عام على حرب غزة... صمود تحت الركام

تقف غزة على حافة أسئلة مروعة، تتطاير على تخوم العام الأول للحرب الطاحنة التي تدور رحاها على أراضي القطاع، بعد ما سمّي بـ «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، وذلك في أعتى الحروب التي شهدها الفلسطينيون منذ عام 1948.

وشكلت المجاعة ومشاهد النزوح أعلى موجاتها، فضلاً عن الأعداد الهائلة للضحايا، لكن سكان غزة لا يزالون صامدين وسط الركام والدمار.

ما بدت قبل سنة حرباً خاطفة وعاصفة، والتي كان ينتظر الجميع توقفها في أي لحظة، ها هي تنهي عامها الأول دون بوادر حقيقية لنهاية فعلية لهذا الكابوس، فالحرب دمرت غزة، وأضعفت «حماس»، لكن إسرائيل لم تحقق أهدافها العسكرية المعلنة، وهي القضاء كلياً على حركة «حماس، وتفكيك بنيتها التحتية، وإطلاق سراح كل الرهائن المحتجزين، بل قامت بتصفية عدد من قادة الحركة، فيما لا يبدو ثمة أفق لانتهاء الحرب، رغم الحديث المطول الذي يمتد لشهور حول تهدئة مرتقبة.

إخماد رياح الحرب

رياح الحرب هبت، ولم تجد من يخمدها. ما زالت إسرائيل تراوح مكانها من دون إنجازات استراتيجية يمكن التعويل عليها لحسم اتجاه ما يوصف بأنه اليوم التالي للحرب.

بالرغم من الهوة الهائلة في ميزان القوى بين طرفي المواجهة، حيث قتل أكثر من 42 ألف شخص في غزة، وأصيب ما يقرب من 97 ألفاً أغلبهم من الأطفال والنساء، وما لا يقل أيضاً عن 742 قتلتهم إسرائيل في الضفة الغربية، بينهم أطفال ونساء منذ بداية الحرب، فضلاً عن 6000 جريح، فيما قتل ما يقارب 1200 إسرائيلي غالبيتهم من الجنود.

سلاح التجويع

الحرب التي تشنّها إسرائيل في غزة سارية دون هوادة، وفق مخططات معدّة سلفاً، لم تترك إسرائيل خلالها أسلوباً من أساليب التدمير والتهجير إلا مارسته بحق 2.4 مليون فلسطيني وممتلكاتهم والبنية التحتية في القطاع، حيث دمرتها بشكل شبه كامل، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة، فضلاً عن سلاح التجويع.

والضّرر الذي أحدثته إسرائيل في القطاع غير قابل للإصلاح ولا رجعة عنه، لا على المستوى الإنساني، ولا على المستوى المادي، فليس هناك تواقيت لتبادل الأسرى، ولا إعادة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال، ولكن يجب التنبيه إلى أن تل أبيب غير قادرة على المضيّ في حربٍ لا نهاية لها.

فهذا أمر لا طاقة للمُجتمع الإسرائيلي به، لا سيما بعد الدخول في جبهة لبنان.

معاناة مستمرة

وما يزيد من معاناة سكان غزة واستمرار الحرب هو المماطلة في وقف إطلاق نار دائم وشامل، سعت إليه جميع المبادرات الدبلوماسية العربية والدولية لوضع حد للحرب على غزة، التي قدمتها دول عربية وغربية وكشفتها زيارات المسؤولين الغربيين للمنطقة (وزراء خارجية إيطاليا وألمانيا وفرنسا) والأمين العام للأمم المتحدة، واجتماع باريس الذي ضم سبعة وزراء خارجية، وممثلاً عن الاتحاد الأوروبي، وتوافق خمسة رؤساء دول وحكومات (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا وإيطاليا) لمزيد من الضغوط لوقف الحرب، ناهيك عن بيانات مجلس الأمن الدولي.