من "السيوف" إلى "القيامة".. لماذا غير نتانياهو اسم الحرب؟

بنيامين نتانياهو
بنيامين نتانياهو

 

بحلول الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، اقترح رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تغيير اسم الحرب المندلعة منذ عام في قطاع غزة مع حركة حماس من "السيوف الحديدية" إلى اسم آخر ذي بعدين، ديني وعسكري، وهو "حرب القيامة"، ويدور المعنى كذلك حول الإحياء والنهوض والبعث.

فهل يعني تغيير الاسم تغيراً موازياً في طبيعة الحرب وطريقة خوضها؟

وقدم نتنياهو الاقتراح خلال اجتماع خاص لمجلس الوزراء لإحياء الذكرى السنوية الأولى لأحداث 7 أكتوبر، عندما قادت حماس هجوماً على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص، وأسر 251 رهينة في قطاع غزة.

ووفقاً لصحيفة تايمز أوف إسرائيل قال نتانياهو: "هذه هي حرب وجودنا، وأريد تسميتها رسمياً (حرب القيامة)". واجه المقترح اعتراضاً، بحجة أنه يستدعي الاسم العبري لما يسمى حرب الاستقلال عام 1948 التي أعقبت تأسيس دولة إسرائيل.

كما واجه مقترح نتانياهو انتقاداً لاذعاً من زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لابيد، والذي كتب على منصة "إكس": "لن يكون هناك إحياء حتى يعود جميع المختطفين والنازحين إلى منازلهم.. يمكنك تغيير أكبر عدد تريده من الأسماء؛ لن تغير حقيقة أن أسوأ كارثة منذ تأسيس الدولة حدثت لشعب إسرائيل أثناء ولايتك.. هذه الحكومة ليست حكومة إحياء، بل هي حكومة خطيئة".

وأعلن الجيش عن اسم "السيوف الحديدية" بعد وقت قصير من إعلان نتنياهو أن إسرائيل في حالة حرب، لصد هجوم حماس المباغت.

للاسم الذي اختاره نتانياهو دلالات عميقة في فكر الرجل الذي يصر على عدم التراجع، ولو كلف ذلك حرباً إقليمية، في ظل حديثه عن لحظات حاسمة في تاريخ إسرائيل.. كما أنه يعكس تداخل الدين بالسياسة في خطاب القيادة الإسرائيلية، حيث تُعتبر القضايا الأمنية جزءاً من الهوية الوطنية والدينية، حيث يمكن أن يحفز اسم "حرب القيامة" من الشعور بالمسؤولية الدينية والوطنية لدى الإسرائيليين ليلتفوا خلف نتانياهو كقائد يخوض حرباً مقدسة لا تخضع قراراته فيها للتشكيك.

يحيل الاسم كذلك في سياقات الأديان السماوية إلى فكرة البعث بعد الموت ويوم القيامة، ما يجعله وقعه أقوى واستيعابه أسهل وأوسع، كما تحمل "القيامة" في التراث اليهودي معاني الخلاص والتحرير، والتي استدعاها نتانياهو للتشديد على فكرة أنها معركة كبرى من أجل بقاء الشعب اليهودي.

مقترحات متعددة

ذكرت الإذاعة الإسرائيلية في ديسمبر من العام الماضي، أن نتنياهو بحث عن عناوين بديلة مختلفة للحرب، منها "حرب التكوين" و"حرب سيمهات توراه".. وساق عذره بأن "السيوف الحديدية" يناسب عملية محدودة لا حرباً شاملة كالتي تخوضها إسرائيل، وحسب الإذاعة فضل نتانياهو اسم "حرب التكوين"، و"سيمهات توراه" هو نهاية الدورة السنوية لقراءة التوراة وبداية قراءة سفر التكوين.

ودأبت إسرائيل على تسمية عملياتها العسكرية بأسماء من قبيل: "حارس الأسوار" في مايو 2021 أو "الجرف الصامد" في عام 2014، أما الحروب المعترف بها رسمياً فأخذت أسماء أكثر وضوحًا، مثل "حرب الأيام الستة" في عام 1967، و"حرب يوم الغفران" في عام 1973، و"حرب لبنان الثانية" في عام 2006.

عموماً، يعكس المقترح رغبة نتانياهو الواضحة في تجديد الهوية الاستراتيجية للصراع وإضفاء بعد روحاني عليه، يطمع أن يؤثر في طريقة التعاطي معه على المستوى الداخلي والدولي. وقد يُفهم هذا المقترح الجديد على أنه تعبير عن صمود إسرائيل ورغبتها في إعادة بناء نفسها بعد أن آلمتها حماس بهجومها المفاجئ.. لكن يبقى السؤال حول ما إذا كان هذا التغيير سيترافق مع تبدل حقيقي في الاستراتيجيات العسكرية والسياسية المستخدمة، وهو ما ستجلِّيه ليالي الحرب المقبلة.