السجاد اليدوي.. ثروات بالملايين تزين القصور

لا تكتمل أناقة بيت من دون السجاد، ولعل من أهم ما يميز البيوت الراقية والقصور ما يُفرش على أرضياتها من بُسُط تزيد من فخامتها، وفي ثقافات بعض الشعوب تذهب أم العريس إلى بيت العروس؛ ليس لتطمئن إلى ذوق ابنها فقط، فتختبر شعرها مخافة أن يكون مستعاراً، ولا لتختبر قوة أسنانها بإعطائها حبة بندق لتكسرها، كما في الأفلام العربية القديمة، بل لترى ما يفرشونه في البيت من بُسُط، فتعرف مدى ذوق الأهل في اختياراتهم.

وفي الأساطير وحكايات ألف ليلة وليلة نجد "بساط الريح" بفخامته وألوانه البراقة علاوة على سرعته وقد عُرفت حرفة نسج السجاد منذ ما قبل الميلاد، لاسيما في العراق وبلاد فارس؛ حتى إن أغلى قطع السجاد في العالم خرجت من هناك، وهي منسوجة يدوياً؛ حيث لم تكن الآلات قد عُرفت بعد، وبقيت مثالاً للفخامة والإبداع والإتقان، وللمتانة التي تتحدى الزمن، ويتجاوز ثمن بعضها 33 مليون دولار.

ويقول الباحثون إن حرفة نسج السجاد نشأت في بلاد الرافدين وبقيت رمزاً لحضارة بابل (حتى عام 539 ق. م) وعندما غزاها الفُرس بقيادة كورش الكبير انتقلت فنون هذه الصناعة إلى بلاد فارس القديمة، وقيل إن كورش أوصى بدفنه في قبر مغطى بالسجاد باهظ الثمن.

وقد نشأت هذه الحرفة في البداية بهدف تغطية أرضيات الخيام في البيئات البدوية أو المنازل في التجمعات السكانية لحماية الناس من البرد، وغالباً ما كانت مادتها الخام تؤخذ من صوف وشعر الأغنام والماعز وحيوانات أخرى.

33 مليون دولار

تحتفظ المتاحف العالمية بقطع من السجاد لا تقدر بثمن؛ ليس لجمالها وفخامتها ومتانتها فحسب، بل لقيمتها التاريخية، ولعل أقدمها على الإطلاق "سجادة بازيريك" الموجودة بمتحف أرميتاج بمدينة سان بطرسبرغ الروسية، ويعود تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بينما تتصدر سجادة كلارك المنجلية (9.8 × 5.6 قدم) قائمة أغلى السجاد في العالم، وقد قدرت قيمتها في مزاد سوذبيز نيويورك في سنة 2013 بنحو 10 ملايين دولار، وكانت ملكاً لرجل الصناعة الأمريكي السيناتور ويليام إيه كلارك المتوفى سنة 1925، لكن أحد الأثرياء لم يشأ الإعلان عن نفسه شارك في المزاد عبر الهاتف، واستمرت المزايدة عشر دقائق، ليدفع فيها 33 مليون دولار.

9.6 ملايين دولار

أما السجادة المعروفة باسم "سجادة مزهرية كيرمان" فقد بيعت عام 2010، بصالة كريستيز بلندن مقابل 9.6 ملايين دولار، وكان مقدراً لها في البداية ثمن أقل من 500 دولار فقط، وتتميز بتصميم "هراتي" الشهير النادر، الذي تبرز فيه الأزهار والأوراق والفروع الملونة على خلفية زرقاء وسطح متموج، وعندما لجأ مالكها إلى دار كريستيز للمزادات تبين أنها تعود إلى القرن السابع عشر، فارتفع ثمنها إلى 150 ألف جنيه إسترليني، لتصل في النهاية إلى 9.6 ملايين دولار.

7.7 ملايين دولار

سجادة "موغال ستار لاتيس" يعود تاريخ صناعتها إلى القرن الثامن عشر على أيدي مغول شمالي الهند، فقد بيعت بسعر 7.7 ملايين دولار، وهي حسب الخبراء من أرقى أنواع السجاد المزخرف، وتعد مثالاً للسجاد المعروف باسم "مي فلور" وتعني بالفرنسية "ألف زهرة" ولا يوجد منها في العالم سوى 12 سجادة فقط، وكان يملكها رجل الأعمال الأمريكي كورنيليوس فاندربيلت الثاني، المتوفى سنة 1899، وعُرضت في منزل العائلة في نيويورك، ثم في نيوبورت رود آيلاند، إلى أن نقلها فاندربيلت إلى ابنته، واستقرت بصالة كريستيز؛ حيث قُدرت في البداية بمبلغ يتراوح بين 2.4 و3.2 ملايين دولار أمريكي، لكنها بيعت في أكتوبر 2013 مقابل 7.7 ملايين دولار، ورفض المشتري الإفصاح عن اسمه.

وقد نُسجت هذه السجادة من صوف الباشمينا بقياس 12.9 × 13.6 قدماً، بخلفية قرمزية تزينها نجوم متشابكة تحيط بمجموعات متناظرة من أزهار الياسمين واللوتس، تتخللها ألوان الأصفر والأبيض والأزرق.

5.5 ملايين دولار

"اللؤلؤ بارودا" اسم سجادة أخرى ضمن قائمة الأغلى في العالم؛ وهي هندية الصنع، وتعود إلى القرن التاسع عشر، وبيعت بسعر 5.5 ملايين دولار، وهي مربعة بقياس 5 أقدام و8 بوصات.

في عام 1865 كلف غيكوار خاند راو - مهراجا بارودا الهندي - أمهر الصناع بصنعها، بهدف وضعها في ضريح النبي محمد صلي الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، فاستخدموا قاعدة من الحرير وجلود الغزلان، مع أكثر من مليون قطعة من لآلئ البصرة، وملايين القطع من الياقوت والزمرد، ونحو 2500 ألماسة مرصعة، إضافة إلى الفضة والذهب، لتتحول من سجادة إلى لوحة فريدة، وفي سنة 2009 عُرضت بمزاد سوذبيز بالدوحة، وبيعت مقابل 5.5 ملايين دولار لمشترٍ مجهول.

4.45 ملايين دولار

سجادة أصفهان الحريرية فارسية، بيعت بسعر 4.45 ملايين دولار، يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، في عهد الشاه عباس الكبير (1588 – 1629م) بأبعاد 7.5 × 5.7 أقدام، وبيعت بصالة كريستيز نيويورك عام 2008 مقابل 4.45 ملايين دولار، بعد أن كان مقدراً لها قيمة تتراوح بين مليون و1.5 مليون دولار فقط.

4.4 ملايين دولار

سجادة لويس الخامس عشر سافونيري فرنسية الصنع وتعود إلى القرن الثامن عشر، بيعت في مزاد نظمته صالة كريستيز بنيويورك عام 2000، بقيمة 4.4 مليون دولار، وهي من إنتاج مصنع "سافونيري "الذي تأسس في القرن السابع عشر، بهدف إنشاء نسخ فرنسية من سجاد الشرق باستخدام التقنيات التركية، رغبة في توفير مصروفات المشتريات الضخمة التي استنزفت ميزانية القصر لاستيراد السجاد من الشرق آنذاك. وقد نسجت هذه السجادة بين عامي 1740 و1750، وتضم صوراً للأسلحة الملكية الفرنسية بألوان زاهية، إضافة إلى الزهور والحلي.

2.4 مليون دولار

سجادة ميدالية روتشيلد تبريز فارسية، تعود إلى القرن السابع عشر، وبيعت بـ 2.4 مليون دولار، وسُرقت من عائلة روتشيلد النمساوية خلال الحرب العالمية الثانية، وأعادتها الحكومة النمساوية إلى العائلة عام 1999. وعُرضت بمزاد عام 2008 إلى جانب مقتنيات ثمينة أخرى للعائلة من عصور مختلفة.

400 دولار

أما في مصر فهناك قريتان تعدان من قلاع صناعة السجاد اليدوي في العالم، قرية "ساقية أبو شعرة" بمحافظة المنوفية، وقرية "كرداسة" بمحافظة الجيزة. ومقارنةً بأسعار السجاد الفاخر في العالم يعد ما تنتجه هاتان القريتان رخيصاً جداً؛ حيث لا يتجاوز سعر المتر 20 ألف جنيه؛ أي نحو 400 دولار أمريكي فقط، وتتباين الأسعار حسب الخامة المستخدمة؛ فالحرير يكون الأعلى تكلفة والأغلى ويتراوح بين 18 و20 ألف جنيه للمتر، والسياح هم أكثر المشترين، يليهم تجار حي خان الخليلي بالقاهرة – مقصد السياح - والمناطق الأثرية.