ينتظر لبنان وقفاً للنار، ما زال يتأرجح على حِبال الشروط بين «حزب الله» وإسرائيل والزيارات الأمريكية المكّوكيّة، على أمل أن تحمل الساعات المقبلة النبأ اليقين له، إذا ما اقترنت الأجواء الإيجابية التي تمّ تعميمها بوقائع الميدان السياسية مع النتائج التي ستخرج بها مفاوضات المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين في إقناع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بضرورة السير فيه تمهيداً لتطبيق القرار الدولي 1701.
وفي حين أكد «حزب الله» أن المفاوضات «ستجري تحت سقفين» هما وقف الهجوم وحفظ السيادة اللبنانية، تتمسك إسرائيل بشروطها قبل الموافقة على أي اتفاق.
وكشفت «القناة 13 الإسرائيلية»، عن بعض تفاصيل مسودة مسربة لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، تشمل منح الجيش الإسرائيلي مهلة 60 يوماً لاستكمال انسحابه من جنوب لبنان بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ والتزام الطرفين بتنفيذ قراري مجلس الأمن 1559 و1701.
وأوضحت أن الاتفاق يتضمن ملحقاً إضافياً بين إسرائيل والولايات المتحدة، يقدم ضمانات أمريكية بشأن دعم حرية العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان للرد على تهديدات فورية أو انتهاك للاتفاق، وتشير المسودة إلى أن الجيش اللبناني سينتشر في جميع المعابر البرية والبحرية، سواء الرسمية منها أو غير الرسمية، مع إنشاء لجنة خاصة تحت قيادة الولايات المتحدة للإشراف على الانتهاكات المحتملة للاتفاق.
ووسط أجواء التفاؤل الحذر والمشروط، وهو الوصف الوحيد للحركة الدبلوماسية الناشطة التي يقوم بها المبعوث الأمريكي إلى تلّ أبيب، فإن ثمّة كلاماً عن أن النتيجة غير مضمونة حتى الآن، إذ إن الجانب اللبناني، ممثلاً برئيس مجلس النواب نبيه بري، ومن ورائه «حزب الله»، وضع ملاحظات على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار، وحمّلها إلى هوكشتاين، الذي حملها بدوره إلى الجانب الإسرائيلي.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن هوكشتاين عقد مباحثات «بناءة» في إسرائيل بعد وصوله قادماً من لبنان، حيث أكد إحراز تقدم في المفاوضات، وفي حين أكد «حزب الله» أن المفاوضات «ستجري تحت سقفين» هما وقف الهجوم وحفظ السيادة اللبنانية، تتمسك إسرائيل بشروطها قبل الموافقة على أي اتفاق.
من جهته، قال مسؤول لبناني كبير، أمس، إن لبنان يسعى إلى إدخال تعديلات على مقترح أمريكي من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان.
وتشير التعديلات التي يسعى لبنان إلى إدخالها إلى أن هوكشتاين لا يزال يتعين عليه بذل جهود من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار الذي قال إنه «في متناول أيدينا» خلال زيارة إلى بيروت الثلاثاء. ولم ترد في السابق تقارير عن تفاصيل الاتفاق.
وذكر المسؤول اللبناني لـ«رويترز» أن «الطرف اللبناني يشدد على ضرورة الانسحاب فوراً بعد إعلان وقف إطلاق النار لكي يتسنى للجيش اللبناني أن ينتشر في كل المناطق، ولكي يسمح للنازحين بالعودة فوراً (إلى ديارهم)». وأضاف المسؤول أن موقف إسرائيل هو الانسحاب في غضون 60 يوماً من إعلان الهدنة.
صمت إسرائيلي
وعلى وقع هذه الأجواء، أجمعت مصادر سياسية مطلعة لـ«البيان» على وجود ثلاثيّة تختصر المشهد العام للمفاوضات الجارية: تفاؤل أمريكي كبير، عبّر عنه المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر، الذي أعلن أن الاتفاق على إنهاء الصراع «بات في متناول اليد»، إيجابية لبنانية واضحة، أظهرتها في الساعات الأخيرة تصريحات مسؤولين لبنانيين وصمت إسرائيلي مريب، يُلمس من امتناع نتنياهو عن التعليق.
وعليه، يعيش لبنان ترقباً حذراً إزاء ما ستؤول إليه المفاوضات بين نتانياهو وهوكشتاين، وقال مصدر: «قد نذهب إلى سيناريوهات أكثر سوءاً»، في حين كشف مصدر مطّلع على مجريات المفاوضات لـ«البيان» أن ثمّة إرادة قوية وواضحة وحازمة لدى الجانب الأمريكي لإقناع الجانب الإسرائيلي من خلال زيارة المبعوث الأمريكي لتل أبيب بالمقترح. وعلى ضوء ما تحدث عنه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، فإمّا أن نكون أمام أيام حاسمة إيجابية و«تنتهي الحرب»، أو يرفض نتنياهو التوصل إلى اتفاق يوقف النار وينهي الحرب.
ميدانياً، أكد قائد الجيش اللبناني جوزف عون، أمس، أن قواته منتشرة في جنوب البلاد ولن تتركه، فهو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 9 قتلى و65 جريحاً، جراء غارات إسرائيلية على عدة بلدات بقضاء صور جنوب البلاد.