صناعة منتجات خوص النخيل.. إرث تقليدي يروي تاريخ الإمارات

مريم راشد الزعابي
تُعتبر حرفة صناعة الخوص من أقدم الحرف اليدوية التقليدية التي عرفتها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعكس هذه الحرفة التراث العريق لأهل الخليج، وتُظهر ارتباط الإنسان الإماراتي ببيئته الطبيعية. وتعتمد هذه الحرفة على استخدام سعف النخيل الذي يتوافر بكثرة في البيئة الإماراتية، وهو المادة الخام الأساسية لصنع مجموعة متنوعة من المنتجات التي كانت جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للأسر الإماراتية.

أهمية
قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة وتطور الصناعة، كانت حرفة صناعة الخوص تُعتبر من الحرف الضرورية لتلبية احتياجات الناس اليومية، فقد كان النساء والرجال يبدعون في نسج الخوص لصنع أدوات وأغراض منزلية تلبي احتياجاتهم من تخزين وحفظ الطعام إلى بناء الهياكل البسيطة.

وتُستخدم أوراق النخيل أو «الخوص» بشكل أساسي في هذه الحرفة، حيث يتم تنظيفها وتجفيفها ثم تقسيمها إلى أشرطة رقيقة ومرنة يسهل تشكيلها، وهذه الأشرطة تتميز بمتانتها وقوتها، ما يجعلها مناسبة لصنع العديد من المنتجات المختلفة، يتم أحياناً استخدام مواد طبيعية أخرى لتزيين المنتجات أو لتحسين جودتها، مثل الحبال المصنوعة من الألياف النباتية.

ومن أهم الأدوات المستخدمة في حرفة الخوص: المقص: لقص الخوص وتحضيره للأشكال المطلوبة، والإبرة الكبيرة: تُستخدم لنسج وربط الخوص مع بعضه البعض، والحبال الطبيعية: تُستخدم في بعض الأحيان لتعزيز قوة الهيكل الخارجي للمنتجات.

منتجات
وكانت صناعة الخوص قديماً جزءاً أساسياً من الاقتصاد المحلي، حيث استخدم الأهالي المنتجات المصنوعة منها في حياتهم اليومية، ومن أشهر هذه المنتجات: المهفة: وهي مروحة يدوية تُستخدم للتبريد. القفة: وهي سلة لحمل الأغراض والمواد الغذائية. الحصير: يُستخدم كفرش أرضي أو غطاء للأسطح لحمايتها من الشمس. السفرة: وهي قطعة دائرية تُستخدم لوضع الأطعمة عليها.
تعليم الأجيال
مع تطور الزمن ودخول الأدوات الحديثة إلى المجتمع قلت الحاجة للمنتجات اليدوية المصنوعة من الخوص، إلا أن الحرفة لا تزال موجودة كجزء من التراث الإماراتي، وتُعتبر اليوم رمزاً للحفاظ على الهوية الثقافية للإمارات، تُقام ورش عمل ومعارض لتعليم الأجيال الجديدة هذه الحرفة وتعريفهم بتاريخها وأهميتها في التراث الإماراتي.

وتظل حرفة صناعة الخوص رمزاً للصبر والإبداع اليدوي، كما أنها تُظهر لنا كيف استغل الإنسان الإماراتي موارده الطبيعية بذكاء لخلق حياة مستقرة ومريحة اليوم، وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي إلا أن هذه الحرفة تظل جزءاً حيوياً من التراث الإماراتي الثقافي لدولة الإمارات، وتستمر في إلهام الأجيال بجمالها.