الشارقة، واستحضرت معها ذكريات زيارتي لمدينة مصوع الإريترية في عام 2018، حيث تعلمت أن هياكل الحجر المرجاني ليست فريدة تماماً، بل شائعة إلى حد ما على سواحل شرق أفريقيا والخليج، حيث تم هذه استخدام المادة المركبة في مناطق تنقص فيها مواد البناء. وتابعت مريم: إن ما يثير الحماس في أسبوع دبي للتصميم هو كونه يسلط الضوء على الممارسين من خلفيات وسياقات ابتكار وتصميم وإبداع غالباً مهمة ومغفلة.