شهدت الندوة التطبيقية للعرض المسرحي «صرخة أمل» خلال فعاليات اليوم الثاني من مهرجان دبي لمسرح الشباب، نقاشاً تفاعلياً من قبل النقاد والجمهور فاق مشهدية العرض نفسه، الذي يعد العمل المسرحي الأول لجمعية أبوظبي للفنون الشعبية، التي ضمت الفنون الأدائية المسرحية إلى نشاطاتها مؤخراً وتشارك خلال المهرجان بنص من تأليف الكاتب والمخرج الإماراتي عبدالله السعد وتجربة إخراجية أولى للمخرجة أحلام النخلاني، وبمشاركة 10 ممثلين من المواهب المسرحية الناشئة.
الرحيل المفجع
وتدور أحداث المسرحية حول شخصية «أمل»، (قدمتها على المسرح لجين شمس الدين)، التي تواجه صراعاً داخلياً بين الرفض والقبول لتحديات الفراق بعد وفاة زوجها (الممثل جاسم العرشي)، تاركاً خلفه ابنتهما الوحيدة، (قامت بدورها روضة السعد)، التي عانت من مرارة اليتم وهجران والدتها لها، وكأنها ومن دون إدراك منها باتت جزءاً من صعوبات الإقرار بهذا الرحيل المفجع.
وخلال الأحداث تتداخل العديد من القصص لشخوص تعاني صعوبات في تقبل الواقع المرير، وتصور البحث عن طاقة أمل تعيد لحيواتهم توازنها والشعور بالسلام الداخلي، ضمن رحلة التغيير بمساندة المعالجة النفسية (جودي الشطة). وفي حقيقة الأمر ضج النص بسرديات وقصص منفصلة لعذابات النساء وإقصائهن مجتمعياً، ومنح أدوار الحلقة الأقوى في حياتهن للرجل دون مبرر يربط ذلك بالنص الأصلي، كون بعض الشخوص تصطدم في فضاء النص بحواجز الممنوع والأعراف الاجتماعية. ومثال ذلك، قصة الفتاة الغارقة بعوالم خاطئة غير سوية، ولكنها في الوقت ذاته تشعر بالغضب والمرارة إزاء من كانوا سبباً في سقوطها في ذاك المستنقع (قامت بدورها مارجيت جورج).
صراع نفسي
تخلل النص، الذي سار على إيقاع يخلو من التشويق، فواصل سردية على لسان شخوص العمل المنهكة والموسومة بخطوط الوجع والعثرات، التي تتلاعب بالمصير والمستقبل، وسط مونولوج خال من التأثير. وبالتوازي بدا أن أداء الممثلين واجه تحديات في نقل النص إلى مستويات مختلفة من السايكودراما، خلال حواراتهم الطويلة مع المعالجة النفسية، التي تحثهم في حوار طويل على الإفراج عن مستويات الألم بداخلهم والتسامح مع ذواتهم.
ولم تسعف السينوغرافيا في دمج الجمهور مع أحداث العمل، ما أدى إلى الوقوع في فخ التناقضات المتكررة، في سياق محاولة الإفصاح عن الصراع النفسي الإنساني والغضب المشحون، كفكرة ومضمون لم يصل صداهما إلى المتلقي.
وحول فكرة العمل المسرحي «صرخة أمل»، أكد المؤلف المسرحي والمخرج عبدالله السعد، أن النص الدرامي يغوص في أعماق العلاقات الإنسانية وتحدياتها في مواجهة الأحداث المأساوية، التي تعرضت لها الشخصيات، ومحاولتها المستمرة في العثور على الأمل من جديد، خلال جلسة استماع علاجية تكشف عن مشاعر الغضب والحاجة إلى المسامحة، وذلك عبر حوارات مؤثرة مليئة بالتوتر والعاطفة. وخلال العمل نستكشف كيف يمكن للدعم والحب أن يقودا إلى رحلة الشفاء والتقدم نحو المستقبل عبر قوة الصفح وأهمية التعاطف.
ومن جانبها أكدت المخرجة أحلام النخلاني، أن «صرخة أمل» هي رسالة من وجهة نظري، كما هي من وجهة نظر المؤلف، وتتعلق بحالة يعيشها الكثيرون، ممن يستعصي عليهم تخطي حاجز الألم إلى جسر المسامحة وتقدير الذات، وكانت رؤيتي الإخراجية تتمحور حول إبراز تشتت الشخوص من خلال لوحات منفصلة في ظاهرها ومتكاملة في مجملها.
سنة أولى مسرح
ومن جهته، قال سعيد الزعابي، رئيس قسم المسرح في الجمعية: نحن على استعداد للمشاركة في المهرجانات المسرحية سواء داخل الدولة أو خارجها، والانطلاقة كانت مشاركتنا في مهرجان دبي لمسرح الشباب، ونحن فخورون بتجربتنا الأولى وجهود فريق العمل ككل، وهذه التجربة هي نتاج تأسيسنا لفرقة مسرحية في الجمعية. لقد بدأ الأمر من فكرة، وأصبحت اليوم واقعاً، لقد كانت البداية من خلال العديد من الورش المسرحية لمدة عامين لإعداد الممثل بالاستعانة بمدربين أكاديميين لرفد مسرح الجمعية بممثلين يتم تأسيسهم بشكل جيد، ومن ثم ضم أفراد الورش كأعضاء للفرقة المسرحية في الجمعية لخوض غمار هذه التجربة، وليكونوا اللبنة الأولى للفرقة المسرحية لجمعية أبوظبي للفنون.