متجاوزة حدود الزمان والمكان، تتداخل الموسيقى الشعبية وألحانها الشعرية مع إيقاع قيم الهوية والتقاليد؛ فهي ليست مجرد أصوات تُعزف، بل لغة ثقافية عالمية التأثير في مخزون الفخر والانتماء، عبر تاريخ حضاري وتكوينات اجتماعية إنسانية، يطغى عليها الحضور والتوثيق لنمطها المعرفي الأصيل والشغوف بالإرث والأجداد.
عن أهم الخصائص، التي تميز الموسيقى الشعبية الإماراتية، يقول الباحث في التراص وصناعة المحتوى الإماراتي عبدالله الكعبي، إن الموسيقى الشعبية الإماراتية تتميز بتنوعها الإيقاعي واستخدامها للأغاني الشعرية الجماعية. ويعتمد هذا النمط على الإيقاعات السريعة والبطء، مع استخدام الألحان البسيطة. وتُستخدم في الأغاني موضوعات تتعلق بالحب، والحياة اليومية، والبحر، والصحراء. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الموسيقى الإماراتية عناصر من التراث البدوي والتقليدي.
موروث القيم
ويشير الكعبي إلى أن الأغاني الشعبية ومنظومتها الشعرية كانت دوماً تجسد انعكاساً حقيقياً لمدلولات القيم الاجتماعية مثل الكرم، والمروءة، والضيافة. وتُستخدم الأغاني في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والمهرجانات، ما يعزز الروابط بين الأفراد، ويحفز على الحفاظ على التقاليد. كما تتناول موضوعات تاريخية وثقافية تعكس الحياة اليومية والموروث الشعبي. وتعتبر العلاقة بين الشعر والموسيقى في الإمارات وثيقة، حيث يُستخدم الشعر كعنصر أساسي في الأغاني. ويُعبر الشعر عن المشاعر والأحاسيس، ويُعزز من جمال الموسيقى بتنوع الأوزان والقوافي. ويُعتبر الشعر النبطي جزءاً مهماً من التراث، حيث يُغنى في المناسبات المختلفة ويُبرز الفخر والهوية الثقافية.
إيقاع محلي
وبما يتعلق بأبرز الآلات الموسيقية المستخدمة في التراث الإماراتي، يقول الكعبي: تشمل الآلات الموسيقية المستخدمة في التراث الإماراتي الربابة والعود. وتلعب هذه الآلات دوراً مهماً في الأداء الموسيقي، حيث تعزز من الإيقاع وتوفر الخلفية الموسيقية للأغاني. ويُستخدم العود بشكل خاص في الأغاني الحزينة، بينما تُستخدم الربابة في العروض الشعبية. ومن جانب آخر، فقد تأثرت الموسيقى الإماراتية بالعوامل التاريخية مثل التجارة البحرية والاتصال مع الثقافات الأخرى، ما أسهم في إدخال أنماط موسيقية جديدة. اجتماعياً، يعكس التغير في المجتمع الإماراتي تأثيراً على الموسيقى، حيث بدأت تتباين الأنماط الموسيقية بين الحضر والبدو وكذلك في شكل وبناء القصيدة الشعبية باللهجة المحلية.
نمط شعري
ويؤكد الكعبي أن الشعر النبطي والفصيح يعدان من أبرز الفنون الشعرية التقليدية في الإمارات، حيث يتميز الشعر النبطي بأسلوبه البسيط والمباشر، وغالباً ما يتناول المواضيع الاجتماعية، بينما يُستخدم الشعر الفصيح في المناسبات الرسمية. ويختلف الأسلوب في الاستخدام والتعبير، حيث يعكس كل نوع سياقه الثقافي. وتتمثل الفنون الشعبية الأصيلة في الأهلة والرزفة (الحربية)، والنهمة البحرية، والجلسة الشعبية، ومن فنون الأداء الفردية: المنكوس، التغرودة، الونّة، الردح، والشلة. وهناك جهود بحثية ومؤسسية لتوثيق التراث الموسيقي والشعري من خلال الأبحاث الأكاديمية، والمهرجانات الثقافية، والتسجيلات الصوتية. وهذا ضروري لتعزيز الوعي بأهمية هذا التراث والحفاظ عليه للأجيال القادمة.