تراجعت فرص نجاح المساعي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، رغم التفاؤل الذي ساد خلال محادثات المسؤولين اللبنانيين مع الموفد الأمريكي عاموس هوكشتاين، حيث أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار، بينما حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من بيروت، من أن لبنان بات «على شفير الانهيار».
شكل التصعيد العسكري الواسع الذي تمثل بالغارات العنيفة على الضاحية الجنوبية والبقاع وبعلبك ومنطقة البسطا في قلب العاصمة بيروت، الرسالة الإسرائيلية الواضحة باستمرار الحرب التي دخلت شهرها الثاني، وتجاوز عدد الضحايا جراء الغارات التي شملت عدداً كبيراً من المناطق اللبنانية، مساء أول من أمس، أكثر من 60، بينهم 20 ضحية في منطقة البسطة، وأكثر من 25 جريحاً وتدمير مبنيين سكنيين.
حزام ناري
وفيما تستمر المواجهات العسكرية على الجبهة الجنوبية لا سيما محوري الخيام في القطاع الشرقي وشمع - البياضة في القطاع الغربي، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي حزاماً نارياً، حيث شن أكثر من غارة على بلدتي شقراء وبرعشيت في قضاء بنت حبيل، ودمر عدداً من المباني والشقق السكنية.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أمس، مقتل أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف إسرائيل مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة.
رسالة دموية
في تعليق منه على ما حدث، رأى ميقاتي أن «استهداف إسرائيل بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب، وسقوط قتلى وجرحى، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا الهجوم المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».
ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.
وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.
بدوره، صعد «حزب الله» من هجماته رداً على قصف بيروت و«الضاحية»، حيث هاجم بـ 340 صاروخاً وبأسراب من المسيّرات أهدافاً في أنحاء عدة من إسرائيل، حيث دوت صفارات الإنذار في 500 موقع.
وأشار الحزب إلى أنه استهدف عدة قواعد عسكرية بينها غليلوت وبلماخيم في ضواحي تل أبيب بصلية من الصواريخ النوعية. كما أعلن استهداف قاعدة أشدود البحرية الإسرائيلية للمرة الأولى بالمسيرات الانقضاضية. وبحسب وسائل إعلام، فإن القاعدة تبعد عن الحدود اللبنانية نحو 150 كلم.
تحذير أوروبي
في الأثناء، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من بيروت، أمس، من أن لبنان بات «على شفير الانهيار». وحث على «وقف فوري» لإطلاق النار.
وتابع المسؤول الأوروبي، عقب لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أن ثمن غياب السلام في الشرق الأوسط «أصبح مرتفعاً جداً»، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701.
وقال في مؤتمر صحفي، إن كلفة غياب السلام في الشرق الأوسط باهظة ولا تحتمل، وإن الصراع في الشرق الأوسط يحمل بعداً دولياً ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى أمامه مكتوف الأيدي.
اغتنام الفرصة
ووسط هذه التطورات، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس، اللبنانيين والإسرائيليين إلى اغتنام «فرصة» سانحة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وقال بارو لقناة «فرانس 3»: «هناك فرصة سانحة وأدعو جميع الأطراف إلى اغتنامها».
وتتماشى تصريحاته مع تلك التي أدلى بها هوكشتاين وتحدث فيها عن «مزيد من التقدم» نحو التوصل إلى هدنة خلال جولة قام بها في لبنان وإسرائيل هذا الأسبوع، لكن باريس لم تعلق رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى هوكشتاين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله».