نجح آرت دبي في تعزيز مكانته في دورة العام الحالي 2025، بتعزيز مكانته العالمية، وترسيخ ريادته في رسم خريطة التقدم في مسارات الفنون عالمياً، بموازاة تحفيزه الفنانين واحتضان مختلف التجارب، والتي برزت من بينها في هذه الدورة أعمال الفنان السعودي عبد الله العثمان، حيث قدم مجموعة أعمال مسكونة بذاكرة المكان، وقصص تطور المجتمع، ضمن صالة آيرس بروجيكتس، المعنية بالفن المعاصر في المعرض، وتمثلت أعماله بلوحات وتركيبات فنية جديدة، إذ عرضت بإشراف القيّمة ميريام فارادينيس.
ومن بين سلاسل الأعمال التي قدمها العثمان «بيان: اللغة والمدينة» (2025)، الذي يعد سلسلة من الأعمال متعددة الوسائط، تم تصورها لأول مرة في بينالي الدرعية (2011)، وعُرضت لاحقاً في بينالي ليون السادس عشر (2022). وتواصل هذه النسخة الأحدث من المشروع، التي عرضت في آرت دبي، توثيق تطور اللغة والعمارة في مدينة الرياض – كمداخلة فنية حول سيولة اللغة والمعمار والذاكرة الجمعية في فترات التحول. وتمثل أعمال المعرض خلاصات تجربة الفنان، والتي اشتغل عليها على مدى ما يقارب العقد من الزمن، حيث طوّر عبد الله العثمان لغة بصرية فريدة متجذّرة في المشهد الحضري والمعماري واللغوي في الجزيرة العربية. وأرّخت تركيباته النحتية الضخمة للكثير من القصص والأحداث المجتمعية، وأعادت تأويل الرموز والسرديات المتغيرة، التي تُشكّل بيئته.
«التركيب الهيكلي»
وفي سياق متصل، وضمن نشاط ومعارض الفنان في الإمارات، عرض العثمان أعماله في معرض متخصص بعنوان «التركيب الهيكلي»، المعرض الفردي الأول للعُثمان في الإمارات، وهو بتقييم إيرينا ستارك، إذ يُعد تأملاً في الحنين العابر والتاريخ الجمعي الآخذ في التلاشي. ويروي العلاقة بين البنية المعمارية واللغة في أعماله، تُشبه تسليط ضوء فوق بنفسجي على هيكل مبنى، حيث تتفكك الأشكال التقليدية، لتكشف عن سرديات ثقافية جديدة، وأنساق مبتكرة للمعنى. وقد افتتح المعرض في 18 الجاري في صالة آيرس بروجيكتس، M_39، ميزا، أبوظبي. ومن المقرر إصدار كتاب عبد الله العثمان القادم بعنوان «اللغة والمدينة»، الذي يُوثّق خمسة أعوام من بحثه الفني، في أبريل 2025.
وقال العثمان: «لطالما كانت الهوية المعمارية واللغوية مصدر إلهام وشغف خاص بالنسبة لي، فهي ليست مجرد انعكاس للمكان، بل صورة حيّة لتاريخ الناس وتفاعلاتهم وأحلامهم وذكرياتهم وهواجسهم».
ومن جهتها، قالت مريم الفلاسي مؤسسة آيرس بروجيكتس: «يسعدنا أن نشارك لأول مرة في آرت دبي، من خلال تركيب فني مخصص للموقع، للفنان السعودي المعروف عبد الله العثمان. يتميّز العثمان بمقاربته المفاهيمية الدقيقة، حيث يبحث في مواقع لوحات الإعلانات في الرياض، ثم يُعيد تشكيلها لصياغة هوية المدينة المستخلصة من طابعها الطباعي والبصري والمعماري. وبصفتنا أول صالة عرض تجارية تُفتتح في حي ميزا بأبوظبي، سعدنا بأن نقدّم هذا العمل المُثير للتفكير للجمهور في الحدث في دبي، قبيل افتتاح المعرض الفردي الأول لعبد الله في صالتنا».
وقالت إيرينا ستارك، القيّمة الفنية لمعرض «التركيب الهيكلي»: «تعكس أعمال العثمان اهتمامه الأوسع بالعلاقة بين اللغة والشكل، حيث يستكشف كيف يمكن للعناصر البصرية أن تتحوّل إلى وسائط للتواصل، تتجاوز حدود الكلمات المنطوقة أو المكتوبة. وفي هذا المعرض، وهو مثل دعوة للجمهور إلى تفكيك لغة البنية، مشجعاً إياهم على التفاعل مع كل عمل، باعتباره تجربة فكرية وعاطفية في آنٍ».