نجح المواطن أحمد الحفيتي أحد أبناء إمارة الفجيرة في زراعة الكاكاو، ليحول مقولة «الكاكاو يزرع في دولة الإمارات» إلى حقيقة، بعد أن كانت قبل عقود قريبة ضرباً من الخيال الذي يستحيل تصديقه، وذلك لكون الإمارات تشتهر بمناخها الصحراوي الحار والجاف، ومناخها ليس بيئة مثالية لزراعة الكاكاو، الذي يحتاج إلى بيئة استوائية رطبة ودافئة.
ونجاح زراعة شجرة الكاكاو، التي تعد المكون الرئيسي لإنتاج الشوكولاته، تجربة رائدة تعكس قدرة المزارع المواطن على الابتكار والتجديد في مجال الزراعة، وتسهم في تعزيز جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من معظم المنتجات الزراعية.
وجهة سياحية
تطورت فكرة المزرعة بشكل متسارع حتى غدت مزرعة الكاكاو في مشتل وادي دفتا في الفجيرة وجهة سياحية خضراء، تستقطب الزوار للوقوف على جمال هذه التجربة النابضة بالتحدي، والتي نجحت في زراعة 1000 شتلة من الكاكاو العام الماضي تم بيعها بالكامل، كما تم استيراد ثلاثة أنواع من أجود أنواع ثمار الكاكاو في العالم من أوغندا، بحيث سيتم زراعة ما يقارب 5000 شتلة الموسم المقبل.
وفي ظل دعم دولة الإمارات للكفاءات الريادية في شتى المجالات تم الاحتفاء بإنجازات الحفيتي في زراعة الكاكاو، وغيره من النباتات الاستوائية، ونال جائزة أفضل مؤثر محلي في مجال الزراعة، التي قدمتها «جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي» في مارس 2024.
نموذج ناجح
ويأتي تسليط الضوء على هذا النموذج الزراعي الناجح لزراعة الكاكاو بطرق مستدامة تتحدى الظروف الصحراوية الجافة، ضمن حملة «أجمل شتاء في العالم» في نسختها الخامسة، التي انطلقت تحت شعار «السياحة الخضراء»، بالتعاون بين وزارة الاقتصاد والمركز الزراعي الوطني والهيئات السياحية المحلية في الدولة، بهدف تشجيع المشاركة المجتمعية في الممارسات الزراعية المستدامة.
وتحفيز الزيارات السياحية إلى هذه المزارع والمشاريع الزراعية المستدامة، وذلك في إطار استراتيجية السياحة الداخلية في دولة الإمارات، الهادفة إلى تطوير منظومة سياحية تكاملية على مستوى الدولة.
وتبرز أهمية هذه المبادرة الزراعية المستدامة لزراعة الكاكاو، بسبب عدم حاجتها إلى محميات مكلفة، أو صرف مبالغ مالية على العناية بها عبر أنظمة التبريد، بحيث تم الاكتفاء بوضعها في منطقة مظللة بشبك الظل الزراعي «الروكلين».
كما وفرت التربة الطينية في الفجيرة والمناخ الرطب بيئة مثالية لزراعة الكاكاو، حيث تحتاج أشجار الكاكاو الصغيرة إلى تظليل مناسب للنمو،والحفاظ على الحيوية، مع العلم بأن شتلة الكاكاو تنمو بسرعة وتصبح جاهزة للبيع في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر.
خبرات متراكمة
ونتيجة الخبرة المتراكمة وجد القائمون على المزرعة أن زراعة شجرة الكاكاو بالبذور أفضل من أي طريقة أخرى، لأنها تتأقلم تدريجياً مع طبيعة البيئة المزروعة فيها، وعلى الرغم من أنها تحتاج إلى ثلاث سنوات لإنتاج ثمارها فإن توفير الظل يعتبر عاملاً أساسياً في حمايتها، خلال فترة نموها وإنتاجها.
هذه الجهود الإماراتية الرائدة تشير إلى المهارة الكبيرة في استغلال الموارد والظروف المناخية في الدولة لتطوير مساحة خضراء غنية بالتنوع البيولوجي، تكون بمثابة نموذج عالمي في الحفاظ على الأنواع النباتية، وتوفير تجربة تعليمية وترفيهية للزوار.