رمضان في مصر.. أجواء روحانية وتقاليد متوارثة

في شهر رمضان، تتنفس مصر هواءً جديداً. الشوارع تكتسي بالزينة، الشهر الكريم لا يمر مروراً عابراً، وإنما يتحول إلى حياة كاملة، وأجواء روحانية، ويتداخل التراث مع الحداثة، في لوحة إنسانية فريدة.

قبيل أذان المغرب، تتحول الشوارع إلى مسرح، السيارات تتسابق، والمشاة يسرعون، بينما تمد المحال يد العون بتقديم التمر والمياه لمن لم يصل بعد إلى بيته. في المساجد، تمتد موائد الرحمن، حيث يجلس الغني إلى جانب الفقير، في مشهد يبرز قيم التكافل الاجتماعي.

وفي البيوت، تتجمع العائلات حول موائد عامرة بأطباق مصرية تقليدية: المحشي، الفتة، البط، الملوخية، إلى جانب المشروبات الرمضانية مثل الخشاف، التمر الهندي، الكركديه، والسوبيا. ولا تكتمل المائدة من دون الحلويات الشهيرة كالكنافة والقطايف والبسبوسة، والتي تظل رمزاً للبهجة الرمضانية.

ليالي رمضان

بعد الإفطار، تبدأ حياة أخرى، تمتد كراسي المقاهي إلى الأرصفة، وتنطلق الأغاني والتواشيح الدينية من خيام رمضان، بينما تكتظ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح. وفي الأحياء الشعبية، يخرج الأطفال حاملين الفوانيس المضيئة.

بينما تتنافس القنوات التلفزيونية في تقديم المسلسلات والبرامج التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ليالي رمضان. وفي الوقت نفسه، تزدحم الجمعيات الخيرية بنشاط، حيث تُوزع «شنط رمضان» على الأسر المحتاجة، ويحرص الكثيرون على إخراج الصدقات.

في أحياء الحسين والسيدة زينب، تدب الحياة حتى الفجر. المطاعم تقدم وجبات السحور التقليدية من الفول والفلافل والبيض المسلوق، بينما تتنافس الأسر في تحضير الأطعمة.

وفي الشوارع، يظل المسحراتي رمزاً للوحدة بين الجيران، فيخرج الأطفال لاستقبال صوته الذي يوقظ الذكريات الجميلة. فعلى الرغم من تطور التكنولوجيا، يظل المسحراتي جزءاً لا يتجزأ من طقوس رمضان، وخاصة في الأحياء الشعبية التي تحتفظ بتراثها العريق.

وفي الليل، تزدحم الأسواق بالزبائن الذين يهرعون لشراء احتياجاتهم الرمضانية من الياميش والمكسرات والحلويات. الأمهات يبدأن تجهيز الأطعمة، بينما تتنافس محال الحلويات في تقديم الكنافة والقطايف التي لا تكتمل المائدة الرمضانية من دونها.