«الليطاني» و«الخط الأزرق» يرسمان معالم اتفاق الهدنة

في الوقت الذي استمرت فيه العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، شهدت الساعات الأخيرة غارات عنيفة على خطوط النار، ومعها بات لبنان على «المسافة صفر» من تلقّي النبأ عبر الولايات المتحدة، عن بدء سريان الاتفاق.

وفي المسار المفترض لهذا الإعلان، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ترأس أمس اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغر، صادق فيه على اتفاق التسوية في الشمال، ومع ساعات ما بعد الظهر تم الإعلان رسمياً عن الاتفاق.

لكن البيت الأبيض، الذي أبلغ الصحافيين بالاستعداد لهذا الحدث، قائلاً: «لن يكون هناك إعلان من الرئيسين جو بايدن، وإيمانويل ماكرون، عن وقف إطلاق النار، إنما فور التوصل إلى اتفاق».

مع الإشارة هنا إلى أن قرار وقف إطلاق النار الذي أعلنت إسرائيل موافقتها عليه، صاغه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، وينص على مهلة 60 يوماً كي يجري إنجاز ترتيبات صارمة لتنفيذ القرار 1701 في الجنوب، تؤدي لإنهاء وجود حزب الله عسكرياً جنوب الليطاني.

في المقابل، أفادت معلومات «البيان» من مصادر دبلوماسية، بأن جوهر الاتفاق هو الآتي: لا سلاح ولا تواجد عسكرياً لحزب الله جنوب الليطاني، لجنة المراقبة يرأسها جنرال أمريكي، فيما سيكون الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في نهاية الـ 60 يوماً إلى ما بعد الخط الأزرق.

وحتى لحظة اعتلاء من يقرره المعنيون باتفاق وقف إطلاق النار المنبر، لإعلان النبأ القاضي بسريان الهدنة بين إسرائيل وحزب الله ظرفياً، في انتظار ما ستفرزه الأيام المقبلة بحثاً عن تسوية مستدامة، فإن ثمة إجماعاً على أن الحذر يبقى واجباً، من دون أن يعني ذلك نسفاً لمنسوب التفاؤل العالي بقرب بلوغ اللحظة اليوم، وفق التقديرات.

ووفق تأكيد مصادر سياسية متابعة لـ «البيان»، فإن كل الأجواء تشي ببلوغ المربع الأخير، إذ إن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر اجتمع ومرر نتنياهو من خلاله الاتفاق من دون اعتراضات واسعة، فيما يعقد مجلس الوزراء اللبناني جلسة صباح اليوم، مخصصة مبدئياً لإعلان وقف النار.

وما بين المشهدين، تفيد المعلومات أن بياناً أمريكياً - فرنسياً مشتركاً سيعلن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إنْ لم يطرأ طارئ ما.

علماً أن إسرائيل أبت، أمس، بلوغ اللحظة إلا وقد نسفت المساحة الأوسع من ضاحية بيروت الجنوبية بمختلف مناطقها، من خلال تنفيذها عشرات الغارات المتزامنة، إلى جانب استهدافها مناطق عدة في الجنوب والبقاع، دون سابق إنذار.

إبلاغ رسمي

وعلى الرغم من التزام القيادات اللبنانية الصمت التزاماً بسياسة الحذر، فإن مصادر سياسية قالت لـ «البيان»، إن لبنان أبلغ رسمياً بالاتفاق عبر قنوات دبلوماسية أمريكية، كاشفة عن زيارة قام بها ضباط عسكريون أمريكيون إلى بيروت، بالتزامن مع زيارة وكيل وزارة الدفاع الأمريكية إلى تل أبيب.

أما على المقلب المكمل لهذه الصورة، فترددت معلومات مفادها أن وقف إطلاق النار سيتم إعلانه خلال ساعات، فيما أكد زوار الرئيس نبيه بري لـ «البيان»، أن الأجواء إيجابية، وأن الاتفاق متوقع خلال الساعات القليلة المقبلة.. وهذا ما عكسته تصريحات البيت الأبيض، قبل يومين بأن مباحثاث الموفد الأمريكي، عاموس هوكشتاين، بشأن وقف إطلاق النار إيجابية، وبناءة، ونسير في الاتجاه الصحيح نحو التسوية.

نصاب ثلثين

في الأثناء، بدأت دوائر السرايا الحكومية اتصالات لتأمين نصاب جلسة مجلس الوزراء، اليوم، بمجرد إعلان وقف النار، لكون المجلس سيوافق رسمياً على بنوده وبنصاب الثلثين.

وحال صحت التوقعات، واقترن التفاؤل الكبير بوقف النار بنتائج ملموسة في الساعات المقبلة، يكون لبنان عملياً أمام مرحلة جديدة بالكامل، تكاد توازي في أهميتها، تلك التي بدأت بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، أو بعد حرب تموز 2006.

فأي اتفاق سيتم الإعلان عنه، وفق تأكيد مصادر رسمية لـ «البيان»، سيتضمن في النهاية خروجاً للجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وانتشاراً معززاً للجيش اللبناني والقوات الدولية اليونيفيل جنوب الليطاني، مع فتح الباب جدياً أمام النقاش في تحديد النقاط الحدودية.