«فلج».. تصميم يحاكي الطبيعة المحلية وحكايات الأجداد

الجود لوتاه
الجود لوتاه

واحة خضراء مليئة بالنباتات المحلية التي تضفي على المكان المزيد من الحياة، أرائك اتخذت شكلاً انسيابياً جميلاً تتوسطها طاولات يضيء الزجاج الموضوع عليها كأن ضوءاً ما عكس على الماء، وسط معرض دبي للتصميم، يمكن الدخول إلى عالم الحياة الأولى والبحث عن الماء الذي هو مصدر الحياة.

مشروع «فلج» لصاحبته المصممة الإماراتية الجود لوتاه أكدت لـ«البيان» أنها استوحت الفكرة بأكملها من مشروع الأفلاج التي بدأها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لتطوير أنظمة الري في الدولة، وإيجاد قنوات لتوزيع المياه بين المزارع والبيوت بشكل أسهل من نقل المياه يدوياً، فكانت الأفلاج التي تعد شرايين الحياة بين المساكن والمزارع، تترقرق فيها المياه إعلاناً بوجود الحياة.

وأعربت لوتاه عن فخرها بتلك الأفلاج التي استوحت منها تصميمها الجديد، مشيرة إلى أن تلك الافلاج كان لها تاريخ طويل وممتد يحوي العديد من القصص التي يمكن أن تحكى.

وذكرت أن التصميم الذي يتضمن أريكتين وطاولات تتوشح بلون واحات الإمارات ومياهها الصافية العذبة، تم تصميمها بشكل يوحي بانحناءات مسار الأفلاج وتفرقها ومن ثم التقائها من جديد. وأضافت: «عملت على هذه المجموعة احتفاء بإكمالنا عشر سنوات في الاستوديو الخاص بي وأيضاً للاحتفاء بالسنوات العشر لأسبوع دبي للتصميم، رغبت بعرض تصميم جديد تكون له علاقة بالبيئة الإماراتية وهو ما أفعله في غالب التصاميم والمشاريع التي أنتجها، وأخذت أدرس تفاصيل الأفلاج وتاريخها وأشكالها ومكوناتها، وكيف عمل عليها المغفور له الشيخ زايد، وطورها حيث بدأت في العين ثم انتقلت إلى معظم الإمارات».

وقالت لوتاه: «هذا التصميم يوثق كيف ساعدت هذه الأفلاج في بناء المجتمعات وتقدمها، والناس الذين طوروها في تلك المناطق ليستفيدوا منها في الزراعة والحياة اليومية، وباتت لديهم وفرة في المياه وتطورت الحياة بعدها كنتيجة لتلك الأفلاج التي دبت الحياة في كل مكان حطت فيه، حيث عملت على نقل التفاصيل الخاصة بالفلج كالمنحنيات، والألوان والملمس الناعم للمواد المستخدمة التي تعطي انطباع انسيابية الماء مع إضافة صخور عند الأطراف هي في الواقع تبدو مصممة على شكل صخور لكنها من مواد معاد تدويرها تعطي شكل الصخور التي كانوا يستخدمونها لإعادة توجيه المياه، وتغيير مجرى الفلج ومساره».

وأشارت إلى أن الفكرة كانت في بالها منذ 2020 وعملت على تطويرها في 2021 إلا أنها لم تكن مقتنعة تماماً بالنتيجة التي وصلت إليها، مبينة أن المصمم أحياناً يبدأ بعمل شيء ولكنه مع مرور الوقت لا يجد نفسه راضياً عن النتيجة، وعندما اقترب موعد أسبوع دبي للتصميم والذكرى العاشرة للاستوديو الخاص بها، عادت للفكرة من جديد، وبتشجيع من فريق العمل بدأت العمل عليها مرة أخرى بشكل مكثف، لتكون النتيجة الرائعة بعد شهر واحد من التنفيذ وهي فترة قياسية برأيها وكانت بمثابة تحدٍ تمكنت من خلاله من تحقيق ما سعت إليه.

وحول المواد المستخدمة أوضحت لوتاه أنها استخدمت القماش معاد التدوير رغبة منها في استخدام مواد تدعم الاستدامة التي تهدف لها الدولة في مختلف نواحي الحياة، واختارت الرخام الأخضر الذي يشبه لون المياه العذبة المتدفقة لعمل الطاولات، تعلوها طبقة زجاجية تشبه الماء الرقراق إلى حد كبير، قائلة: «حاولت بكل ما استطعت أن تكون كافة المواد المستخدمة تعطي انطباعاً بالراحة والاسترخاء يشبهان إلى حد كبير الجلوس بالقرب من خرير المياه في الأفلاج».

وذكرت أن ردود الأفعال الإيجابية والجميلة من زوار المعرض الذين يتوافدون بشكل يومي سواء لمعرفة القصة وراء المجموعة أو لطلبها، تجعلنا نشعر أننا بالفعل في نعمة كبيرة هي أننا نستطيع مشاركة أفكارنا مع الناس بشكل مباشر، ويمكنهم أن يأتوا لتجربة الجلوس والتعرف عن قرب على هذه المجموعة، وهذا أمر مختلف تماماً عن مشاهدتهم لها عبر الشاشات أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فمهما قدمنا لهم تفاصيل الفكرة لمعرفتها عن بعد، فالتجربة تبقى هي المقياس الحقيقي لمعرفة الشيء وهذا ما يتيحه لنا المعرض.