الترقّب سيد الموقف وخلافات تعترض الحل

تزامناً مع حلول الذكرى الـ81 لاستقلاله، وهو مزنر بالبارود والنار، لا يزال لبنان يعيش ترقباً في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأمريكي، آموس هوكشتاين الذي غادر تل أبيب إلى واشنطن.

ولم يسجل جديد المفاوضات، أي تقدم بعد الاجتماعات الماراثونية التي عقدها الموفد الأمريكي في تل أبيب، باستثناء بعض الأجواء الإيجابية التي يعيشها الإعلام الإسرائيلي، في حين تردد أن الخلاف الأساسي في المقترح الأمريكي للتهدئة بين لبنان وإسرائيل، يتمحور حول عضوية فريق مراقبة تنفيذ الاتفاق.

بالتزامن، أرخى التصعيد العسكري والميداني ظلالاً ثقيلة على مجمل المشهد الداخلي، مع إحياء عيد الاستقلال، وللمرة الثالثة وسط الفراغ الرئاسي، وبالتزامن مع الحرب الجارية. ومع كل العصف الناري الذي لف الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع، فإن عنف الغارات لم يشتت انتباه اللبنانيين عن الأسلاك الدبلوماسية التي يقطعها الموفد الأمريكي في تل أبيب، ولم يبقَ لديهم سوى سؤال واحد: هل نجح آموس هوكشتاين في تل أبيب؟، ومتى سيطل معلناً النتائج؟

وثمة كلام عن أن اجتماعات هوكشتاين غُلّفت بسرية المداولات، ومن علاماتها السالكة أن الموفد الأمريكي أعقب لقاءه المطول مع نتنياهو، باجتماعات مع وزير الدفاع ورئيس الأركان، ما يؤشر، ووفق مصادر مطلعة، إلى أن مقترح وقف إطلاق النار لم يتم رفضه في اللقاء التأسيسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.

أما على المقلب الآخر من الصورة، فاستمرار الحذر من ألا يستجيب نتنياهو للضغوط الأمريكية. وقالت مصادر دبلوماسية لـ «البيان»: «إن الأنباء التي وصلت من واشنطن أكدت وجود تقدم كبير، لكن الأمر يحتاج بعض الوقت، مع إشارتها لتراكم الرسائل والإشارات الدبلوماسية والدولية، سعياً وراء تحقيق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وإلى أن المفاوضات الجارية لا تقتصر على وقف العمليات العسكرية، بل تتعزز بمسار كامل حول إعادة إنتاج السلطة في لبنان وتثبيت ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل».

وفي انتظار ما سيرشح عن لقاءات هوكشتاين رسمياً، لفتت معلومات دبلوماسية مواكبة لمحادثات هوكشتاين في تل أبيب، إلى عدم وجود تسوية قريبة، بسبب وجود العديد من الثغرات التي تشوب النص، وتمسك إسرائيل ببند حرية العمل في لبنان، في حال وقع أي خرق من حزب الله، مع إشارتها إلى أن هناك إمكانية للتوصل إلى بداية تسوية.

ولكن ليس قبل أسبوعين. وعليه، سادت انطباعات لبنانية قاتمة، في الساعات الأخيرة، وسط انتظار مؤشرات الرد الإسرائيلي على مشروع وقف النار الذي حمله هوكشتاين إلى إسرائيل.. ذلك أن الولايات المتحدة وفرنسا سترأسان فريق مراقبة الاتفاق، من دون أي اعتراضات من أي جانب على ذلك، إلا أن إسرائيل تفضل انضمام الدول الأوروبية الجادة إلى فريق مراقبة الاتفاق، بينما يطالب لبنان بإدراج اسم دولة عربية واحدة على الأقل.

خريطة سياسية

وعلى وقع المفاوضات الجارية، أشارت مصادر سياسية متابعة لـ «البيان»، إلى تمسك لبنان بمبدأ انسحاب الإسرائيليين من الجنوب خلال الأسبوع الأول من وقف إطلاق النار، بخلاف ما يطالب به الإسرائيليون، وهو البقاء 60 يوماً، في سبيل التأكد من تفكيك بنية حزب الله العسكرية وسحب الأسلحة إلى شمال نهر الليطاني.

كما لفتت المصادر ذاتها، إلى رفض لبنان أي صيغة يمكنها أن تنتقص من سيادته على معابره ومرافقه الحدودية البرية والبحرية والجوية، بمعنى ألا يكون هناك رقابة دولية على المطار والمرافئ والمعابر. كذلك، رفض لبنان تعزيز أو توسيع صلاحيات لجنة مراقبة آلية تطبيق القرار 1701، بخلاف ما أراد الإسرائيليون أن تتمتع هذه اللجنة بصلاحيات واسعة للتدخل ضد أي تحرك سيقوم به حزب الله في إطار إعادة بناء قواته العسكرية وبناه التحتية.

وترددت معلومات مفادها أن لبنان يسعى إلى إدخال تعديلات على المقترح الأمريكي، من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان، ومنح كلا الفريقين الحق في الدفاع عن النفس.

ويشدد الطرف اللبناني على ضرورة الانسحاب فور إعلان وقف النار لكي يتسنى للجيش اللبناني الانتشار في كل المناطق ولكي يسمح للنازحين بالعودة فوراً إلى ديارهم. علماً أن موقف إسرائيل هو الانسحاب في غضون 60 يوماً من إعلان الهدنة. كما أن المسودة تشير إلى الانسحاب من حدود لبنانية، فيما يريد لبنان الإشارة إلى الحدود اللبنانية لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل وليس بصورة جزئية.