أسبوع دبي للتصميم ينبض بالتنوع البيئي والاستدامة

يثري أسبوع دبي للتصميم، عبر نسخته العاشرة، والتي تقام في الفترة من 5 إلى 10 نوفمبر 2024، سياقات ومضامين استراتيجيات الصناعات الإبداعية في دبي، ودولة الإمارات العالم أجمع، محفزاً المواهب في الحقل، إذ يشتمل أعمالاً نوعية، ترتكز في مساراتها المعاصرة على طرح القضايا الأكثر إلحاحاً على الصعيد الدولي، ويأتي في مقدمها التنوع البيئي والاستدامة، وانطلاقاً من هذه الركائز والمسارات الأساسية، الاستثنائية، يستكشف في روائعه كافة، ومن بينها ملامح 40 عملاً خاصة بملامحها، التركيبات والتصاميم الضخمة والتقنيات القديمة والابتكارات الحديثة للقضايا ذات الشأن وخصائصها المادية، وذلك على يد معماريين دوليين، ومصممين، واستوديوهات إبداعية شهيرة، إذ تكرس هذه الإبداعات قيم الجمال والتنوع وصون البيئة.

ممارسات

وفى السياق، تعتبر التركيبات الكبيرة أحد السمات الرئيسة لأسبوع دبي للتصميم، والتي طالما أثارت إعجاب الزائرين والجمهور، والتي يتم عرضها في الأماكن العامة بحي دبي للتصميم، وخلال النسخة العاشرة، تستكشف تلكم الأعمال الـ 40، كيفيات التقارب بين التصميم والعلوم والتكنولوجيا، لاستعادة مواد من تراثنا، فضلاً عن إعادة تصور أشكال جديدة، تعزز من ممارسات التصميم المسؤولة، على مر السنين، كما أنها تسهم بشكل أو بآخر في استحداث وسائل جديدة للبناء والإنتاج باستخدام مواد عضوية ومعاد تدويرها، بما في ذلك أوراق النخيل، وكتل الملح والفطر، إلى جانب رقائق الخشب المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، والفخار، بالإضافة إلى شمع الصويا، وبدائل الأسمنت المستدامة.

ويبرز من بين هذه الأعمال «إنفولد»: «Enfold»، والذي سيعرض في الأسبوع، وكما يؤكد في حديثه لـ " البيان"، روس لوفغروف، المصمم والمهندس المعماري، مؤسس شركة DEOND، بالشراكة مع المصممة، أنه يجسد التمازج الكامل للطبيعة والتكنولوجيا، عبر مفهوم تقليد الطبيعة في تصميمها، حيث يتميز بجوانب خارجية، تشير إلى بذور الطبيعة الخشنة والشائكة، بينما تحتوي في داخلها على جوهر مهدئ ومتجدد.

ويتابع: إن هندسة العمل الدائرية العامة وتدفقه، يخلق إحساساً مستمراً بالاحتواء، ما يرمز إلى الاحتضان الشامل، الذي يوحد الجسد والعقل والتكنولوجيا. ويسمح السقف المثقوب، المتنوع في الكثافة والحجم، بدخول الضوء الطبيعي الناعم إلى الفضاء، متغيراً في شدته، مع مسار الشمس.

« إيوان»

ويستمد العمل التركيبي المطوي «جناح إيوان»، والذي يأتي تحت إشراف مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، إلهامه التصميمي من الإيوان الإسلامي، وهو من تصميم كل من: عبد القادر السويدان، نواف الغامدي، حياة الموسى، ولما درداس. وتم بناء هذا الهيكل المبتكر بالكامل من صفائح الألمنيوم، حيث يجمع بين عناصر التصميم الإسلامي التقليدي، والنهج المعاصر.

خشب وتجريد

وتطرح مؤسسة «ميتسوبيشي جيسو»، والتي تعد أقدم شركة تصميم معمارية في اليابان، إذ تأسست في عام 1890، عملاً تركيباً تحت عنوان «وورب»:«Warp»، وهو إنتاج مستحدث، قائم على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد المعتمدة على فتات الخشب، ويحتفي العمل بطريقة ما بإمكانات وأهمية تقنية التجميع الخشبي التقليدي بلا غراء، فبعد خمس سنوات من البحث حول تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، من قبل كاي أتسومي وفريق المشروع، ضمن منظومة العمارة الشائعة والتصميم التجديدي، يُبرز الـ Warp عملية نهائية للبناء والتجميع تلك، حيث سيتم تجميع مئات القطع الفريدة المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، والمقوسة والمزدوجة الشكل، بسهولة وبدقة عالية، بفضل نظام الوصلات المبتكر.

وسيتم استخدام خيوط PLA المعتمدة على فتات الخشب في كامل الهيكل المصمم، ما يعزز مشروع الخشب التجديدي، ويرسخ استخدام المواد المستدامة، ويعيد تدوير الخشب المهمل، ويقلل من نفايات البناء. وأوضح كاي أتسومي، قيمة وجودة هذه التقنية، وتأثيرها في نمط الحياة في المستقبل القريب.

مواد عضوية

وعبر تعاونها مع استوديو MASKA، تقدم الفنانة الإماراتية مريم عباس، العمل التركيبي In Bloom Again، والذي يجسد التجديد والنمو، ويستخدم التصميم قماشاً شفافاً دائرياً، يرمز إلى التحول، حيث تمزج بين المواد العضوية والفن.

ويدعو العمل الجمهور للتفاعل معه بوجه خلاق، ما يضيف بُعداً شخصياً لمواضيع الأمل والتجديد من وحي خبرة الفنانة صاحبة العمل، فبوصفها مصممة تعتمد على الفنون البصرية، تستلهم مضامين عملها من العمارة وعلم النبات والثقافات الغنية المحيطة بها، وتجسد أعمالها شغفها بالأكريليك وفن الرسم بالقلم والحبر، ما يعكس نهجها الإبداعي العميق.

إبداع

و تُعتبر منحوتات الزهور العملاقة للفنانة الهولندية ليندا نييستاد، التي تُعد علامة المدخل في فعاليات داون تاون ديزاين 2024، مثالاً على الإبداع الفريد باستخدام مواد يومية معاد تدويرها، مثل أقمشة الشاحنات، أو البطانيات الصوفية القديمة. ويعكس العمل المتميز «صلة»، العلاقة العميقة بين التصميم الفريد واللغة العربية، وهو عمل تركيب مبتكر لكل من مريم بن بشر ونهيلة الحميري وسلمى هاني.

وهن طالبات بالسنة الخامسة في تخصص الهندسة المعمارية. وتعليقاً على فكرة المشروع، أكدت مريم أنه، ومع تقدمنا في العمر، ندرك كيف تشكل اللغة قدرتنا على التعبير عن أنفسنا، مؤثرة في تقاليدنا. وتردف: إن تجربة كل شخص مع التعبير باللغة العربية فريدة، ولكننا معاً نسهم في تشكيل لوحة ثقافية مشتركة. وفي التركيب، يتم تمثيل كلمة «تعبير» بصرياً، من خلال ألواح خشبية معاد تدويرها، كل منها متصلة بعصا فولاذية.

وترمز هذه الألواح إلى الفردية، حيث تقف وحدها، ولكنها جزء من كيان أكبر، يرتبط بقاعدة خشبية هندسية. وتعمل هذه القاعدة كإطار هيكلي، موضحة كيف تتجمع التعبيرات الفردية، المتجذرة في اللغة العربية، لتشكل كلاً موحداً. ويعد معرض «تشكيل الصوف»، احتفاء من نوع آخر بالمكانة والشهرة العالمية التي نالتها حرفة «السدو»، ويطرح ذلك «بيت الحرفيين»، مبيناً أهمية التقنية التقليدية لغزل الصوف ونسيج السدو.

كما يعتبر «إن-سي-آب»، عملاً تركيبياً مكانياً، يعيد تخيل فن البناء باستخدام شمع الصويا، وهو بديل متجدد، وقابل للتحلل البيولوجي للمواد التقليدية ذات الانبعاثات الكربونية العالية، تم إنجازه بواسطة: تانيا أورسومارزو، سارة المحمود، ومريم القاسم. وأكد فريق العمل أنه يستكشف استخدام شمع الصويا في أشكال وحدات جديدة، وقدرات تحمل الحمل، مقدماً نهجاً مستداماً في البناء.